البيان الذي وقعته مؤخراً (44) جمعيّة أهليّة ومهنيّة، إلى جانب عددٍ من الأندية والمراكز الثقافية، بنادي الخريجين في العدلية، والتي طالبوا فيه بنبذ العنف من جميع الأطراف، كما أدانوا التحريض على العنف بجميع أشكاله المباشرة وغير المباشرة، نقول إن هذا البيان يمثِّل نقلةً نوعيّةً باتجاه تلمّس جمعيات ومؤسّسات المجتمع المدني لدورها الطبيعي في تهدئة الساحة السياسية، ومنح الفرصة للعقلاء، وجميع الحريصين على صون التماسك الأهلي واللحمة الوطنية، كي يتصدّروا التحركات الرامية إلى توحيد الصف الوطني، وإشاعة الأمن في المجتمع.
إن أهمية هذا البيان، في نظري، في أنه يؤكِّد أولاً على ضرورة احترام جميع فئات المجتمع، والنهوض بهم من خلال جميع القطاعات، وعدم المساس بأي مكوِّنٍ في الحياة العامة البحرينية؛ ويأتي ثانياً تفعيلاً لمبدأ الشراكة المجتمعية ومن منطلق حرص الجمعيّات الأهلية الوطني والشعبي، وتحمل مسؤولياتها تجاه الحراك الأهلي الذي يعزز أمن الوطن وسلامته، ويقوِّي أواصر العيش المشترك؛ ويشير ثالثاً إلى استعداد المؤسسات المسكونة بشجون الساعة، وهموم أبناء الوطن، للتعاون الخالص مع الجهات المختصّة لمواجهة كل أنواع العنف، بالإضافة إلى العمل المشترك، كل في دائرة اختصاصه وعمله، لصدّ العنف؛ ويدين رابعاً العنف بجميع تجليّاته، ومن كافة الأطراف، وتحت أيّة رايةٍ أو مسبِّبٍ؛ ويشدِّد خامساً على أهمية المعارضة السلميّة بجميع أشكالها ونواحيها مما لها من أثر إيجابي كبير على التطوير المتكامل للمجتمع؛ ويشجب سادساً التحريض على العنف بجميع أشكاله المباشرة وغير المباشرة، ويطالب سابعاً بتطبيق القانون على جميع أطياف المجتمع واحترام نصه من قبل الجميع بما يحقق دولة المؤسسات والقانون، وذلك إيماناً بمحوريّة دور الجمعيات المدنية والمهنية في استقرار الوضع الداخلي وتعزيز مفاهيم المواطنة، وضمان حقوق جميع أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين في التمتع ببيئةٍ آمنةٍ تمكنهم من مزاولة حقوقهم العامة والخاصة، مما يستوجب نبذ الأفعال والأقوال خارج نطاق القانون، والتي يترتب عليها حرمان أفراد المجتمع من ممارسة حقوقهم وواجباتهم التي كفلها لهم الدستور في التنقل والعيش في كنف وطنٍ ترفرف عليه رايات السلام والمحبّة والإخاء!.