الوضع في البحرين تغير بشكل جذري والأمور إلى تحسن والبحرينيون بدؤوا يتعافون والاقتصاد بدأ يسترد أنفاسه، والعالم شرقه وغربه، أوروبا والصين وروسيا واليابان والهند والدول العربية وأفريقيا، جميعهم يمدون يد العون والمساعدة للبحرين ويشيدون بخطواتها، إلا أمريكا وإيران.
ألا يستدعي النظر تزامن الاجتماع الذي ستعقده لجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس الأمريكي اليوم الأربعاء الأول من أغسطس لجلسة الاستماع المخصصة لمطر مطر عضو الوفاق، تزامناً مع طلب إيران بإدراج البحرين في مؤتمر القمة الإسلامية؟!
ألا يستحق منا أن نقف أمام هذا التزامن؟ الدولتان اللتان مازالتا لم تفقدا الأمل في تدويل قضية البحرين هما أمريكا وإيران، ولا سبيل لهما لإعادة رسم المنطقة إلا بالاستعانة بمواطنين خليجيين، ولم يقبل بالقيام بهذه المهمة القذرة إلا الوفاق.
لهذا فاستمرار محاولات الوفاق لفرض أجندتها -المرفوضة بحرينياً- من خلال الاستعانة بالكونجرس الأمريكي هذه المرة لا تسمى إلا “بالخيانة”، وسكوتها على الجانب الآخر على الوقاحة الإيرانية حين تحمل إيران الملف الوفاقي نيابة عنها وتجوب به المؤتمرات الدولية وكأن البحرين ولاية إيرانية هو الآخر قبولاً ضمنياً وهو أيضاً خيانة.
الوفاق تعرف أن الترتيبات الإيرانية الأمريكية للمنطقة لن تتم إلا بمساعدتها؛ إقحام البحرين في الملف النووي والملف العراقي وحتى الملف السوري في المفاوضات الأمريكية الإيرانية، يقف الآن عند حصان طروادة الوحيد الرابض عند البوابة الشرقية للجزيرة العربية والقابل بهذه المهمة، أي عند الوفاق.
فبعد أن بدأت البوابة الغربية في سوريا ولبنان بالاهتزاز، فالحاجة لخونة مستعدين لبيع أوطانهم في المنطقة الشرقية بلغ ذروته الآن، ولن تتمكن أي من الدولتين فرض هيمنتهما على المنطقة وترتيبها وفقاً لمصلحتهما إلا بمساعدة من الداخل البحريني أولاً، ومنها للمملكة العربية السعودية، ودون حصان لطروادة لا يمكنها أن تدخل، فالمنطقة عصية عليهما، ولا يوجد مواطن خليجي قبل أن يكون خائناً ووضع يده في يدهما، وحدها الوفاق التي قبلت، وها هي تحاول وتحاول تنفيذ المخطط الإيراني الأمريكي، وهي الآن منبوذة من مجتمعها ومن الدول الخليجية كلها، بإصرارها على الزج بالأمريكان والإيرانيين في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي.
ما يهمنا الآن ليس الوفاق فتلك أمرها هين، ما يهمنا هو موقف البحرين الرسمي والشعبي من هذا التدخل، والموقف الشعبي واضح ومعلن ولا لبس فيه، وهو رفض تام وصريح ومباشر بلا تلكؤ في اللسان ولا تذرع بمتانة علاقات أو ما شابه.
ونطالب أن يكون الموقف الرسمي صلباً متجانساً متسقاً مع ذلك الموقف الشعبي، بلا تذرع بعلاقات متينة أو علاقات تاريخية، وأن يصل احتجاجها قوياً على استمرار محاولات التدخل في الشأن المحلي وعدم احترام سيادتنا.
نطالب أن يكون موقف القيادة، موقف قيادة لدولة مستقلة ذات سيادة تحترم دستورها وتحترم عقدها الاجتماعي، ولا يحق لكائن من كان أن يخرق هذا العهد أو يلغيه أو يغيره، حتى لو كان تحت الضغط من أكبر دولة كالولايات المتحدة الأمريكية.
ما يهمنا أن تدرك القيادة بأن شعب البحرين الذي التف حولها إنما قام بذلك تمسكاً بدستوره الوطني لا فزعة ولا تملقاً، إنما تمسكاً بدستوره الذي حدد السلطات ورسم طريقة تغييره أو تعديله، وعليه -رغم احترامنا للقيادة- لا يحق لها ولا يجوز لأي من أفرادها الانفراد بإعطاء أية وعود لأي طرف محلي أو دولي بالمساس بهذا الدستور، فذلك عقد بيننا وبينهم، وعلينا جميعاً احترامه وتلك هي الديمقراطية.
فالديمقراطية لا تسمح أن يخضع الشعب لإرهاب المجموعات الإرهابية أو يخضع الشعب للتدخلات الأجنبية، الديمقراطية لا تعطي الحق لأي مجموعة سياسية أن تستخدم دولة أجنبية لفرض بالقوة ما تراه تلك المجموعة على بقية الشعب البحريني أو ما تعتقده هي أنه (شكل دستوري) أفضل للبحرين.
الديمقراطية لا تفتح الباب للتدخلات الأجنبية، الديمقراطية تصون سيادة الأمم وتصف محاولة الاستعانة بالدولة الأجنبية خيانة عظمى، فاستعانة مجموعة من المواطنين بدولة أجنبية لفرض واقع دستوري معين هو خيانة للديمقراطية وخيانة للدستور، ويتساوى معها الخضوع والخنوع والاستسلام من النظام السياسي لدولة أجنبية حتى وإن كانت تلك الدولة عظمى أو كبيرة، فالشعب البحريني أكبر منها ولا يقبل الإهانة ولا يقبل المساس بكرامته ولا يقبل أن يفرض عليه أحد أياً كان مصيره وقراره.