على الرغم من أن الأحكام التي أصدرتها محكمة الاستئناف العليا بحق ما يعرف “بمجموعة 21 الانقلابية” ليست نهائية، إذ إن أمامهم مرحلة أخيرة في درجات التقاضي، وهي المثول أمام محكمة التمييز التي لها الكلمة الفصل في قضيتهم. فإما أن تؤيد الأحكام التي أصدرتها محكمة الاستئناف العليا القاضية بإدانتهم، وإما أن تنقضها وتبرئهم، وبذلك تسقط التهم الموجهة إليهم ويصبحون في نظر القانون غير مدانين.
إلا أن ردود الأفعال على هذه الأحكام كانت سلبية في بعض الأوساط السياسية والإعلامية والحقوقية الغربية، حيث لم تعجب هذه الأحكام تلك الأوساط، فمنظمات حقوقية مثل “العفو الدولية” و«مراقبة حقوق الإنسان”، انتقدت هذه الأحكام، ولم تكتفِ الأولى بالانتقاد، بل راحت تطالب السلطات في البحرين بالإفراج عنهم، لأنهم من وجهة نظرها يعتبرون “سجناء رأي” وهم في الحقيقة غير ذلك. إذ إن كل الأدلة والبراهين تؤكد أنهم تجاوزوا مسألة حرية التعبير، وأن حراكهم لم يكن في إطار المطالبة بزيادة مساحة الحرية، أو إعادة النظر في صلاحيات مجلس النواب أو غيرها من المطالبات، التي لم تكن السلطات في البحرين تتحرج في الاستماع إليها، حتى وإن وصلت إلى أعلى سقف لها. لكن ما جرى في فبراير 2011 لم يكن في إطار تحقيق تلك المطالب، وإنما أكبر من ذلك بكثير، وكان يستهدف الانقلاب على الدستور، وإسقاط النظام، وقد رأى البحرينيون بأمهات عيونهم، الكثير من الشواهد التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه المجوعة ليس لها إلا هدف واحد تسعى إلى تحقيقه، ألا وهو “إسقاط النظام”.
ومع كل ما جرى نقول لهذه المنظمات ومن يمثلها، إن البحرين دولة قانون ومؤسسات، وقطعت شوطاً بعيداً على طريق تجسيد حقوق الإنسان على الأرض، وإن انضمامها ومصادقتها على الكثير من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية يؤكد أنها عازمة على المضي قدماً نحو تحقيق المزيد من الحقوق والعمل على استكمال ما تبقى منها من نواقص. وهذا ما يؤكد عليه دائماً سمو رئيس الوزراء، وهو ينطلق في ذلك من المشروع الوطني لجلالة الملك، وتصريحاته الأخيرة حول هذا الموضوع، تبين مدى حرص الحكومة على تكريس نهج حقوق الإنسان وكما قال خلال ترؤسه لاجتماع عمل في صبيحة الثلاثاء الماضي 4 سبتمبر 2012 بمناسبة استعدادات البحرين لتقديم تقريرها بشأن توصيات مجلس حقوق الإنسان، بشأن التقرير الوطني الثاني للمملكة. حيث أكد سموه بهذه المناسبة “أن الحكومة لا تألو جهداً في تحسين ممارسات حقوق الإنسان واستكمال أية قصور أو تباطؤ، لأنها مؤمنة كل الإيمان بأن هذه الحقوق واجب، وعلى الدولة مسؤولية تأمينها لكل مواطن”.
في هذا السياق، نرى أن البحرين تكرس مبدأ الفصل بين السلطات، وقد جسدت هذا المبدأ في هذه القضية. ولذا فإن من يحدد، إن كان هؤلاء بريئون من كل التهم الموجهة إليهم أم لا، هو القضاء البحريني المستقل، وليس أنتم ولا دولكم التي لم تنتظر طويلاً للتعليق على ما حدث، فبعد صدور الأحكام مباشرة، سارع المتحدثون باسم حكوماتكم إلى انتقادها، وهو أمر يعبر عن تدخل سافر في شؤون البحرين الداخلية.
في رأيي، أن هذه المنظمات أو الدول كالولايات المتحدة الأمريكية ومن يسير في فلكها من الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا والدنمارك، ترتكب خطأ حينما توجه سهام نقدها إلى حكومة البحرين، بشأن قضية محلية هي من اختصاص القضاء البحريني، لأن ذلك يُعد تدخلاً في شؤون دولة مستقلة ذات سيادة، وبمعايير السياسة ليس من حق أي دولة التدخل في شؤون البحرين، لأن هذا التدخل يتم ضد إرادة شعبها فضلاً عن أنه يخالف مبادئ ونصوص القانون الدولي والأعراف الإنسانية والأخلاقية، ويفضي إلى التشكيك في مصداقية الولايات المتحدة وغيرها في دفاعها المستميت عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. إذ إن من المبادئ الأساسية في الديمقراطية الفصل بين السلطات.
