يعتقد البعض أن حجة «المعارضة» أقوى وأن «بضاعتهم» قابلة للترويج في الخارج على العكس من حجة و»بضاعة» الحكومة التي لا تجد قبولاً هناك، لأنها ضعيفة وأن ضعفها لا يعين مروجيها على القيام بمهمتهم وتحقيق النجاح، بينما يعتقد بعض آخر أن نتيجة المنافسة بين ممثلي الفريقين في الخارج محسومة دائماً لصالح «المعارضة» لأنهم «على حق والعالم يثق في ما يقولونه»، وبالتالي يتعاطفون مع «مظلوميتهم» بينما تظل الثقة في السلطة ضعيفة دائماً وكلامها مشكوك في صحته، وبالتالي لا تحصل «بضاعتها» على من يشتريها ويجد مروجها صعوبة في أداء مهمته. هذا الكلام في جزء منه صحيح؛ لكن ليس كله كذلك، فالقول إن قدرة «المعارضة» على ترويج بضاعتها في الخارج أكبر قول صحيح بنسبة 100%، ولكن ليس لأن بضاعتها أكثر جودة وأكثر صدقاً؛ إنما لأن مروجي بضاعة الحكومة هناك دون القدرة على الترويج بسبب قلة الخبرة ولتقصير الحكومة في هذا الجانب وعدم التفاتها طويلاً إليه ولأسباب أخرى تتعلق بطبيعة الناس هناك، والذين ظلوا طويلاً يسمعون من جانب واحد في ظل غياب واضح لرأي الجانب الآخر.
لعل من الأسباب أيضاً قدرة «المعارضة» على تضخيم الأمور والمبالغة في تقديم الروايات واستفادتها من مجموعة الفضائيات التي تشاركها في عملية التضخيم تلك وفي بيان «المظلومية» تتقدمها بالطبع السوسة الإيرانية التي تردح على مدار الساعة وتضخم الأمور و»تعمل من الحبة قبة»، على قول إخواننا المصريين، الذين صار بعضهم يشتري بضاعة المعارضة حتى دون أن يتأكد من تاريخ صلاحيتها. يقابل كل هذا عدم اهتمام الحكومة بالرد وتوضيح الأمور في معظم الأحيان، وهو ما يفسره البعض على أنه ضعف أو هروب، في الوقت الذي تمتلك فيه من الحجة ما يمكن أن تحرج به المعارضة وتجرحها.
ما يصل «المستهلك» هناك غالباً يعبر عن وجهة نظر طرف واحد صار يمتلك الخبرة ويعرف نفسية ذلك المستهلك وصارت لديه القدرة على ترويج بضاعته مستفيداً من كل الأدوات المتاحة ومن معرفته بقوانين تلك البلدان، وهو ما يعني أنه صار يعرف من أين يدخل عليهم، بينما ظلت وجهة نظر الآخر «الحكومة» غائبة في معظم الأحيان وغير منافسة، ما أدى إلى الاعتقاد أنها ضعيفة ودون القدرة على الإقناع؛ بل إن «المعارضة» استفادت من ذلك الحال بالقول إنه ليس لدى الحكومة ما يمكن أن تقوله وتدافع به عن نفسها لأنها ليست على حق وإن لديها هي -المعارضة- الحجة البالغة.
هذا الوضع ينبغي دراسته جيداً، خصوصاً في العواصم المؤثرة التي تستفيد منها المعارضة وتحقق فيها عادة الغلبة، وبصراحة لا يكفي أن يكون للدولة ملحقون إعلاميون في تلك العواصم، كما ينبغي انتقاء الملحقين بشكل دقيق وتدريبهم وعدم اعتمادهم لأسباب تتعلق بالأقدمية أو غيرها، ذلك أن على الملحق الإعلامي دوراً ملخصه أن ينتصر على حجة المعارضة، خصوصاً وأن الحجة التي في يده قوية.
ليس صحيحاً أبداً أن الحكومة دون أن تحقق انتصاراً على المعارضة في الخارج، وليس صحيحاً أن بضاعتها كاسدة، كل ما في الأمر هو أن الحكومة تركت تلك الساحة لفترة من الزمن ولم تهتم بها لأسباب تتعلق بحسن النية، لكن آن الأوان كي تتحرك في تلك الساحة وتفضح حجج المعارضة أو على الأقل تسعى إلى توفير بضاعتها إلى جانب بضاعة المعارضة وتترك القرار للمستهلك هناك، المستهلك الذي سيفاجأ بجودة هذه البضاعة وسيفاجأ أيضاً أنه ظل طويلاً يشتري بضاعة مغشوشة!
إن تحركاً في الداخل والخارج عبر توفير المعلومة ومقارعة الحجة بالحجة من شأنه أن يغير كثيراً من القناعات ويفضح الكثير من «المظلوميات».
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90