عادت المعلمة إلى منزلها بعد انتهاء عملها ظهراً فوجدت الباب مغلقاً، حينها طلبت من الخادمة الإندونسية أن تفتح الباب لكنها رفضت، وهددت بقتل ابنتها الصغيرة لو قامت الأم بأية محاولة لفتح الباب.
اتصلت الأم بزوجها، فأخذته الدهشة، فجاء مسرعاً لينقذ ابنته من القتل، لكن وبسبب فرط سرعته وذهوله صَدَمَ رجلاً فقتله وهو الآن في العناية المركزة.
حين وصل رجال الشرطة إلى مكان الحادث، حيث كان والد الطفلة بين الحياة والموت، أوضح لهم أن ابنته الصغيرة في خطر، فتوجهت قوى الأمن إلى المنزل مسرعة لإنقاذ الطفلة، وحين حاولت قوات الأمن اقتحام المنزل، وفي هذه الأثناء أخذت الخادمة (ساطوراً) وقتلت الطفلة وفصلت رأسها عن جسدها، وذلك في دهشة من الجميع!!.
قُتلت الطفلة السعودية الجميلة والبريئة تالا الشِّهري على يد الشغالة الإندونيسية قبل أيام، فأحدثت ضجة كبيرة واستنكاراً في الوسط الخليجي، ورغم كل ذلك ستظل الأُسرة الخليجية لا تستغني عن الشغالة الآسيوية، حتى لو قتلت كل أطفالها بكل أدوات القتل المطبخية وبكل الصور البشعة، لأن حاجتها إلى الشغالات أصبحت من أهم مقومات ثقافة تلك الأُسر التي لا تستطيع العيش دون وجود قاتل أو سفاح يحمل عنواناً خدميَّاً جميلاً في أوساطها!.
هذا الخبر المفجع تناولته الصحف السعودية، في المقابل تناولت وسائل الإعلام الاجتماعية مقطع فيديو يوضح ما يمارسه سماسرة تجار البشر في إندونيسيا، وهم يقومون بشتى أنواع التعذيب الوحشي ضد العاملات المتجهات إلى الخليج، وذلك عبر مكاتبهم التي منها تُشحن تلك الخادمات إلى منازلنا في الخليج العربي كالخرفان، فيجبرن على المجيء إلى المنطقة العربية للعمل كجوارٍ وإماء، لكن تحت مسمى قانوني قذر.
نساء من الطبقة الفقيرة يُجبرن ومن خلال مكاتب الاتجار بالبشر في غالبية الدول الآسيوية على العمل كخادمات للمنازل وهن لم يكملن تعليمهن بعد، وبعضهن لم يكملن طفولتهن أصلاً، وبذلك تجتمع فيهن صفات القسوة والجهل والأمية والفقر، فيأتين بعد ذلك بمجموعة من العقد الإنسانية والنفسانية لكي يُفرغن ما في أنفسهن من حقد على صور انتقام من كل مخلوق يتعامل معهن بازدراء واحتقار.
قصص لا تنتهي من الطرفين، أُسر تمارس كافة أشكال البطش والإهانات ضد هذه الشريحة المستضعفة من البشر، وفي المقابل هنالك خادمات يمارسن دور المنتقم، وحينها لن نستغرب أن تلقى تالا الشهري وغيرها من أطفالنا الأبرياء حتفهم بطريقة بشعة في داخل منازلنا المعقدة.
إن ملف «الشغالات» في الخليج العربي من أخطر الملفات على الإطلاق، إنه الملف المملوء بالمتفجرات والقذائف غير المرئية، وهو القنبلة الموقوتة القادمة، لهذا يجب على كل دول الخليج العربي أن تقوم بدراسة هذا الوضع الخطير دراسة علمية واجتماعية، ومن ثم توضع الحلول لهذا الملف الساخن.
على الدول الخليجية أن تعيد النظر في مسائل وقوانين العاملات الآسيويات «الشغالات»، وأن تتحرك كل الحكومات ومعها كل منظمات المجتمع المدني، إضافة لشعوب المنطقة، لرسم خريطة واضحة تحدد طبيعة هذه القوانين وذلك لحماية الأُسرة من إفرازات تلك الشريحة القادمة من مجاهل آسيا إلى داخل منازلنا، في المقابل نقوم بحماية العاملات الأجنبيات من كل أشكال التمييز العنصري والاضطهاد غير المشروع.
تحتاج دول الخليج ومعها شعوبها أن تستفيق من سباتها لتفعِّل المعاهدات الدولية الخاصة بالاتجار بالبشر ومناهضة العنف ضد المرأة والعمالة الأجنبية، حتى نستطيع أن نوازن ونفرِّق بين حاجتنا إلى شغالة أو الحاجة إلى «غنمة» ليس لها قيمة، وكذلك من المهم أن نعرف حدودنا حين النظر إلى المجتمعات الأخرى بطريقة متعالية، ولنعرف بعد ذلك ما نحتاجه من أولئك البشر، هل نحتاج إلى عاملة لها كافة الحقوق الإنسانية والمدنية؟ أم أننا في حاجة ماسة إلى شغالة تقتل أطفالنا بالساطور والسكاكين؟