وفي هذا السياق نتساءل: كيف تطلب الولايات المتحدة الأمريكية من السلطة التنفيذية في البحرين التدخل في اختصاصات السلطة القضائية وتطلب منها الإفراج عن أشخاص أدانتهم المحكمة. هل نفهم من ذلك أن الأمريكيين والأوروبيين يستخفون بالقضاء البحريني ولا يعترفون به؟! أم ماذا نسمي ذلك؟! أم أنهم يتصرفون مع الدول من منطلق القوة وليس من منظور معايير القانون الدولي؟!
إنها سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، التي تمارسها المنظمات الحقوقية والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، منذ زمن ليس بالقصير، مع العديد من دول العالم، وقد أصبحت مكشوفة وواضحة ولا تحتاج إلى ذكاء سياسي لاكتشافها. والعرب هم أكثر من ذاق الويل من هذه السياسة. والمتأمل في السياسة الخارجية الأمريكية يدرك مدى تجسيد واشنطن لهذه السياسة في تعاملها مع طفلها المدلل “إسرائيل”.
فعلى الرغم من الانتهاكات المستمرة لقرارات الشرعية الدولية ولحقوق الإنسان الفلسطيني من قبل إسرائيل، إلا أن ذلك لم يرف لأي رئيس من الرؤساء الأمريكيين جفن، وآخرهم الرئيس باراك أوباما بسبب مأساة الفلسطينيين وضياع حقوقهم حيث لم نره ـ وقد قاربت ولايته الأولى على الانتهاء ـ قد حقق أي من وعوده التي أطلقها عشية دخوله البيت الأبيض بشأن منح الفلسطينيين حقوقهم. والسؤال الذي يطرح نفسه رغم أنه في كل مرة تنتهك فيها إسرائيل حقوق الإنسان الفلسطيني: لماذا لم نسمع إدانة واحدة من الولايات المتحدة لإسرائيل بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان؟ سؤال نوجهه إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية والمنظمات الحقوقية العالمية، التي هبت للدفاع عن مجموعة من الأفراد، لم ينطق القضاء البحريني بالحكم عليهم، إلا بعد أن ثبت لديه بالأدلة المادية أنهم خرقوا الدستور، وخرجوا عن مساره، الذي توافق عليه شعب البحرين، والذي أكد في مادته الأولى “ب” على أن حكم مملكة البحرين ملكي دستوري وراثي.
إلا أن ردود الأفعال على هذه الأحكام كانت سلبية في بعض الأوساط السياسية والإعلامية والحقوقية الغربية، حيث لم تعجب هذه الأحكام تلك الأوساط، فمنظمات حقوقية مثل “العفو الدولية” و«مراقبة حقوق الإنسان”، انتقدت هذه الأحكام، ولم تكتفِ الأولى بالانتقاد، بل راحت تطالب السلطات في البحرين بالإفراج عنهم، لأنهم من وجهة نظرها يعتبرون “سجناء رأي” وهم في الحقيقة غير ذلك. إذ إن كل الأدلة والبراهين تؤكد أنهم تجاوزوا مسألة حرية التعبير، وأن حراكهم لم يكن في إطار المطالبة بزيادة مساحة الحرية، أو إعادة النظر في صلاحيات مجلس النواب أو غيرها من المطالبات، التي لم تكن السلطات في البحرين تتحرج في الاستماع إليها، حتى وإن وصلت إلى أعلى سقف لها. لكن ما جرى في فبراير 2011 لم يكن في إطار تحقيق تلك المطالب، وإنما أكبر من ذلك بكثير، وكان يستهدف الانقلاب على الدستور، وإسقاط النظام، وقد رأى البحرينيون بأمهات عيونهم، الكثير من الشواهد التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه المجوعة ليس لها إلا هدف واحد تسعى إلى تحقيقه، ألا وهو “إسقاط النظام”.
