زيارة الرئيس المصري محمد مرسي لإيران رغم أنها لم تستغرق سوى عدة ساعات، وأنها جاءت في إطار حضوره للقمة السادسة عشرة لدول عدم الانحياز، إلا أن المراقب ينظر إليها باعتبارها عملاً استثنائياً وله أبعاد متعددة ليس فقط في مصر، ولكن أيضاً في إيران والدول العربية والخليجية وحتى إسرائيل. وهذه الزيارة لها جوانب متعددة تختلف عن بعضها البعض. وقد قيل الكثير عن هذه الزيارة قبل أن يقوم بها مرسي إلى إيران. وقد ذهب البعض إلى القول إن هذه الزيارة هي في مصلحة إيران أكثر منها بالنسبة لمصر، لأن الأولى تعاني من عقوبات اقتصادية دولية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، وعزلة لموقفها الداعم للنظام السوري. ولذلك فهي المستفيد الأكبر من هذه الزيارة وليس مصر، لأن هذه الزيارة فتحت لها نافذة تطل بها على العالم وخصوصاً العام العربي، ومن هنا يرى البعض في داخل إيران أن الزيارة تمثل تحولاً كبيراً في السياسة الخارجية المصرية وهذا يعني أن مصر الثورة بدأت تنتهج سياسة جديدة تختلف عن “مصر مبارك” التي كانت السبب في استمرار القطيعة التي دامت أكثر من ثلاثة عقود، فجاء مرسي إلى طهران ليكسر هذه القطيعة، ويذيب الجليد بين البلدين، ويعلن من هناك عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران ومصر. ولذلك رحبت إيران بزيارة مرسي لإيران لأنها كانت تنتظر هذه الفرصة منذ فترة ليست بالقصيرة، وقد حاولت أكثر من مرة التقرب إلى مصر والتودد إليها، وقد جرى ذلك في عهد الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي، حين قابل الرئيس السابق حسني مبارك نظيره الإيراني في جنيف على هامش قمة مجتمع المعلومات التي عقدت في جنيف في عام 2003.
وفي مصر هناك وجهات نظر متعددة حول هذه الزيارة، لكن هناك شبه اتفاق في الشارع المصري على أن مرسي أراد من خلال هذه الزيارة أن يوجه رسالة لإيران والعالم، مفادها أن “مصر الثورة” تختلف عن “مصر مبارك”، وأن القرار المصري أصبح بيد أبنائه، وأنه يتصرف من وحي مصر الثورة ومن إرادة الشعب المصري.
وفي مصر أيضاً، هناك فريق في الشارع المصري لديه تحفظات على هذه الزيارة، إذ يرى هذا الفريق أن إيران سوف تستثمر عودة العلاقات الدبلوماسية لتحقق أهدافها العقائدية “المذهبية” التي تعد ركنا أساسياً في سياستها الخارجية. ولذلك فهي سوف تعمل من خلال البوابة الدبلوماسية على تحقيق هذا الهدف من خلال الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر اليوم، وباستخدام المال ستعمل على نشر التشيع في المجتمع مستفيدة في الوقت ذاته من خاصية في الشعب المصري وهي حبه الجم لآل البيت، الأمر الذي سيسهل عليها كثيراً في تحقيق هدفها. ومن هنا نرى أن ترحيب هذا الفريق بهذه الزيارة كان مشوباً بالحذر، ويحمل بداخله الكثير من الهواجس والمخاوف، وفي هذا السياق يستدل هؤلاء بأفعال إيران في دول الخليج التي اكتوت بنار التدخلات الإيرانية وأصابعها في نسج الكثير من الفتن والمؤامرات في دول المنطقة.
أما دول الخليج العربية، فإنها تنظر إلى هذه الزيارة في إطارها السيادي، بمعنى أن هذه الدول لا تملك حق الاعتراض على زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى إيران، وهي بذلك ترد على كل ما تردده بعض الأوساط السياسية والإعلامية، التي تقول إن دول الخليج تضغط في اتجاه عرقلة تطبيع العلاقات بين مصر وإيران.
في ضوء ما تقدم، فإن السؤال المهم الذي يطرح في سياق هذه الزيارة هو: هل تساهم هذه الزيارة في الارتقاء بالعلاقات المصرية الإيرانية وتدفع بها نحو الأمام؟
في اعتقادي أن خطاب الرئيس المصري في المؤتمر، والذي فاجأ به الإيرانيين قبل غيرهم، وجعلهم في حيرة من أمرهم، وسبب لهم حرجاً شديداً مع حليفهم السوري، فيه من الدلالة ما يكفي بأن هناك تبايناً كبيراً، وتباعداً واسعاً في وجهات النظر في كثير من القضايا والملفات الساخنة في المنطقة ومنها الملف السوري، الذي كان موقف الرئيس المصري واضحاً منه، وقد عبر عن الموقف بوصفه للنظام بأنه “نظام قمعي وظالم”، ومثل هذا الرأي يغضب الإيرانيين، وقد يساهم في ارجاء إعادة الدفء في العلاقات بين القاهرة وطهران. كما أن هناك تباعدا في وجهات النظر إزاء بعض السياسات الإقليمية، ونخص بالذكر منها ما يهمنا نحن الخليجيون. فإيران لها مواقف سلبية من دول الخليج، وهي مستمرة في هذه السياسية، عبر تدخلاتها في الشؤون الداخلية لهذه الدول واستفزازاتها المتكررة، وفي هذه المسألة بالذات فإن مصر لا يمكن أن تتخلى عن دورها الإقليمي العربي في العهد الجديد، ولذلك عبر مرسي صراحة عن موقف مصر تجاه دول الخليج، حين أشار إلى أن أمن هذه الدول من أمن مصر، ومثل هذه التصريحات لا تعجب إيران، وهذه مسألة أخرى تضاف إلى المسائل الخلافية التي قد تساهم في جعل العلاقات تراوح مكانها، ولا ترقى إلى مستوى متقدم، ولا تفضي إلى تطور في الأمد القريب.
