لم تكتب قصته وسط ولم تذكر قضيته في يوم من الأيام، كما لم تعرف غرفته مزاهر ولا باقات ورود ولا برقيات ولا سؤالاً ولا سلاماً، معاذ؛ ذاك الشاب الذي نهشت عظامه أيادي الغدر في يوم الجامعة الدامي الذي فيه دقت عظام السردي وغيره من أبناء الفاتح، معاذ هو طالب جامعي يدرس إسلاميات في جامعة البحرين حين حاول النجاة هارباً من عدوان مروع لم يفرق بين فتاة ولا شاب مريض بضمور العضلات، معاذ ليس جزءاً من فيلم مفبرك ولا جرحاً مرسوماً ولم يقع من السلم ولا على عتبة باب ولم يصدم حائطاً، بل هو اعتداء إرهابي ضاعت قصته بين آلاف الروايات التي تضمنتها تقارير بسيوني، وصار ضحية يتحمل آثارها والده الذي لازال يتحمل نفقات علاجه بين مستشفيات طب نفسي بعد أن تحولت حياة معاذ إلى كوابيس ومعاناة لا تنفع معها أدوية أوعلاج، إضافة إلى كسر ذراعية وجمجمته وأنفه والتقارير موجودة وموثقة. فقد تم نقله إلى مستشفى السلمانية الذي حاول مراسل قناة العالم استغلال إصابته ليجري مقابلة مع والده على أنه اعتداء من قبل رجال الأمن، ولكن الوالد رفض وبإصرار، كعادة أمة الفاتح التي لا تعرف الكذب ولا التمثيل، ومن ثم نقل إلى المستشفى العسكري، ثم عرضه والده على أطباء في الأردن، ولازال يخضع للعلاج، هذه باختصار قصة معاذ الذي لم تعرف غرفته الورود ولم تتوال على زيارته وفود، ولم تسأل عن حالته جمعية تجمع ولم تسأل عنه إعلامية ولا وزيرة ولا عضو في جمعية حقوقية ولا إنسانية. معاذ وخالد السردي وهناك ضحايا غيرهم لم تذكر قصصهم، ولم يفصح أهلهم عن إصاباتهم، وذلك لعدم وجود جهة حيوية تتبنى قضاياهم، ولا هناك مؤسسات مدفوع لها الأجر تبحث عن فبركات وتزييف تقارير، ولكن مع الأسف حتى الجمعية المسؤولة عن أمة الفاتح لم تفكر أن تسأل أو تأخذ على عاتقها مهمة البحث والتحري، حتى خلت تقاريرها من حقائق موثقة لا تحتاج إلى مجهود ولا إلى فريق فني، فها هي المشكلة التي تعانيها أمة الفاتح من ضياع صوتها وسط النباح الكاذب، الذي صار له أهمية وحساسية حتى صارت الأجهزة الرسمية وكبار المسؤوليين في الدولة يحاسبون له ويضعونه في خانة الأهمية القصوى، وها نحن نرى كيف يتم الاهتمام بالمفبركين وما ينشرونه من قصص وروايات مخترعة ومسروقة، فصار الكاذب اليوم هو الصادق، وصار الصادق هائم لا يعرف أين يضرب بوجهه. هذه الحقيقة التي يجب أن تنتبه لها الجهات الرسمية، التي غفلت عن قضية معاذ وغيرها من قضايا قد تكون مروعة أكثر، وهي قضايا تثبت مصداقية الدولة، حين تكشف عن ضحايا المؤامرة الانقلابية التي يصر قادتها على تمسيتها ثورة سلمية حين استطاعوا أن يصنعوا من موت مرضاهم وسقوطهم من السلالم والدراجات بأنها اعتداءات من قبل رجال الأمن، بينما ضحايا الإرهاب من أمة الفاتح تموت قضاياهم بين ملفات السلمانية والتقارير السياسية، التي مع الأسف لم تقم الإدارة التي استلمت وزارة الصحة بعد استقالة وزيرها نزار البحارنة بكشف الحقائق في أوانها ولم تظهرالأدلة، رغم إمكانها توجيه نداء إلى الضحايا الذين تعرضوا لاعتدءات وإجراء المقابلات وتسجيل الأحداث وعرضها على العالم، في الوقت الذي فيه نشط مراسلوا قناة العالم الإيرانية بصناعة أفلام وتمثيليات بسرعة وحرفية حتى استطاعوا أن يحولوا مؤامراتهم الانقلابية الفاشلة إلى قضية ناجحة في المؤتمرات الدولية وعلى القنوات الفضائية. معاذ أحمد قضية منسية فات عليها سنة وشهور، ولازالت القضية تراوح مكانها، ولازال والده يتحمل مأساة ابنه التي تضاعفت آلامه جسدياً ونفسياً، إنه أبومعاذ الصوت المخنوق بالحزن والكدر حين يروي قصة ابنه وليس لها مستمع، في الوقت التي تفتح الآذان للكذب والتزوير ويكرم أصحابهما وتوضع صورهم في أولى الصفحات وهم من قادوا الحملات الإعلامية للمؤامرة الانقلابية الإيرانية، بينما الضحية الحقيقية تصارع مصيراً مظلماً حين أطفأت عنها فلاشات الكاميرات التي اشتغلت في عنابر المستشفى العسكري.