الكل يعلم أن الوضع في البحرين وصل لمراحل متأزمة من الجمود السياسي المرافق لمظاهر الاحتقان بين مكونات المجتمع، مع تواصل أشكال التخريب والتجاوزات الأمنية التي يمارسها أتباع ما تعرف “بالمعارضة” على الأرض والتي ترهب الناس، وتدخل في نفوسهم الغضب والكراهية، بالإضافه إلى المواجهات المستترة من مختلف الأطراف في الفضاء الافتراضي بكل ما تحمله من ممارسات القذف والسباب والتلاسن والتشكيك في النوايا، والبحث عن الزلل والتشهير والتشفي ونشر الفضائح وغيرها، مما أكاد لا أصدق أنه يخرج من البحرينيين المعروفين بدماثة خلقهم ومكارم طباعهم.
لكن الأزمات والصدمات تغير طبائع الناس، وما يحتاج لمئات السنين كي يتشكل ويترسخ في المجتمعات ويصبح عادات وتقاليد وموروثاً متناقلاً، قد لا يحتاج سوى لصدمة تحدث زلزالاً في النفس البشرية، تغير مجتمعاً بأكمله في أقل من سنة، فالتغير الطبيعي يأخذ سنين، والتغير الناتج عن صدمة يتطلب تجربة واحدة عنيفة تخلق مشاعر قاسية، لم تعتدها النفس السوية، فتنجر بها ومعها إلى التطرف في ردات الفعل، وهو بالضبط ما أصاب البحرين وأهلها عندما شهدت البلاد تلك الأزمة المفتعلة العام الماضي، التي أحدثت فتنة غيرت النفوس بشكل كبير!! الأمر الذي يتحمل مسؤوليته أولاً من أشعلها وتسبب بها، وهز وطناً كان آمناً مطمئناً وصدم شعباً مسالماً، ومن ثم تأتي مسؤولية من نفخ في نارها من كل الأطراف، فبحجم قساوتها كانت ردات الفعل قاسية وأحياناً مبالغة، وهو ما نحن عليه إلى يومنا هذا.
ومع حالة الجمود هذه، وتأزم الوضع السياسي والأمني، ووصوله إلى مراحل مخيفة من الاحتقان المجتمعي، الذي كاد أكثر من مرة أن يصل إلى الصدام المباشر الحقيقي بين فئات المجتمع، أطرح هذا التساؤل “هل يعني لون الإشارة الضوئية الأصفر، أن نزيد السرعة ونجازف بتجاوزها قبل أن تتحول إلى الأحمر، أم نخفف ونحذر ونؤثر السلامة؟! حسناً فكروا في ذلك ولنتساءل أيضاً، تأزم الوضع السياسي هل يعني أن نتعقل ونفاضل ونراجع المواقف والأفعال وردودها ونتائجها وما ترتب عليها إلى الآن، أم نصر على مواقفنا ونتهور أكثر ونتشدد ونجازف ونمارس المزيد من المغامرات السياسية، واللعب بنار ضياع الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، ونواصل بث روح وخطابات ومفردات الفتنة والكراهية والطائفية؟!
أوجه سؤالي هذا للجميع، لكل الأطراف، أكرر وأؤكد، أنه لا يستوي من بدأ الأزمة وافتعلها، مع من تأثر بها ومارس ردات الفعل، هذا أمر يجب أن يكون واضحاً، لكننا اليوم نبحث عن مخرج لما نحن فيه، وهي مسؤولية وواجب وطني يشارك فيه الجميع، ولكل فرد دور في تحقيقه أو فشله، كما أعتقد أيضاً أنه هدف يتمناه الجميع، لأن لا أحد يتمنى أن يستمر الحال على ما هو عليه الآن، ولعل الحل الذي لابديل عنه هو الدخول في حوار وطني شامل، يكون استكمالاً لجولات الحوار السابقة، لكن هذا الحوار يجب أن تسبقه خطوات واضحة، أولها أن توقف جماعات المعارضة كل أشكال التخريب التي تمارس في الشارع، وأن تمتلك الشجاعة لتعلن للجميع أنها أخطأت في حق هذا الوطن، تماماً كما كانت الدولة من الشجاعة، فاعترفت بوجود أخطاء ارتكبت من جانبها، وهو أمر لاقى استحسان العالم والمنصفين في الداخل والخارج، وكان برهاناً على صدق نواياها في إيجاد مخرج للأزمة، وتصحيح المسار والمواصلة في الإصلاح وتلافي الأخطاء، لكن المصرين على التأزيم راحوا يبحثون عن الاستفاده الفئوية، وما يخدمهم من هذا الاعتراف، بدلاً من استثماره لجهة مصلحة الوطن الجامعة، ومقابلته بالمثل، إذ كان الأولى بهم أن يعترفوا بأخطائهم بشكل علني وواضح تجاه البحرين وشعبها -بكل أطيافها ومكوناتها- الذين ساقوها إلى فتنة لم تخرج منها إلى يومنا هذا!!
