تشهد دمشق لحظات مصيرية حالياً تدفع بها إلى حالة من الحسم لتقرير مستقبلها في مواجهة طغيان النظام، وإصرار الشعب على التغيير السياسي بشكل راديكالي. مقابل هذا المشهد المتسارع يترقب الرأي العام البحريني الأحداث في الأراضي السورية بشغف واهتمام مفرط في بعض الأحيان؛ لماذا؟
اتجاه لدى الرأي العام نفسه يرى أن سقوط النظام السوري الحاكم الآن يعني سقوط النظام الإيراني وسقوط حزب الله اللبناني وسقوط جمعية الوفاق في البحرين باعتبارها جميعاً منظومة واحدة من الناحية الأيديولوجية ومن حيث المصالح السياسية. طبعاً هذا الاتجاه مبالغ فيه بشكل كبير، فلا يمكن اعتبار سقوط النظام السوري سقوطاً لهذه الأطراف الأخرى.
هناك من يستمتع كثيراً عندما يتم إقران سقوط النظام السوري بالأنظمة الأخرى المجاورة أو تحديداً الأطراف المعادية لبلدان مجلس التعاون الخليجي ومن بينها البحرين، ولكن هذا الاستمتاع مبالغ فيه. فسقوط دمشق المتوقع قريباً لن ينهي تدخلات طهران في شؤون دول الخليج، وشؤون المنامة على وجه الخصوص، بل قد يكون بداية نحو حالة جديدة من الصراع بين هذه الأطراف، حيث يؤدي سقوط النظام السوري المتحالف مع طهران إلى عدة خيارات:
الخيار الأول: يقوم على سعي طهران نحو السيطرة على تفاعلات النظام السياسي السوري الجديد بعد مرحلة سقوط النظام على غرار السيناريو العراقي، ويرتبط بذلك تقاعس خليجي ـ عربي عن الحفاظ على التوازنات الإقليمية في المنطقة من خلال دعم النظام السياسي السوري الجديد وعدم محاولة ملء الفراغ السياسي بالتحالف مع دمشق الجديدة.
الخيار الثاني: يقوم على إشعال صراعات إقليمية ـ داخلية في محور يمتد من دول مجلس التعاون الخليجي مروراً بالأردن ولبنان ووصولاً إلى سوريا، فالمجال قد يكون متاحاً لطهران لاستخدام خلاياها في هذه الدول لإشعال صراعات جديدة، ولكن هذا الخيار مكلف لأنه يفتح المجال أمام ضغوطات دولية قد تصل إلى درجة التدخلات المباشرة في شؤون المنطقة بشكل علني. كما إن استخدام مثل هذا الخيار يعني زيادة حالة العداء الإقليمي تجاه طهران، وبالتالي ستكون إيران دولة منبوذة دولياً وإقليمياً أكثر من أي وقت مضى.
الخيار الثالث: تنامي شعور طهران بالخوف أكثر فأكثر بسبب التطورات الإقليمية والضغوطات الدولية المتزايدة، وبالتالي تضطر إلى البحث عن خيارات أخرى غير تقليدية كما هو الحال بالنسبة لخيار إغلاق مضيق هرمز، أو الإعلان عن امتلاك القدرة النووية، وهو ما يغيّر حتماً موازين القوى في المنطقة.
أمام هذه الخيارات لدى دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية الرئيسة عدة خيارات أيضاً سنبحثها غداً.