لسنا بحاجة فعلاً لإيران، ليس لتدخلاتها المستمرة في شؤون البحرين الداخلية، ولكن الإصرار على اتخاذ مواقف عدائية وتبني قضايا واهية أمر مرفوض ويدفعنا للمطالبة مرة أخرى بقطع العلاقات مع طهران لأنها علاقات باتت لا قيمة أو معنى لها حتى على المستوى الاستراتيجي. مكة المقدسة تستضيف قريباً قمة إسلامية من أجل تعزيز التضامن الإسلامي في ظل التحديات الدولية ومتغيراتها، فيخرج علينا المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان براست ويؤكد ضرورة وضع قضية البحرين في أولوية أجندة الاجتماع.. “ويجب أن يكون حل قضية البحرين في الأولوية”. اتصالاً بذلك وجّه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الدعوة لجلالة الملك لحضور مؤتمر قمة عدم الانحياز التي تستضيفها طهران قريباً عبر القنوات الدبلوماسية وليس على مستوى مساعد وزير. هذان الموقفان يعكسان جيداً النظرة الإيرانية العدائية للبحرين وللنظام الحاكم فيها، وكذلك لشعبها. هل نتوقع أن يأتي يوم في ظل النظام الإيراني الحاكم وتتغيّر مثل هذه النظرة؟ لا أعتقد ذلك تماماً، خاصة وأن هذه النظرة كانت سائدة منذ حقبة الشاه، وورثها النظام الثيوقراطي الحاكم الآن في طهران، وليس متوقعاً أن تتغيّر هذه النظرة على المدى المنظور أبداً. جميع هذه الحقائق نفهمها جيداً، ولكننا لا نفهم أبداً المغزى الدبلوماسي والإستراتيجي والسياسي والإعلامي لاستمرار العلاقات البحرينية ـ الإيرانية بهذه الطريقة، فهي علاقات باتت خالية من المصالح، والاحترام فيها معدوم من الجانب الإيراني على الأقل، ولا جدوى من استمرارها أكثر مما فات، فالأضرار الناجمة عن هذه العلاقات صار أكثر من منافعها. قد يكون خيار قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خياراً راديكالياً من الناحية السياسية، ولكن هناك عدة مبررات تدفعنا لدعمه بعيداً عن محاولات التمويل والتخطيط السياسي.. إلخ، هذه المبررات هي: أولاً: انعدام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وهو مبدأ من المبادئ المنظمة للعلاقات الدولية الحديثة، وأحد مبادئ ميثاق الأمم المتحدة. ثانياً: حملة إعلامية منظمة من الحكومة الإيرانية تجاه البحرين من خلال وسائل الإعلام التي تملكها أو تؤثر فيها في الداخل والخارج. ثالثاً: وجود خيارات وبدائل أمنية واقتصادية عن استمرار العلاقات بين المنامة وطهران. بعد هذه المبررات المقنعة بالنسبة لي شخصياً، وغير المقنعة بالنسبة لآخرين، يمكن القول إن طهران تحاول حالياً إقحام ما تسميه بـ (قضية البحرين) في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، حتى تكون قضية دولية تناقش من منظمة لأخرى، وهي محاولة بالطبع مرفوضة بحرينياً وتستحق اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وحزماً بدلاً من التعامل مع طهران بمرونة، ويبقى خيار قطع العلاقات ماثلاً.