حرق الإطارات في الشوارع ليس مخالفة صريحة للقانون والدستور والحق الإنساني الأصيل، لكن تحديد أماكن الفعاليات مخالفة صريحة للقانون والدستور والحق الإنساني الأصيل، وذلك كما ذكر عضو الوفاق الموسوي. نقول يا موسوي؛ قتل أحمد الظفيري وتفجيره وتمزيقه حق إنساني إذاً بالنسبة لك، وحرق رجال الأمن بالقنابل الحارقة هو أيضاً حق أصيل لك، وتعطيل الناس وإرهابهم وتعريضهم لخطر الهلاك حق إنساني بل وإلهي، وذلك عندما يكون عنوان هذا العمل الإرهابي «ثورة الصائمين»، وتحديد أماكن الفعاليات ليس مسؤولية الدولة، والحفاظ على حياة الناس والطفل النهام مسؤولية تتحملها الدولة. إذاً الدولة مسؤولة قانونياً عن ضحايا المخالفات والجرائم التي ترتكبها ميلشيات الإرهاب التي تقودها الوفاق، لكن ليس لها حق في حماية المواطنين، وليس لها الحق في تحديد أماكن المسيرات التي تكون سبباً في سقوط الضحايا الذي منهم أحمد الظفيري والطفل النهام الذي قامت المليشيات بالتعمد في إثارة الفوضى في منطقته السكنية، فأين الحق الإنساني الذي ينشده هذا العضو في الوقت الذي يقذف بحقوق المواطنين وسط نيران الإطارات التي يعتبرها وسيلة تعبير عن الرأي تجيزه دائرة حرياته وحقوقه الإنسانية التي تعطيه الحق في تنفيذ فعالياته وسط الشوارع العامة، وغداً ستكون وسط المجمعات التجارية، وبالفعل حصل هذا عندما قام الإرهابيون منذ شهور بالهجوم على مجمع الستي سنتر، ولا نستبعد أن تكون فعالياته مستقبلاً وسط الناس في صالات الأفراح.
إن أصرار الوفاق على تسيير مسيراتها دليل بأنها ليست دكتاتورية فحسب؛ بل هي أم الاستكبار الذي يتراجع أمامه الاستكبار الفرعوني والثمودي، إنه بالضبط نفس استكبار حزب الله اللبناني الذي سير إرادته على الدولة اللبنانية في جميع قرارتها الداخلية والخارجية، حتى أضعف الدولة فأصبح الدولة، والدولة أصبحت مجرد شعار يتماشى مع العرف الدولي، وها نحن اليوم نشاهد تمرد الوفاق على الدولة بصورة لا يمكن أن تقبلها أي دولة في العالم، حين تقوم الوفاق كل يوم بكسر القوانين وتحدي المنع الذي تفرضه وزارة الداخلية على مسيراتها، إلى أن وصل بها الأمر أن تهدد الوفاق الدولة بقولها «إن المواطن سيزيد قناعة بضرورة اقتلاع حقه عاجلاً أو آجلاً، وإننا سنقدم تقارير متكاملة للمقرر الخاص بالحق في حرية التجمع السلمي، وإننا لن نتوقف عن انتزاع حقنا مهما كلف الثمن»، وبهذه اللهجة التي استخدمت فيها كلمة «اقتلاع وانتزاع» وتهديداً بطرف أجنبي نتأكد أن الانقلابيين وصلوا إلى أقصى حالات التمرد حتى أصبحت عبارتهم تهديداً ووعيداً لم تتوقف عند صياغتها وإذاعتها بل تم تنفيذها، وهو واقع رهيب نعيشه يومياً في ظل تصاعد الأعمال الإرهابية التي اعتبرتها الوفاق بأنها حق إنساني أصيل.
إن اعتبار الوفاق مسيراتها وأعمال ميلشياتها الإرهابية حق إنساني أصيل، نعود ونقول بأنه نفس الأسلوب الذي ينتهجه حزب الله عندما برر عملياته الإرهابية في وسط شوارع بيروت وضد المناطق السنية بأنه حق المقاومة الأصيل في الحفاظ على لبنان والدفاع عن حق حزب الله في امتلاكه للسلاح، إلى أن وصل حق المقاومة الأصيل للوصول إلى سدة الحكم، وهو نفس الطريق التي تنتهجه اليوم الوفاق، عندما يتحدث عضوها أن ليس للدولة حق في فرض القانون، حين يكون هذا القانون يتعارض مع مصالح الوفاق السياسية وسعيها من أجل انتزاعه مهما كلفها الثمن، والثمن الذي تقصده الذي سيصل إلى ما أبعد من حرق الإطارات، حين يكون الإرهاب في دستورها هو حق إنساني أصيل من أجل انتزاع السلطة.
إن عقليات من هذا النوع عرفت منذ بدء الخليقة، وإن الدواء معها لا ينفع والعلاج معها لا يصلح، إنما علاجها بنفس السلاح ألا وهو الاقتلاع الذي تهدد به، لذلك على الدولة أن لا تتهاون ولا تتنازل مع عقلية مريضة ترى علاجها في كرسي الحكم، حيث إن الطمع الذي جبلت عليه هذه النفوس لا ينفع معها التهادن ولا التوافق، وإن أي تراجع سيزيد من عنفها وإرهابها وتهديدها الذي وصل اليوم أن تصرح بالتهديد «بالاقتلاع»، وأن العالم يعرف ماذا تعني كلمة الاقتلاع في دستور «الولي الفقيه»؛ إنها الإبادة التي مارسها في العراق واليوم يمارسها في سوريا، كما يمارسها في البحرين، فليس هناك وسيلة قتل أكبر من الحرق بالنار وسكب الزيت على الطريق إنه بداية الاقتلاع، وإن أي تقرب أو تودد سيصل بهذا الحريق إلى كل بيت ومصنع، وإن خمد الحريق لفترة إلا أنه سيصل حين يكون الإرهاب بالنسبة إليهم هو حق إنساني أصيل، والحق الأصيل يعني لهم إن لم يكن اليوم سيكون غداً.