لماذا تختلف طِباع الأطفال الذين ينتمون إلى الأسرة نفسها أباً وأُمّاً؟ لقد تبيّن لعلماء النفس الروس أن طبع الإنسان يتوقّف على ترتيبه في الأسرة، أي على ما إذا كان هو الابن البكر أو الأوسط أو الأصغر أو الوحيد، فالابن الأكبر “الأول” يكون بطبيعته قائداً لأن الظروف تُحتِّم عليه أن يكون مستقلاً، باعتبار أن الأبويّن ينشغلان في العادة بتربية إخوته الأصغر منه، وفي كثيرٍ من الأحيان يشاركهم أيضاً في أداء هذه المهمّة، مع أنه قد يثير بعض المشكلات في المنزل، وقد تدّب الغيرة في نفسه إذا أنجبت أُمّهُ مولودها الثاني، ويغضب على والديّه بسبب عدم اهتمامهما بشخصه، ويتخلّى عن مساعدتهما في تربية أخيه الأصغر، أما إذا تقبّل أخيه، فقد يؤدي ذلك إلى تنمية خصال إيجابية لديه مثل التنظيم والانضباط، ويحصل على فرصة تطوير مواهبه وقدراته، وهو ما يؤهله إلى تحقيق إنجازات مهنية، وتسنّم مناصب قيادية في المجتمع.
الابن الأوسط يصبح في العادة “دبلوماسياً”، بسبب أن والديّه يخصِّصان لتربيته أقل الوقت لانشغالهما بإخوته، لذا يتميّز بالمرونة في التفكير والتدبير، والميل للإقدام على المساومات، والقدرّة على التكيّف مع المواقف والأشخاص، وهذه القدرة تساعده على نسج علاقات اجتماعية قويّة مع البيئة المحيطة، غير أن حرمانه من الحب والحنان قد يؤثِّر سلباً على تكوينه. وفي المقابل، ينال الابن الأصغر قدراً أوفر من الرعاية والحب، وقد يؤدِّي ذلك إلى أن يصبح شخصاً مدلّلاً، واتكالياً، يستنجد دوماً بالآخرين لمساعدته في تأدية مهامه اليومية، ولا يطيق أن يأخذ على عاتقه زمام المسؤولية أو أن يتخذ قراراته بنفسه، غير أن تفكيره “غير التقليدي” قد يقود إلى ظهور بعض الخصائص الإبداعية في شخصيّته، فقد يغدو موسيقياً أو فناناً، أو يحصل على عمل لا يدّر ربحاً وفيراً فيلجأ لطلب المساعدة من والديّه، أما الابن الوحيد في الأسرة فقد تنمو لديه مهارات القيادة بسبب القدر الأقصى من الاهتمام من طرف والديّه، وقد يكبُر وفقاً لميوله الفطرية، إلا أن الخطورة تكمن في تدليله من قبل أبويّه، مما يزرع فيه الشعور بأنه سيِّد الكون، ويحرمُه من الاستقلالية، وباختصار يمكن أن تجتمع في هذا الابن كل الخصال السابقة!
? أستاذ التربية بجامعة البحرين
{{ article.visit_count }}
الابن الأوسط يصبح في العادة “دبلوماسياً”، بسبب أن والديّه يخصِّصان لتربيته أقل الوقت لانشغالهما بإخوته، لذا يتميّز بالمرونة في التفكير والتدبير، والميل للإقدام على المساومات، والقدرّة على التكيّف مع المواقف والأشخاص، وهذه القدرة تساعده على نسج علاقات اجتماعية قويّة مع البيئة المحيطة، غير أن حرمانه من الحب والحنان قد يؤثِّر سلباً على تكوينه. وفي المقابل، ينال الابن الأصغر قدراً أوفر من الرعاية والحب، وقد يؤدِّي ذلك إلى أن يصبح شخصاً مدلّلاً، واتكالياً، يستنجد دوماً بالآخرين لمساعدته في تأدية مهامه اليومية، ولا يطيق أن يأخذ على عاتقه زمام المسؤولية أو أن يتخذ قراراته بنفسه، غير أن تفكيره “غير التقليدي” قد يقود إلى ظهور بعض الخصائص الإبداعية في شخصيّته، فقد يغدو موسيقياً أو فناناً، أو يحصل على عمل لا يدّر ربحاً وفيراً فيلجأ لطلب المساعدة من والديّه، أما الابن الوحيد في الأسرة فقد تنمو لديه مهارات القيادة بسبب القدر الأقصى من الاهتمام من طرف والديّه، وقد يكبُر وفقاً لميوله الفطرية، إلا أن الخطورة تكمن في تدليله من قبل أبويّه، مما يزرع فيه الشعور بأنه سيِّد الكون، ويحرمُه من الاستقلالية، وباختصار يمكن أن تجتمع في هذا الابن كل الخصال السابقة!
? أستاذ التربية بجامعة البحرين