أن تسيء إلى إنسان ما، رجل أو امرأة، طفل أو كهل، بقول أو فعل أو سلوك، فهذا يعني أنك تحتاج إلى تنظيف نفسك، قلبك، روحك، لسانك، بالمفراكة والليف والصابون، فماذا إن أسأت إلى دين تختلف معه ومعتقد مغاير عن معتقدك وربما يكون بنسبة 180 درجة.
هذا الكلام موجه مباشرة إلى عقلية الإدارة الأمريكية التي رغم تحضرها -تكنولوجياً واقتصادياً وثقافياً- مازالت تحاول بوعي أو دون وعي الإساءة إلى الدين الإسلامي من خلال عدم تشريعها لقانون يمنع شتم الدين الإسلامي، في الوقت التي تحارب كل من يتكلم عن الدين اليهودي، أو حتى تكذيب المحرقة التي راح ضحيتها آلاف اليهود بتهمة معاداة السامية، ويعنون العرب، كأن العرب ليسوا ساميين حسب تصنيفات الأجناس البشرية.
وإذا كنا غير مقتنعين بما قام به البعض من المسلمين بالهجوم على السفارات الأمريكية في العديد من دول العالم؛ فماذا تتوقع الحكومة الأمريكية من رد فعل إساءة لنبي ودين يعتقد به أكثر من مليار مسلم؟ ماذا تظن الحكومة الأمريكية وهي تسمح أن يشتم ويهان نبي يتبع تعاليمه أكثر من مليار مسلم في الكرة الأرضية في فيلم تافه، ومن قام بإنتاجه وإخراجه أكثر تفاهة؟.
فإن أهنت شخصاً ما فسوف يهينك، وإن شتمت معتقداً ما فسوف يكون هناك من يشتم معتقدك ومعتقد أسلاف أسلافك.
إن خارطة الجهل الأمريكي تتوسع، وهو ما يوضح لنا أنه رغم الكلام الكثير عن الحرية والديمقراطية فإن كل ما قيل وما يقال عن الحرية والتسامح ما هو إلا كلاماً فارغاً، لا تعرف معناه الإدارة الأمريكية.
السؤال الآن هو؛ ما الذي سوف تستفيده إدارة أمريكا العاطلة عن الوعي أمام هذه الكراهية التي تكبر مثل كرة الثلج؟ إن الإنسان المسلم الذي لن تفهمه الإدارة الأمريكية، يعي جيداً، بتكوينه النفسي والروحي وترديد الآية الكريمة (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)، أنه المنتصر في كل الأحوال، فها نحن نرى آلاف الداخلين إلى روضة الدين الإسلامي بقناعة تامة من كل دول العالم، ها نحن نرى أن (رب ضارة نافعة) الموقف الموحد ضد عقلية الإدارة الأمريكية.
تعلمنا من الثقافة الأوروبية أن حرية كل شخص تنتهي عند حدود حرية الآخرين، وحرية أي دين تنتهي عن حدود الدين الآخر، ولو كان هذا ديناً غير سماوي.
للإدارة الأمريكية أن تعتذر للمسلمين جميعاً على جهلها بهذه الأمور وتحاكم الذين أنتجوا الفيلم من أجل إيقاف ردود الفعل غير المتوقعة للمسيء إلى دينهم، لأن الضرر سوف يقع على أمريكا أكثر من دول العالم.
وبدلاً من دعمها الزائف لثورات الربيع العربي، عليها أن تدرس معنى أن يساء إلى الدين الإسلامي، وأي دين آخر.
الدين الإسلامي نعترف بكل الديانات السماوية؛ اليهودية والمسيحية، ويبجل الأنبياء قاطبة، في نفس الوقت الذي يرفض فيه كل من يسيء إليه.
على الإدارة الأمريكية أن تقف أمام نفسها وتحاسب كل من يسيء إلى أديان الآخرين، لأن هذه الإساءة ستكون موجهة إليها قبل أن تكون موجهة إلى غيرها من الديانات.