لعل أقوى محرك لتوترات التي مرت بنا في البحرين منذ بداية الأزمة مروراً بتوابعها التي مازالت باقية إلى اليوم هي الأطراف الخارجية التي لا نحتاج أن نبرهن عليها، وقد اتخذت منحيين: الأول تدخلات من جهة المشرق حيث الفتنة فقد خططت طويلاً لتنفذ بأيدي داخلية وتدعمها واقعياً وإعلامياً حتى تبقى أطول مدة وإلى آخر نفس. ومثل هؤلاء لهم في قصة كعب بن مالك وأحداثها عظة وعبرة لضعاف النفوس الذي يمثلون معاول هدم لأمتهم في الداخل، فلما تخلف كعب عن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ونهى النبي عن حديثه وصاحبيه، أراد الأعداء الخارجيين استغلال هذه الفرصة السانحة، فقال: فبينما أنا أمشى في سوق المدينة إذا نبطى من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام ببيعه بالمدينة يقول‏:‏ من يدل على كعب بن مالك‏؟‏ فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءنى فدفع إلي كتاب من ملك غسان، وكنت كاتباً‏.‏ فقرأته فإذا فيه‏:‏ أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك، فقلت حين قرأتها، وهذه أيضاً من البلاء فتيممت بها التنور فسجرتها، فهذا كعب جعل ولاءه للإسلام ولم يرضخ للمغريات أو يستجيب لها، في حين كم من الرؤساء والأمراء والمرجعيات التي تريد أن تستميل أطراف بحجة إكرامها وهي في حقيقة أمرها ما تريد إلا إهلاكها، الاختراق يحتاج إلى بوابات ينفد من خلالها فلا تكن أنت الباب لها. أما الجهة الأخرى فالغرب بهيمنته وأطماعه في المنطقة في تضغط على مؤسسات الحكم لتتنازل وترضخ وتستجيب لمطالب الفئوية طائفية يراد منها جعل المنطقة ملتهبة متوترة لتخضع إلى مزيد من التقسيم والتمزيق، ولم تقف التدخلات عند حد فتارة تتدخل في التعليم وأخرى فيما يتعلق بالمرأة، ورابعة في أحكام القضاء، وثالثة في التعامل مع المخربين. ومثل هذه الضغوط لا بد أن لا يستجاب لها لأن ألائك لن يرضيهم شيء، وقد أثبتت التجارب العلمية وخصوصاً في الأحداث الأخيرة أن مخافتهم سبب للتمكين والقوة، ومجاراتهم طريق للضعف والهوان. بعد ذلك فالرسالة للجميع للجلوس معاً مع في البيت الواحد للخروج بحلول عملية، والاستجابة للرغبات والمطالبات الشرعية المعقولة، فأهل البحرين على قدرة لحل مشاكلهم والخروج من مشكلاتهم.