عدة رسائل واضحة ومباشرة وجهها جلالة الملك حفظه الله بالأمس حين ترأس جلسة مجلس الوزراء وعلى يمينه سمو رئيس الوزراء الموقر حفظه الله، رسائل من شأنها بيان كثير من الملامح للمرحلة القادمة، باعتبار أن ما طرحه ملك البلاد يمثل منهاج عمل “يفترض” العمل بناء عليه من قبل مؤسسات الدولة. ليس خطاباً عادياً الذي استمعنا إليه، إذ بين طياته عديد من الأمور التي هي أساساً نابعة من مطالبات المواطنين المخلصين في هذه المرحلة التي تمر فيها البحرين، وتأكيد ملكنا العزيز عليها في هذا الوقت لا نراها إلا “ضمانة” بأن البحرين بخير وأن قيادة الدولة تعي تماماً ما يحاك ضدها. حمد بن عيسى وجه بالأمس رسائل بغاية الأهمية من خلالها يفترض أن يكون هناك “تحديث” لعمل كل الجهات المعنية في البلد لمواجهة القادم من الأمور. أول توجيه كان لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بخصوص حفظ المنبر الديني من الاستغلال السيئ، وأن تتخذ إجراءات أكثر فعالية لحفظ رسالته السامية. هذا التوجيه يقودنا للتساؤل بشأن الإجراءات التي ستتخذ في المستقبل إزاء كل من يستغل المنبر الديني للتحريض والتحشيد وحث الناس على كراهية النظام وازدراء الطوائف والفئات الأخرى، نقول “مستقبلاً” لأننا رأينا “عجزاً” و«تخاذلاً” من قبل الجهات المعنية بشأن محاسبة من أساؤوا للمنبر الديني واستغلوه “سابقاً” ليكون منبراً لمحاربة الدولة وتقسيمها والتحشيد الطائفي، لم نر أية إجراءات بشأن دعوات للقتل صدرت من على هذه المنابر بالأخص دعوة “اسحقوهم”. اليوم المسؤولية تتعاظم عليكم، إن كنتم كجهات رسمية لا تتعاملون مع آراء الناس ولا مواقف مؤسسات المجتمع المدني بالاهتمام المطلوب، فإن التوجيه اليوم يأتي من ملك البلاد نفسه الذي يطالبكم بتطبيق القانون. عموماً ننتظر ونرى، فيوم الجمعة الذي تحول ليوم “تحريض المنابر” قريب. بشأن المسألة الأخرى التي هي أساساً تأتي كنتيجة للتحريض من على المنابر وغيرها فإن جلالة الملك أوضح دور أجهزة الأمن في ردع الإرهاب، كما شدد على دور القضاء، وعليه فإننا نتمسك بـ«وعد” جلالته للمواطنين في كلمته بالأمس من أن الإرهاب وممارساته وما حصل خلال الأزمة لن يتكرر بقدرة رجال البحرين المخلصين على حفظ أمنها، إضافة لتأكيد سيادة القضاء والقانون، والتشديد على أن البحرين دولة لها سيادتها واستقلالها ولها الحق في اتخاذ التدابير القانونية في القضايا المنظورة، ولا يحق لأي جهة خارجية أن تتدخل في شؤوننا. هي ليست فقط ممارسات تمتلك الدولة كل الحق فيها، بقدر ما أن ارتباطها بالإعلام وما يصل للخارج مسألة هامة جداً، وهي القضية التي لم تغب عن ذهن جلالته حينما أكد على ضرورة تحول الإعلام الحكومي إلى إعلام استباقي غير قائم فقط على ردود الأفعال، بحيث يكون إعلاماً فاعلاً سواء في الداخل أو الخارج، وهنا سنضع ألف خط تحت كلمة “خارجي”، إذ الإعلام الخارجي هو المحك الذي بإمكانه تغيير موازين الأمور، خاصة وأن حقيقة ما حصل في البحرين مازال أمراً “شبه مغيب” في الخارج بسبب “ضعف” الأداء الإعلامي في الخارج، مقابل