من بين “خايس وخنين” جنيف؛ انتشرت الأسبوع الماضي صورة لقاسم الهاشمي المقيم في الخارج والذي يقوم بدور المنسق لـ«المعارضة” وهو يقبّل جبين الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، في إشارة لا تفسير لها سوى أن ولاءه لإيران، خصوصاً أن نجاد ليس بمرجع ديني قد لا يجد المرء حرجاً في تقبيل جبينه تقديراً له واحتراماً لمكانته الدينية، فنجاد رجل سياسة ورئيس دولة مناكفة للبحرين، وجبينه ليس ذاك الجبين الذي بتقبيله يعبّر المرء عن تقديره لموضع السجود لله.
تقبيل الهاشمي -الذي هو اليوم واحد من الفريق الأساسي الذي يدير عمليات التحريض ضد القيادة ويشجع “الجماهير” على الخروج على رأس الدولة- لجبين نجاد يحمل معاني سلبية لفريقه، حيث المشهد يبدو وكأنه -الفريق- ومن يثق به ويتبعه موالون لإيران أو أنهم يستنجدون بإيران وينتصرون بعمائمها ويدعونهم إلى التدخل في البحرين، ذلك أن تقبيل الجبين يحمل دائماً معنى تسليم الأمر لصاحب الجبين والاستعداد لفدائه بالروح وبالدم، فتقبيل الجبين لا يعني فقط التوقير والاحترام، وهو إن عنى فإنه يكون خاصاً بالمراجع الدينية وليس بـ«المراجع” السياسية.
نشر الصورة في ذلك التوقيت أجبر الهاشمي على الرد ولكن بانفعال، فهو بدل أن يوضح ويبرر وفي خاتمة المطاف يعتذر مبيناً أن الأمر لا يعدو أنه صار في موقف وجد نفسه يبالغ في توقير الرئيس الإيراني دون أن يقصد، بدلاً من ذلك اعتمد الصورة نفسها عنواناً لتغريداته ونشر تغريدة استفزازية تقول: “أفخر بمقابلة الدكتور نجاد، وأفخر أكثر بتقبيل جبينه، وأجزم بأنه يستحق مني أكثر من ذلك.. وليذهب بغيظه كل حاقد”، دون أن ينتبه إلى أن هذه التغريدة عبارة عن اعتراف أن لإيران دوراً في مساندة هذه المجموعة التي لم تعد أهدافها خفية على أحد، ذلك أن قوله إن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد -الذي اهتم أيضاً بنعته بالدكتور- له فضل كبير يستحق عليه ما هو أكبر من تقبيل جبينه يعني أن إيران التي يرأسها نجاد تقدم دعماً كبيراً لهذه المجموعة تستحق عليه ما هو أكثر من تقبيل جبين رئيسها.. فما هو ذلك الأكثر؟
تقبيل جبين نجاد والقول إنه يستحق أكثر من ذلك -في نظر أي عاقل- هو تعبير عن الشكر لما تقدمه إيران لهذه المجموعة التي اختارت أن تعمل ضد النظام، فهو يشكر إيران ونجادها على توفير ساعة يومية كاملة عبر فضائية العالم الإيرانية “القناة السوسة” تخصصها لسب وشتم القيادة وكل من لا يقف مع فريق قاسم الهاشمي، ويشكرها لأنها تخصص ساعة أخرى لإعادة بث حفلة السب والشتم تلك ليلاً، ويشكرها لأنها تفرد مساحات في نشرات أخبار مختلف الفضائيات التابعة لها والموالية من الناطقة باللغة العربية وبكل لغات العالم لتناول البحرين وقيادتها بالسوء، ويشكرها على غير ذلك من الدعم من الذي لا يظهر على السطح والذي يستحق “الشكر والتقدير”.
ما قام به قاسم يدخل في الدائرة نفسها التي يدخل فيها فعل ذلك الشاب البحريني الذي ألقى قصيدة في “حضرة” السيد الخامنئي ودعاه بوضوح وهو يبكي بطريقة لا تخلو من استجداء إلى “إنقاذ” البحرين و«تخليص” ناسها مما هم فيه، ويدخل فيها أيضاً ما قيل عن تقديم أحد النواب السابقين نفسه للخامنئي ونعت نفسه بـ«خادمكم المطيع”.
ما قام به قاسم الهاشمي يضر بفريقه كونه فعلاً يحمل الكثير من المعاني السلبية، وكان الأجدى الاعتذار عنه وتبريره بدل الإصرار عليه والتفاخر به وتوجيه الشتائم لمن نبه إلى ذلك المشهد الذي فضح جوانب جديدة من علاقة “المعارضة” بإيران.