في ضوء هذه المعطيات، نفهم أن التقارب المصري الإيراني لن يكون على حساب دول الخليج العربية، وقد أكد الرئيس محمد مرسى على ذلك في زيارته للسعودية. كما أن دول الخليج تدرك من جانبها الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها مصر، ولذا نرى أن عليها واجباً تؤديه تجاه مصر، وهو دعمها اقتصادياً من خلال زيادة الاستثمارات الخليجية، حتى نوصد الباب في وجه تلك الأصوات، التي لديها مواقف سلبية من دول الخليج
{{ article.visit_count }}
وفي مصر هناك وجهات نظر متعددة حول هذه الزيارة، لكن هناك شبه اتفاق في الشارع المصري على أن مرسي أراد من خلال هذه الزيارة أن يوجه رسالة لإيران والعالم، مفادها أن “مصر الثورة” تختلف عن “مصر مبارك”، وأن القرار المصري أصبح بيد أبنائه، وأنه يتصرف من وحي مصر الثورة ومن إرادة الشعب المصري.
وفي مصر أيضاً، هناك فريق في الشارع المصري لديه تحفظات على هذه الزيارة، إذ يرى هذا الفريق أن إيران سوف تستثمر عودة العلاقات الدبلوماسية لتحقق أهدافها العقائدية “المذهبية” التي تعد ركنا أساسياً في سياستها الخارجية. ولذلك فهي سوف تعمل من خلال البوابة الدبلوماسية على تحقيق هذا الهدف من خلال الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر اليوم، وباستخدام المال ستعمل على نشر التشيع في المجتمع مستفيدة في الوقت ذاته من خاصية في الشعب المصري وهي حبه الجم لآل البيت، الأمر الذي سيسهل عليها كثيراً في تحقيق هدفها. ومن هنا نرى أن ترحيب هذا الفريق بهذه الزيارة كان مشوباً بالحذر، ويحمل بداخله الكثير من الهواجس والمخاوف، وفي هذا السياق يستدل هؤلاء بأفعال إيران في دول الخليج التي اكتوت بنار التدخلات الإيرانية وأصابعها في نسج الكثير من الفتن والمؤامرات في دول المنطقة.
أما دول الخليج العربية، فإنها تنظر إلى هذه الزيارة في إطارها السيادي، بمعنى أن هذه الدول لا تملك حق الاعتراض على زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى إيران، وهي بذلك ترد على كل ما تردده بعض الأوساط السياسية والإعلامية، التي تقول إن دول الخليج تضغط في اتجاه عرقلة تطبيع العلاقات بين مصر وإيران.
في ضوء ما تقدم، فإن السؤال المهم الذي يطرح في سياق هذه الزيارة هو: هل تساهم هذه الزيارة في الارتقاء بالعلاقات المصرية الإيرانية وتدفع بها نحو الأمام؟
في اعتقادي أن خطاب الرئيس المصري في المؤتمر، والذي فاجأ به الإيرانيين قبل غيرهم، وجعلهم في حيرة من أمرهم، وسبب لهم حرجاً شديداً مع حليفهم السوري، فيه من الدلالة ما يكفي بأن هناك تبايناً كبيراً، وتباعداً واسعاً في وجهات النظر في كثير من القضايا والملفات الساخنة في المنطقة ومنها الملف السوري، الذي كان موقف الرئيس المصري واضحاً منه، وقد عبر عن الموقف بوصفه للنظام بأنه “نظام قمعي وظالم”، ومثل هذا الرأي يغضب الإيرانيين، وقد يساهم في ارجاء إعادة الدفء في العلاقات بين القاهرة وطهران. كما أن هناك تباعدا في وجهات النظر إزاء بعض السياسات الإقليمية، ونخص بالذكر منها ما يهمنا نحن الخليجيون. فإيران لها مواقف سلبية من دول الخليج، وهي مستمرة في هذه السياسية، عبر تدخلاتها في الشؤون الداخلية لهذه الدول واستفزازاتها المتكررة، وفي هذه المسألة بالذات فإن مصر لا يمكن أن تتخلى عن دورها الإقليمي العربي في العهد الجديد، ولذلك عبر مرسي صراحة عن موقف مصر تجاه دول الخليج، حين أشار إلى أن أمن هذه الدول من أمن مصر، ومثل هذه التصريحات لا تعجب إيران، وهذه مسألة أخرى تضاف إلى المسائل الخلافية التي قد تساهم في جعل العلاقات تراوح مكانها، ولا ترقى إلى مستوى متقدم، ولا تفضي إلى تطور في الأمد القريب.
في ضوء هذه المعطيات، نفهم أن التقارب المصري الإيراني لن يكون على حساب دول الخليج العربية، وقد أكد الرئيس محمد مرسى على ذلك في زيارته للسعودية. كما أن دول الخليج تدرك من جانبها الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها مصر، ولذا نرى أن عليها واجباً تؤديه تجاه مصر، وهو دعمها اقتصادياً من خلال زيادة الاستثمارات الخليجية، حتى نوصد الباب في وجه تلك الأصوات، التي لديها مواقف سلبية من دول الخليج