تعتقد الدكتورة أولغا مشانسكايا، عالمة النفس الروسيّة المختصّة في الشؤون الأُسرية، أن أي امرأة عاملة تحلم بأن تكون ربة بيت لا تحتاج إلى “الهرولة” للعمل كل صباح، وفي المقابل ترى “ست البيت” أن العمل المكتبي سيعينها على الاختباء بعيداً عن أدوات الطبخ والتنظيف.
إن المرأة العاملة، تمتلك تقديراً عالياً لذاتها، خصوصاً إذا كانت تتسنّم منصباً رفيعاً وتتقاضى أجراً محترماً، ولهذا لن يلومها أحد على عدم تأديّة الأعمال المنزلية، ناهيك أنها قد تكون راضية تماماً عن عملها، وتؤديه بكفاءةٍ، ولديها عدد كبير من زملاء المهنة والعملاء.
غير أن هناك الجانب السلبي للموضوع، فقد تنشأ بين الحين والآخر مناوشات مع رئيس العمل، وكذلك مع الموظفين؛ وإضافة إلى ذلك، لابدّ من الاستيقاظ مبكراً، والرجوع في وقت متأخر من اليوم، وهذا يعني أن المرأة تكون دائماً في حالةٍ عصبيةٍ، ولا تشبع نوماً، وقد لا يكفيها الوقت للعناية بزوجها وأبنائها، دعك عن حياتها الشخصية، وهو ما قد يسبِّب لها مشكلات مزمنةٍ؛ وإذا لم تكن لديها خادمة في المنزل، فإنها ستضطر إلى التوجّه للمتجر لشراء الطعام، وتحضيره لأفراد أُسرتها، وبالتالي تتحوّل إلى “ربة منزل” وهي المهنة التي كانت تنفر منها أصلاً!
أما بالنسبة لربة البيت، فلديها الحرية في استغلال أوقات الفراغ الطويلة التي تنعم بها، وهي بنفسها تستطيع أن تقرِّر متى تستيقظ، ومتى تباشر العمل المنزلي، ومتى تتوجّه لشراء الحاجيّات، ومن ثم يتوفّر لديها وقت طويل لرعاية أُسرتها، غير أنها تعتمد اعتماداً كلياً على زوجها، والذي قد يذكِّرها بأنها تعيش على حسابه، كما إن دائرة معارفها وصديقاتها ضيّقة بحكم بقائها رهينة المنزل، والاستمرار في ممارسة الأنشطة المنزلية قد يصيبها بالملل، ناهيك أن جميع أفراد الأُسرة متأهِّبون لتوبيخها في حالة تقصيرها في إعداد الطعام أو تأمين احتياجاتهم وراحتهم.
وهكذا تشعر ربة البيت أنها قد تحوّلت إلى خادمة، فهي لا تملك مالاً كي تنفقه على نفسها، وليست مستقلةً اقتصادياً، ولهذا السبب تعتقد أولغا مشانسكايا أنه من الأجدى للمرأة المزاوجة بين متطلبات العمل والمنزل، وفي حالة عدم الرغبة في العمل، يمكن أن تلجأ لممارسة هواياتها المفضّلة، من رسمٍ وخياطةٍ وزخرفةٍ وكتابةٍ وغيرها، ولكنها حتى في هذه الحالة ستذكر بأنها تؤدِّي الآن عملاً دخله ليس مضموناً أو ثابتاً، وعلى حساب الاحتياجات الأساسية لأُسرتها!