ومع كل ما جرى نقول لهذه المنظمات ومن يمثلها، إن البحرين دولة قانون ومؤسسات، وقطعت شوطاً بعيداً على طريق تجسيد حقوق الإنسان على الأرض، وإن انضمامها ومصادقتها على الكثير من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية يؤكد أنها عازمة على المضي قدماً نحو تحقيق المزيد من الحقوق والعمل على استكمال ما تبقى منها من نواقص. وهذا ما يؤكد عليه دائماً سمو رئيس الوزراء، وهو ينطلق في ذلك من المشروع الوطني لجلالة الملك، وتصريحاته الأخيرة حول هذا الموضوع، تبين مدى حرص الحكومة على تكريس نهج حقوق الإنسان وكما قال خلال ترؤسه لاجتماع عمل في صبيحة الثلاثاء الماضي 4 سبتمبر 2012 بمناسبة استعدادات البحرين لتقديم تقريرها بشأن توصيات مجلس حقوق الإنسان، بشأن التقرير الوطني الثاني للمملكة. حيث أكد سموه بهذه المناسبة “أن الحكومة لا تألو جهداً في تحسين ممارسات حقوق الإنسان واستكمال أية قصور أو تباطؤ، لأنها مؤمنة كل الإيمان بأن هذه الحقوق واجب، وعلى الدولة مسؤولية تأمينها لكل مواطن”.
في هذا السياق، نرى أن البحرين تكرس مبدأ الفصل بين السلطات، وقد جسدت هذا المبدأ في هذه القضية. ولذا فإن من يحدد، إن كان هؤلاء بريئون من كل التهم الموجهة إليهم أم لا، هو القضاء البحريني المستقل، وليس أنتم ولا دولكم التي لم تنتظر طويلاً للتعليق على ما حدث، فبعد صدور الأحكام مباشرة، سارع المتحدثون باسم حكوماتكم إلى انتقادها، وهو أمر يعبر عن تدخل سافر في شؤون البحرين الداخلية.
في رأيي، أن هذه المنظمات أو الدول كالولايات المتحدة الأمريكية ومن يسير في فلكها من الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا والدنمارك، ترتكب خطأ حينما توجه سهام نقدها إلى حكومة البحرين، بشأن قضية محلية هي من اختصاص القضاء البحريني، لأن ذلك يُعد تدخلاً في شؤون دولة مستقلة ذات سيادة، وبمعايير السياسة ليس من حق أي دولة التدخل في شؤون البحرين، لأن هذا التدخل يتم ضد إرادة شعبها فضلاً عن أنه يخالف مبادئ ونصوص القانون الدولي والأعراف الإنسانية والأخلاقية، ويفضي إلى التشكيك في مصداقية الولايات المتحدة وغيرها في دفاعها المستميت عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. إذ إن من المبادئ الأساسية في الديمقراطية الفصل بين السلطات.
وفي هذا السياق نتساءل: كيف تطلب الولايات المتحدة الأمريكية من السلطة التنفيذية في البحرين التدخل في اختصاصات السلطة القضائية وتطلب منها الإفراج عن أشخاص أدانتهم المحكمة. هل نفهم من ذلك أن الأمريكيين والأوروبيين يستخفون بالقضاء البحريني ولا يعترفون به؟! أم ماذا نسمي ذلك؟! أم أنهم يتصرفون مع الدول من منطلق القوة وليس من منظور معايير القانون الدولي؟!
إنها سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، التي تمارسها المنظمات الحقوقية والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، منذ زمن ليس بالقصير، مع العديد من دول العالم، وقد أصبحت مكشوفة وواضحة ولا تحتاج إلى ذكاء سياسي لاكتشافها. والعرب هم أكثر من ذاق الويل من هذه السياسة. والمتأمل في السياسة الخارجية الأمريكية يدرك مدى تجسيد واشنطن لهذه السياسة في تعاملها مع طفلها المدلل “إسرائيل”.
فعلى الرغم من الانتهاكات المستمرة لقرارات الشرعية الدولية ولحقوق الإنسان الفلسطيني من قبل إسرائيل، إلا أن ذلك لم يرف لأي رئيس من الرؤساء الأمريكيين جفن، وآخرهم الرئيس باراك أوباما بسبب مأساة الفلسطينيين وضياع حقوقهم حيث لم نره ـ وقد قاربت ولايته الأولى على الانتهاء ـ قد حقق أي من وعوده التي أطلقها عشية دخوله البيت الأبيض بشأن منح الفلسطينيين حقوقهم. والسؤال الذي يطرح نفسه رغم أنه في كل مرة تنتهك فيها إسرائيل حقوق الإنسان الفلسطيني: لماذا لم نسمع إدانة واحدة من الولايات المتحدة لإسرائيل بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان؟ سؤال نوجهه إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية والمنظمات الحقوقية العالمية، التي هبت للدفاع عن مجموعة من الأفراد، لم ينطق القضاء البحريني بالحكم عليهم، إلا بعد أن ثبت لديه بالأدلة المادية أنهم خرقوا الدستور، وخرجوا عن مساره، الذي توافق عليه شعب البحرين، والذي أكد في مادته الأولى “ب” على أن حكم مملكة البحرين ملكي دستوري وراثي.