الحياة أقوى من الموت؛ هكذا تعلمنا حكمة التاريخ وقصص الأمم، الأساطير والحكايات والقصص الواقعية عن القوة الروحية الهائلة التي يمتلكها الإنسان في أي بقعة من بقع العالم، وهكذا نرى أنفسنا، نردد دون توقف ودون كلل أو ملل قوله تعالى (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي).
إن قوة الحياة التي منحنا إياها سبحانه وتعالى من القوى غير المدركة للإنسان العادي المادي، لأنها قوة إلهية غير مرئية، لا تستطيع أن تفسرها العقول التي لا تستطيع أن تتجاوز الحواس الخمس. بقدر ما تحتاج إلى بصيرة لا يملكها إلا القلة النادرة في كل العصور والأزمان.
قبل أيام قليلة فقط قرأت بالصدفة وأنا أتصفح موقع الحوار المتمدن قصة حقيقية حدثت أثناء زلزال اليابان، تقول القصة إنه بعد انتهاء الزلزال، وعندما وصل رجال الإنقاذ لأنقاض منزل امرأة شابة، رأوا جسدها الميت من خلال الشقوق، لكن وضع جسمها كان غريب، فهي راكعة على ركبتيها وكأنها شخص يسجد، جسدها كان يميل إلى الأمام وقد انهار المنزل عليها وسحق ظهرها ورأسها.
مع وجود صعوبات، وضع قائد الفريق المنقذ يده عبر فجوة ضيقة في الجدار للوصول لجسم المرأة، كان يأمل أن تكون هذه المرأة لا تزال على قيد الحياة، ومع ذلك، أوضح جسمها البارد أنها قد ماتت بلا شك، غادر أعضاء الفريق هذا المنزل وكانوا في طريقهم للبحث في منزل آخر مجاور، ولسبب ما أحس قائد الفريق بضرورة ملحة للعودة إلى المنزل المنهار حيث المرأة الميتة مرة أخرى وهي ساجدة للأسفل، أدخل رأسه من خلال الشقوق الضيقة للبحث في مساحة صغيرة تحت الجثة هامدة، وفجأة صرخ “طفل! هناك طفل!”.
عمل الفريق بأكمله معاً بعناية، أزالوا أكوام من الدمار حول المرأة الميتة، كان هناك صبي عمره 3 أشهر ملفوفاً في بطانية تحت جثة والدته، من الواضح أن المرأة قامت بتضحية من أجل إنقاذ ابنها، عندما بدأ بيتها بالسقوط جعلت جسدها غطاء لحماية ابنها وظلت معه حتى ماتت، كان الصبي الصغير لايزال نائماً عندما وصل قائد الفريق وحمله، جاء طبيب بسرعة لفحص الصبي الصغير، بعد أن فتح الغطاء رأى أن هناك هاتف محمول داخل البطانية، كان هناك نص الرسالة التي تظهر على الشاشة تقول: “إذا كنت تستطيع البقاء على قيد الحياة، يجب أن تتذكر أنني أحبك”.
بكى أعضاء الفريق عند قراءة الرسالة؛ “إذا كنت تستطيع البقاء على قيد الحياة، يجب أن تتذكر أنني أحبك”، هذا هو حب الأم لطفلها!.
ومن خلال متابعتنا لما تطرحه العقول ذات القلوب المبصرة نرى ما يؤكده المفسرون بالقول في تأويل قوله تعالى: (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون) (19).
إن الله سبحانه وتعالى الذي يخرج الحي من الميت، وهو الإنسان الحي من الماء الميت، ويخرج الماء الميت من الإنسان الحي (ويحيي الأرض بعد موتها) فينبتها، ويخرج زرعها بعد خرابها وجدوبها (وكذلك تخرجون).
إن قوة الحياة التي يبثها الله في مخلوقه هي قوة هائلة قادرة على منح الحياة للآخرين، وما صورة المرأة الراكعة إلا واحدة من المعجزات التي علينا أن نتعلم منها المعنى الأساس لوجود الإنسان، وهي العبادة وأعمار الأرض.
وفي شهر رمضان الكريم هذا، علينا أن نشكر الله على نعمته في خلقنا، ونواصل تقديم الخدمة، محتسبين الأجر من رب السموات والأرض، وهو خير المحسنين.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90