ثمة خيط رفيع جداً يجمع بين الحاجة والمصلحة، ويصعب في بعض الأحيان التمييز بينهما، فحتى نستطيع تحقيق أهدافنا في الحياة، نحتاج وبشدّة إلى البيئة الملائمة لذلك، والتي من أهم سماتها أن تكون جذابةً وليست طاردةً، وآمنةً وليست مثيرةً للهلع والرعب، ومسالمة أي لا تنتشر فيها المظاهر التي تعرِّض حياتنا أو حياة أبنائنا للخطر، وهذه الحاجة الملِّحة بالذات تنبع أيضاً من مصلحة كل فرد منا بأن يعيش في بيئةٍ تمتلك الخصائص السابقة، بمعنى أن وضعه الاقتصادي والاجتماعي قد يتعرّض لتهديدٍ مباشرٍ أو مبطّن فيما لو انتفت تلك المقوِّمات البيئيّة.
وفي معرض تقييمنا لتصرفات الآخرين، نقول أيضاً إن فلاناً يؤثر مصلحته على مصلحة الجماعة في محيط العمل، فإذا طالب زملاؤه مثلاً بزيادةٍ في المرتّب سيقف إلى جانبهم، وقد يتصدّر الصفوف، آخذاً بعين الاعتبار حاجته الماسّة لتحسين وضعه المادي، ولكن إذا وجد أن تحرّك زملائه قد يجّر عليه الويلات من جانب إدارة المؤسسة، من قبيل أن يُهدِّد، على سبيل المثال، باستغنائها عن خدماته أو تخفيض رتبته الوظيفية، فقد يتراجع عن مطلبه، ويخذل زملاءه متذرعاً بشتّى التبريرات الذاتية، وحينها ستكون مصلحته هي العامل الأساسي الذي دفعه إلى ذلك ربما لأنه ينتظر حافزاً مهنياً على أحرٍ من الجمر أو يفضِّل مسايرة الإدارة على التصادم معها.
ومن واقع هذه التصوّرات، يُصبح واضحاً أن الموقف الوسطي أو المعتدل “المتزن” من الأحداث الدائرة في البلاد، يتطلب الجمع المرن بين الحاجة والمصلحة، بحيث لا تؤخذ في الاعتبار مصالح الفرد الشخصية بل مصلحة الوطن بأسره، فمن مصلحتنا، وليس حاجتنا فقط، أن ينهض اقتصاد الوطن، وتتحسّن الأوضاع المعيشية للمواطنين، ويتوجّه الفرد إلى عمله وهو واثق بأنه سيعود إلى بيته وأسرته سالماً وغانماً، ويحصل الشاب خريج المدرسة أو الجامعة على وظيفةٍ تليق بقدراته وتداعب طموحاته وتطلّعاته، وحتى يتم ذلك فنحن بحاجة للجلوس إلى مائدة الحوار، وتحديد أهدافنا ورسم خططنا، فإذا كانت مصلحة الوطن هي أسمى غاياتنا، فإن الحاجة لتبنِّي الآراء المعتدلة، واتخاذ المواقف العقلانية السديدة، مطلوبة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، وحول هذه الغاية النبيلة يفترض أن تلتف جهود أبناء الوطن جميعهم من أجل ازدهاره ونهضته!
أستاذ التربية بجامعة البحرين
وفي معرض تقييمنا لتصرفات الآخرين، نقول أيضاً إن فلاناً يؤثر مصلحته على مصلحة الجماعة في محيط العمل، فإذا طالب زملاؤه مثلاً بزيادةٍ في المرتّب سيقف إلى جانبهم، وقد يتصدّر الصفوف، آخذاً بعين الاعتبار حاجته الماسّة لتحسين وضعه المادي، ولكن إذا وجد أن تحرّك زملائه قد يجّر عليه الويلات من جانب إدارة المؤسسة، من قبيل أن يُهدِّد، على سبيل المثال، باستغنائها عن خدماته أو تخفيض رتبته الوظيفية، فقد يتراجع عن مطلبه، ويخذل زملاءه متذرعاً بشتّى التبريرات الذاتية، وحينها ستكون مصلحته هي العامل الأساسي الذي دفعه إلى ذلك ربما لأنه ينتظر حافزاً مهنياً على أحرٍ من الجمر أو يفضِّل مسايرة الإدارة على التصادم معها.
ومن واقع هذه التصوّرات، يُصبح واضحاً أن الموقف الوسطي أو المعتدل “المتزن” من الأحداث الدائرة في البلاد، يتطلب الجمع المرن بين الحاجة والمصلحة، بحيث لا تؤخذ في الاعتبار مصالح الفرد الشخصية بل مصلحة الوطن بأسره، فمن مصلحتنا، وليس حاجتنا فقط، أن ينهض اقتصاد الوطن، وتتحسّن الأوضاع المعيشية للمواطنين، ويتوجّه الفرد إلى عمله وهو واثق بأنه سيعود إلى بيته وأسرته سالماً وغانماً، ويحصل الشاب خريج المدرسة أو الجامعة على وظيفةٍ تليق بقدراته وتداعب طموحاته وتطلّعاته، وحتى يتم ذلك فنحن بحاجة للجلوس إلى مائدة الحوار، وتحديد أهدافنا ورسم خططنا، فإذا كانت مصلحة الوطن هي أسمى غاياتنا، فإن الحاجة لتبنِّي الآراء المعتدلة، واتخاذ المواقف العقلانية السديدة، مطلوبة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، وحول هذه الغاية النبيلة يفترض أن تلتف جهود أبناء الوطن جميعهم من أجل ازدهاره ونهضته!
أستاذ التربية بجامعة البحرين