كان خطاب جلالة الملك حفظه الله بمناسبة العشر الأواخر من الشهر الفضيل كعادة جلالته في توجيه كلمة سامية كل عام للشعب البحريني، ولكن هذه المرة كان الجميع يترقب سماع الخطاب نظراً للمرحلة الفارقة التي تمر بها بلدنا بعد أزمة ألمت بنا ومازالت آثارها حتى اليوم، وهو ما حصل بالفعل فقد كان الخطاب سياسياً وإن كان في مناسبة دينية إلا أن جلالته أرسل رسالة لمن يريد تجاوز القانون أو التعدي على المؤسسات الدستورية بأنه سيقابل بالتصدي من خلال الضرب على يده بقوة.
وما قاله جلالته يؤكد على سعيه الدؤوب على تكريس مبدأ دولة القانون والمؤسسات والفصل بين السلطات واحترام الدولة ومؤسساتها الدستورية الوطنية وحفظها من أي تطاول قد يصدر من أي شخص، وبالتالي فإن صوت القانون سيكون مسموعاً ومدوياً يصل إلى مسامع الجميع دون أية تفرقة وأن الجميع سواسية في الحقوق والواجبات لا أحد أفضل من آخر إلا بالمواطنة الحقة والحرص على مصلحة الوطن وجعلها أولاً.
كما إن كلمات جلالة الملك بمثابة الجرس الذي يجب أن ينبه أي صوت قد يتعالى أو يرفع ويقلل من احترام المؤسسات الدستورية بأن الحرية والديمقراطية التي نعيشها في ظل المشروع الإصلاحي لا تعني التجاوز أو التعدي على القانون، وبالتالي فإن من يقدم على مثل هذا الفعل سيواجه بالقانون وسيحاسب على ما اقترفه من فعل وسينال جزاءه، وهذا ما كنا ننادي به ومازلنا بأن المخطئ يجب أن يعاقب ومن يخلص لوطنه أن يكافأ.
في الوقت ذاته، كان الخطاب أيضاً قد أرسل رسالة أخرى للعالم الخارجي بأن بحرين اليوم أفضل من الأمس في كل المجالات وغدها سيكون بإذن الله أفضل، الأمر الذي يخرس من مازال يقول إن البحرين تعيش انفلاتاً أمنياً وأن الأوضاع فيها غير مستقرة وأن الأزمة مازالت باقية وقد تعود في أي لحظة، ومن ينكر ما وصلنا إليه بعد ما مرت به بلادنا من أزمة قبل عام ونيف إلا جاحد ومخطئ.
وما يدعونا للتفاؤل أن جلالة الملك في خطابه أكد المضي في طريق الخير والعدل والمساواة دون كلل أو ملل من خلال الأخذ بالرأي المشترك والحوار الوطني الذي يعتبر الطريق الوحيد الذي تتحقق معه الآمال والتطلعات للشعب والوقوف ضد أي تدخلات خارجية تسعى للنيل من المكتسبات التي تحققت على طريق البناء والتطوير والتنمية الحقيقية التي بلاشك ستكون سبباً في اجتياز المرحلة المقبلة التي يمر بها وطننا العزيز والتي لن تكون إلا من خلال التكاتف والتعاون في إعادة اللحمة الوطنية ونبذ الفرقة ووضع مصلحة البحرين نصب الأعين بعيداً عن أية مصالح شخصية أو فئوية ضيقة.
ولم يغب عن خلد جلالة الملك في خطابه تناول الشأن الأمني في البلاد وتطمين الشعب بأن من واجب الدولة حماية المواطنين الصالحين الذين يريدون لبلدهم الرفعة والعلو من خلال الاستماع إليهم وتفهم أحوالهم والعمل على حل مشاكلهم وتحسين أحوالهم والارتقاء بأوضاعهم بالتساوي وفي ظل القانون الذي يقف الجميع أمامه في صف واحد دون فرق بين هذا أو ذاك فالجميع واحد أمام القانون، وأن من يسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتهديد السلم الاجتماعي سيتم الضرب على يده وردعه بقوة القانون.
همسة:
بحق كان خطاب جلالة الملك بمثابة خارطة الطريق لمستقبل مزدهر ينعم فيه المواطن بالأمن والاستقرار والعيش الكريم في ظل دولة المؤسسات دون تفرقة بين أحد فالجميع متساو أمام مظلة القانون، فلا أحد فوق القانون كائناً من كان!