انتهيت للتو من قراءة كتاب عنوانه “امالي السيد طالب الرفاعي”، وهو عبارة عن ما أملاه “السيد” على الكاتب العراقي المعروف رشيد الخيون من ذكريات وآراء خاصة بالسيد، فسجلها له في نوفمبر 2011 في مدينة أبوظبي ونشرها في 16 يناير 2012 بالحرف دون تنقيح أو تغيير حسب طلبه.
أهمية الكتاب تكمن في الآراء الصادمة والجريئة والصادرة من موقع رجل بحجم سيد طالب الرفاعي، ولكونه رجلاً ثمانينياً ملك القدرة على مراجعة العديد من آرائه وأفعاله التي ارتكبها أو اعتنقها في شبابه، وهي صفة نادرة في زماننا ومع الأسف حتى عند علمائنا!
السيد طالب عراقي من بلدة الرفاعي، أحد مؤسسي حزب الدعوة العراقي عام 1959 مع السيد محمد مهدي الحكيم والسيد محمد باقر الصدر، وهو الحزب الذي ينتمي له قطاع كبير من جمعية الوفاق بل هو امتداد له، ويحكي السيد الظروف والملابسات التي قادت للتفكير في تأسيس حزب شيعي، وكيف رفض المرجع محسن الحكيم والد مهدي أن يكون أي من أبنائه منتمياً لحزب لكون المرجع لابد أن يكون للجميع لا لحزب، حتى أجبر أبناءه على تركه في حين واصل الصدر المهمة.
للسيد طالب الرفاعي كذلك آراء في تحولات الحزب للعمل السياسي المباشر وإدارة الدولة خاصة الآن بعد وصلوه للحكم في العراق، وله آراء في ولاية الفقيه، وله آراء في صراع المرجعيات، وفي سيطرة الفرس على العرب في النجف، وآراء في تطوير المنبر الحسيني، ورواياته شاهد حي على السيطرة الإيرانية فكراً ومالاً وسياسية على النجف العربي، سيطرة سخرت النجف لخدمة مصالح إيران القومية على حساب المصلحة القومية للعراق، وكلها روايات مدعمة بالأسماء وبالشخوص، آراء جريئة ناقدة ولا يمكن إلا “لسيد” أن يجرأ على البوح بها.
سانتقي لكم بعضاً من تلك الآراء وأنصح بقراءة الكتاب بالكامل.. يقول السيد في الصفحة 262 إلى 264 أنه ما عاد ممكناً أن يكون هناك مرجع شيعي ذا أصول عربية إذ لابد أن يكون فارسي الأصل، ولا يقلد (بفتح اللام) العربي إلا بعد نسبه إلى إيران أو كما قال بالنص “لم يقلد العجم أو الإيرانيون السيد محسن الحكيم إلا بعد أن أعادوه إلى البروجوردية؛ أي بعد أن طبعوه بطابع العجمة، ولو أن محمد باقر الصدر ظل حياً لقلد بصفته اغايي أصفهاني، لأن جده صدر الدين كان معروفاً باغيي أصفهاني وهم تحدروا من جبل عامل بإيران والسبب عرقي فارسي أو إيران على العموم”.
ثم في الصفحة 264 يتحدث عن أسباب عدم وصول العديد من المجتهدين لرتبة المرجعية فقط لأنهم عرب!!
في الصفحة 359 يذكر رواية السيد محمد بحر العلوم كيف أنه تحدث للقادة في إيران بعد سقوط نظام صدام حسين يلومهم على ما يفعلونه بالعراقيين فقال لهاشم رفسنجاني “إن تدخلكم يضر بشعبنا في العراق!”، فأجابه رفسنجاني “أنا لا يهمني عراق أنا يهمني نظام جمهوري”.
في الصفحة 178 و179 يبدي طالب الرفاعي اعتراضه على المالكي والجعفري ويؤكد مخاطبته لهما بترك السلطة، وهو يرى أن نجم الإسلاميين بالعراق أخذ في الأفول بسبب سوء الإدارة والفساد الذي ينسب الآن لحزب الدعوة لا للفاسدين.
أما رواياته وآرائه في صراع المرجعيات وفي تطوير المنبر الحسيني فهي أكثر من جريئة، فهو رغم تأكيده على أنه عاشوري المنشأ عاشوري الهوى عاشوري التكوين (نسبة إلى عاشوراء) إلا أنه في الصفحة 230 يقول “بعد أن ظهرت الفضائيات وأخذت تعرض المشاهد غير اللائقة في عاشوراء أخذنا نتحسس منها، فأخذت أنظر إلى تلك المشاهد بتقزز من اللطم ومن التسوط بالجنازيل والتطبير بالقامة”.
الكتاب طبع في دار “مدارك للنشر”..
هذا مجرد عرض سريع على بعض ما جاء في الكتاب الذي أنصح بقراءته، ولنا تعليق غداً على ما جاء في امالي السيد طالب الرفاعي.