والمطلوب من الجميع، من جانب آخر، هو التصدي لخطابات الفتنة والكراهية التي انتشرت وباتت فعلاً يومياً مألوفاً، ليس فقط من سفهاء القوم، بل ومن شخصيات عديدة يفترض فيها الحكمة!!
كما ينبغي العمل على نشر خطاب وحدة الصف والتسامي والوسطية وجمع ذات البين، فما أحوجنا اليوم لبيان كبيان علماء القطيف، يصدر من علماء البحرين ومن مثقفيها وقياداتها، ويتم العمل على ترسيخه ونشره بين الناس بشكل مدروس ومتسلسل ومنظم، حتى يساهم في محو آثار الصدمة التي مازالت في النفوس، وهو أمر لايحدث بشكل اعتباطي، وإنما يحتاج توافر النوايا الصادقة والعمل المخلص، وتقديم مصلحة الوطن وأجياله القادمه فوق كل اعتبار.
شريط إخباري:
أعود لأجيب عن التساؤل أعلاه، التعامل مع الإشارة الضوئية يكون بحسب أخلاقيات ووعي “قادة المركبات”، المشكله ليست فقط حين تكون صفراء، أحياناً تتحول للون الأحمر، وتجد أيضاً من يقطع الإشارة! يذكرني ذلك بمشهد في مسرحية “المتزوجون” لسمير غانم، حين يصف حال بعض السائقين حين يفقدون حواسهم بعد وجبة طعام دسمة: “تلاقي الإشارة حمرة وفجأة واحد راح معدي، تقوله ياعمي الإشاره حمرة، يقول لك حمرة!! حمرة مين ؟!” مثل هؤلاء موجودون لدينا مع الأسف في العمل السياسي !!
لكن الأزمات والصدمات تغير طبائع الناس، وما يحتاج لمئات السنين كي يتشكل ويترسخ في المجتمعات ويصبح عادات وتقاليد وموروثاً متناقلاً، قد لا يحتاج سوى لصدمة تحدث زلزالاً في النفس البشرية، تغير مجتمعاً بأكمله في أقل من سنة، فالتغير الطبيعي يأخذ سنين، والتغير الناتج عن صدمة يتطلب تجربة واحدة عنيفة تخلق مشاعر قاسية، لم تعتدها النفس السوية، فتنجر بها ومعها إلى التطرف في ردات الفعل، وهو بالضبط ما أصاب البحرين وأهلها عندما شهدت البلاد تلك الأزمة المفتعلة العام الماضي، التي أحدثت فتنة غيرت النفوس بشكل كبير!! الأمر الذي يتحمل مسؤوليته أولاً من أشعلها وتسبب بها، وهز وطناً كان آمناً مطمئناً وصدم شعباً مسالماً، ومن ثم تأتي مسؤولية من نفخ في نارها من كل الأطراف، فبحجم قساوتها كانت ردات الفعل قاسية وأحياناً مبالغة، وهو ما نحن عليه إلى يومنا هذا.