سيل من المعلومات الخاطئة والتزييف المتعمد يتم تغذية الغرب به يومياً من قبل الفئات الانقلابية. للمعنيين على رسم السياسة الإعلامية نقول اليوم بأن هذه توجيهات ملك البلاد، وعليه نتمنى أن نرى نتاجاً متطوراً وفعالاً يخدم القضية البحرينية منبثقاً من استراتيجية إعلامية واضحة وخطاب ثابت غير متقلب، ونحن على ثقة من ذلك خاصة مع تفاعل الحكومة السريع مع توجيهات جلالة الملك بهذا الخصوص عبر تأكيد سمو رئيس الوزراء بأن الحكومة ستضع استراتيجية تجعل من الإعلام الحكومي إعلاماً فاعلاً وسباقاً دائماً بالمبادرة وليس قائماً على ردود الأفعال فقط وستعمل على تحقيق التكامل بين قيادات المؤسسات الإعلامية بما يصب في خانة تطوير الإعلام الرسمي، وطبعاً كإعلاميين نعرف تماماً كيف ينظر خليفة بن سلمان للإعلام وأهميته، وهو المدرك للدور الفارق الذي قام به الإعلاميون ووسائل الإعلام خلال الأزمة في الدفاع عن البحرين وإيصال الحقائق والتصدي للأكاذيب. أخيراً لن نغفل الجانب الأهم الذي تطرق له جلالة الملك المعني بتحقيق رفاهية المواطن، باعتبارها الهدف الأسمى للإصلاح والتطوير، وضرورة قيام الجهاز الحكومي بدوره الكامل في هذا الشأن، وكيف يكون دور السلطة التشريعية مهماً ومؤثراً عبر التكامل والتعاون الدائم مع السلطة التنفيذية. وإذ نؤكد هنا على ضرورة وضع المواطن أولاً في كل شيء، إلا أننا نوصل رسائل الناس مباشرة أيضاً لجلالة الملك باعتبار أن كثيراً من القضايا والهموم مازالت عالقة. مازالت الناس تعاني من مشاكل تؤرقها، مشكلة الإسكان على رأسها، ومسألة زيادة الرواتب بحيث تتوافق مع موجة الغلاء وصعوبة الحياة مازالت حلماً يراود كل مواطن، بالأخص المعوزين وذوي المداخيل المتوسطة والضعيفة. الناس بحاجة لمزيد من التسهيلات في حياتها، تحتاج لتعزيز الخدمات، وكل ذلك يتحقق حينما نأتي بمسؤولين يقومون بـ«دورهم الكامل” تجاه مشاكل الناس، ينزلون لهم ويتلمسون همومهم، وفي هذا الصدد لا نكشف سراً حينما نقول لجلالة الملك بأنه رغم توجيهاتكم والتوجيهات الدائمة لسمو رئيس الوزراء للوزراء والمسؤولين بالنزول للناس واتباع سياسة الأبواب المفتوحة، إلا أن بعض المسؤولين مازال يصنع السدود ويضع العراقيل أمام الناس للوصول إليه، مثل هؤلاء المسؤولين هم من يمثلون حجر عثرة أمام تطوير المجتمعات وتحقيق الصالح للمواطنين، بالتالي مازلنا في حاجة لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. مثلما خرج علينا حمد بن عيسى بالأمس ليطمئن مواطنيه ويؤكد على ثبات القيادة في الدفاع عن البحرين وعدم التهاون في أي من ملفاتها المهمة، فإننا من جانبنا نؤكد على ثبات المخلصين في هذا البلد على حبهم وولائهم للأرض وقيادتهم، نؤكد له بأن هذه العلاقة قائمة على الثقة والمحبة الصادقة التي لا تتخذ النفاق والرياء أسلوباً لها، بل تتخذ المصارحة والمكاشفة والنقد البناء والإخلاص للبلد دعائم لها. نجدد الدعم للمشروع الإصلاحي، ولجهود قيادتنا وحكومتنا، بأمل أن يكون القادم أفضل والتغييرات متجهة لتحقيق الخير لهذه البلد وشعبها المخلص.