الأمر لا يحتمل المزيد من الكلام ولا اللف ولا الدوران؛ فالأمور في البحرين لن تهدأ إلا إذا اتخذ الطرف الذي يرمي بالشباب في أتون معركة غير متكافئة وظالمة للبلد وللناس قراراً بوقف كل تلك الألعاب «الصبيانية» التي يقومون بها يومياً في الشوارع والتي بدل أن يكسبوا بها الناس يخسرونهم. فلا يمكن لعاقل أن يؤيد أي حركة يقوم أفرادها بتعطيل حياته صباحاً وهو خارج للبحث عن رزقه.. ومساء وهو عائد إلى بيته وعياله.
أسلوب الإزعاج وتعطيل الحياة بخنق الشوارع وبث الرعب في نفوس الأبرياء ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه أخرق ولا فائدة منه، ولا يوصل إلى أي حل ولن يؤدي إلى أن يحصل أحد على حقه، بل على العكس يؤدي إلى تعقيد المشكلة أكثر وأكثر وسد كل الطرق أمام أي حل ممكن.
لا يمكن لأحد أن يلوي ذراع الحكومة، فلا حكومة في العالم تقبل أن يلوي ذراعها، وهذا يعني أن سلوك هذا الطريق لن يوصل إلى أي حل ولا يمكن للمعارضة -أي معارضة- أن تخرج منه بأي مكسب، وبالتالي فإن عليها إن كانت صادقة في نواياها وتريد بالفعل المساعدة في إخراج البلد والناس من هذا المأزق أن تعيد النظر في تفكيرها وأن تتخذ قراراً فورياً بوقف كل تلك الأعمال الغريبة على البحرين والتي بها تفتخر وتؤذي خلق الله.
إن النتيجة المنطقية لوقف تلك الأعمال هي أن الحكومة ستتوقف عن كل ما تقوم به الآن لحماية النظام والقانون، وستغيب كل المظاهر السائدة اليوم مع غياب العنف الذي اتخذته تلك المعارضة سبيلاً، فعندما تغيب الحاجة لإنزال دورية شرطة في الشوارع فإن الحكومة لن تسمح لها بالنزول، وعندما تغيب تلك المظاهر العنيفة المعطلة لحياة المواطنين والمقيمين ستغيب معها كل المظاهر الأخرى التي عنوانها توفير الأمن. لكن أي شيء لن يتغير على الأرض إن لم يتغير سلوك المعارضة، فطالما أن هناك مظاهر للعنف فإن الحكومة معنية بالتصدي لها بل هي مطالبة بالتصدي لها، وإلا فما قيمتها؟
تواجد الأمن في الشوارع وفي القرى والمدن سببه تلك الممارسات اللامسؤولة من قبل ذلك البعض الذي لا يدرك في كثير من الأحيان فداحة الأعمال التي يقوم بها، فإذا توقفت تلك الممارسات غابت تلك المظاهر، فهذه مرتبطة بتلك. بالعربي لا داعي لوجود سيارات الأمن في الشوارع إن كانت الشوارع هادئة والأمن مستتب، ولا داعي لإنزال شرطة مكافحة الشغب إن لم يكن هناك شغب. إن وجود سيارات الأمن ورجال مكافحة الشغب في بعض الشوارع والمناطق سببه وجود ممارسات خاطئة من قبل البعض، والعلاقة بين هذا وذاك طردية، فعندما تزيد تلك الممارسات شراسة وعنفاً يزداد تواجد سيارات الأمن ورجال مكافحة الشغب، وهي تقل إن قلت، أما إن اختفت تلك الأعمال والممارسات الخاطئة فمن الطبيعي أن تختفي معها تلك السيارات وأولئك الرجال.
هذا يعني أن مفتاح حل المشكلة بالدرجة الأولى هو بيد «المعارضة» فهي التي «وزت» الشباب وشحنتهم للدخول في معركة غير متكافئة وهي التي عليها أن تضع نقطة في نهاية السطر بدعوتهم إلى التوقف عن تلك الممارسات، فهل يمكن أن تبادر بمثل هذه الخطوة لتنتقل إلى الخطوات التالية المؤدية إلى طريق المصالحة الوطنية وإلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه والتفرغ جميعاً إلى مرحلة جديدة عنوانها البناء؟
الخطوة ليست صعبة لكنها تحتاج إلى جرأة وشجاعة، وقبل هذا تحتاج من «المعارضة» أن تحسم أمرها بوضع حد لأولئك الذين «يشاغبونها» في اتخاذ القرار ويريدون أن يقودوا الشارع بدلاً عنها.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90