ومع حالة الجمود هذه، وتأزم الوضع السياسي والأمني، ووصوله إلى مراحل مخيفة من الاحتقان المجتمعي، الذي كاد أكثر من مرة أن يصل إلى الصدام المباشر الحقيقي بين فئات المجتمع، أطرح هذا التساؤل “هل يعني لون الإشارة الضوئية الأصفر، أن نزيد السرعة ونجازف بتجاوزها قبل أن تتحول إلى الأحمر، أم نخفف ونحذر ونؤثر السلامة؟! حسناً فكروا في ذلك ولنتساءل أيضاً، تأزم الوضع السياسي هل يعني أن نتعقل ونفاضل ونراجع المواقف والأفعال وردودها ونتائجها وما ترتب عليها إلى الآن، أم نصر على مواقفنا ونتهور أكثر ونتشدد ونجازف ونمارس المزيد من المغامرات السياسية، واللعب بنار ضياع الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، ونواصل بث روح وخطابات ومفردات الفتنة والكراهية والطائفية؟!
أوجه سؤالي هذا للجميع، لكل الأطراف، أكرر وأؤكد، أنه لا يستوي من بدأ الأزمة وافتعلها، مع من تأثر بها ومارس ردات الفعل، هذا أمر يجب أن يكون واضحاً، لكننا اليوم نبحث عن مخرج لما نحن فيه، وهي مسؤولية وواجب وطني يشارك فيه الجميع، ولكل فرد دور في تحقيقه أو فشله، كما أعتقد أيضاً أنه هدف يتمناه الجميع، لأن لا أحد يتمنى أن يستمر الحال على ما هو عليه الآن، ولعل الحل الذي لابديل عنه هو الدخول في حوار وطني شامل، يكون استكمالاً لجولات الحوار السابقة، لكن هذا الحوار يجب أن تسبقه خطوات واضحة، أولها أن توقف جماعات المعارضة كل أشكال التخريب التي تمارس في الشارع، وأن تمتلك الشجاعة لتعلن للجميع أنها أخطأت في حق هذا الوطن، تماماً كما كانت الدولة من الشجاعة، فاعترفت بوجود أخطاء ارتكبت من جانبها، وهو أمر لاقى استحسان العالم والمنصفين في الداخل والخارج، وكان برهاناً على صدق نواياها في إيجاد مخرج للأزمة، وتصحيح المسار والمواصلة في الإصلاح وتلافي الأخطاء، لكن المصرين على التأزيم راحوا يبحثون عن الاستفاده الفئوية، وما يخدمهم من هذا الاعتراف، بدلاً من استثماره لجهة مصلحة الوطن الجامعة، ومقابلته بالمثل، إذ كان الأولى بهم أن يعترفوا بأخطائهم بشكل علني وواضح تجاه البحرين وشعبها -بكل أطيافها ومكوناتها- الذين ساقوها إلى فتنة لم تخرج منها إلى يومنا هذا!!
والمطلوب من الجميع، من جانب آخر، هو التصدي لخطابات الفتنة والكراهية التي انتشرت وباتت فعلاً يومياً مألوفاً، ليس فقط من سفهاء القوم، بل ومن شخصيات عديدة يفترض فيها الحكمة!!
كما ينبغي العمل على نشر خطاب وحدة الصف والتسامي والوسطية وجمع ذات البين، فما أحوجنا اليوم لبيان كبيان علماء القطيف، يصدر من علماء البحرين ومن مثقفيها وقياداتها، ويتم العمل على ترسيخه ونشره بين الناس بشكل مدروس ومتسلسل ومنظم، حتى يساهم في محو آثار الصدمة التي مازالت في النفوس، وهو أمر لايحدث بشكل اعتباطي، وإنما يحتاج توافر النوايا الصادقة والعمل المخلص، وتقديم مصلحة الوطن وأجياله القادمه فوق كل اعتبار.
شريط إخباري:
أعود لأجيب عن التساؤل أعلاه، التعامل مع الإشارة الضوئية يكون بحسب أخلاقيات ووعي “قادة المركبات”، المشكله ليست فقط حين تكون صفراء، أحياناً تتحول للون الأحمر، وتجد أيضاً من يقطع الإشارة! يذكرني ذلك بمشهد في مسرحية “المتزوجون” لسمير غانم، حين يصف حال بعض السائقين حين يفقدون حواسهم بعد وجبة طعام دسمة: “تلاقي الإشارة حمرة وفجأة واحد راح معدي، تقوله ياعمي الإشاره حمرة، يقول لك حمرة!! حمرة مين ؟!” مثل هؤلاء موجودون لدينا مع الأسف في العمل السياسي !!