لم يصل أي من المنتخبات إلى الآن لما وصل إليه الألمان والإسبان من ذروة ونشوة في أسلوب اللعب ولعل الألمان بصورة أكبر نسبياً، حيث كل الآراء تشير وتقول بأن لو استمر هذين الفريقين بهذه الطاقة من الأداء في كل لقاء سيصلان للنهائي، ويحسب كل ذلك العمل وبصورة كبيرة للمدربين القديرين جواكيم لوف اللاعب السابق والمدرب الحالي لألمانيا وفيسينتي ديل بوسكي مدرب ريال مدريد السابق وإسبانيا الحالي.
فما قام به جواكيم لوف في المنتخب الألماني بعد استلامه للسلطة عند استقالة يورغن كلينسمان عقب الخروج من كأس العالم 2006 كان كادحاً ومثمراً بالوقت ذاته، ولا أبالغ لو قلت بأنه المدرب الأكثر جرأة في اختيار اللاعبين واستبعادهم، حيث بعد كل بطولة يستبدل 50% من الجيل السابق بالحديث، كما فعل مع بالاك وفرينغز في 2008، يستبعد ويضيف ويعدل ومع كل تلك المعادلات فإنه لا يلمس الفلسفة الألمانية القائمة على التناغم في طرح الأسلوب واللعب البدني السلس اللاعنفواني بل وبكل وبدون ملل ولا كلل على الخصم، وكأنه يزيد جوعاً بعد كل هدف.
وعلى الجهة المجاورة فإن الإسبان لا ينكرون عمل ديل بوسكي في المنتخب، العمل الصعب، نعم الصعب في قدرة التحكم في هذا الزخم من النجوم، والاستدامة في التعطش رغم مشكلة المهاجم الصريح التي لازمته منذ استلامه لدفة المنتخب، فمع وصول توريس للحضيض خلال المونديال الأخير، وإصابة ديفد فيا المعضلة فهو لا يملك من الحلول سوى المهاجم الكاذب وهي الطريقة التي اعتمدها غوارديولا الموسم الماضي مع برشلونة عندما كان الحال مطابقاً لحال ديل بوسكي الآن، مع ذلك فرض أسلوبه على جميع المنتخبات لحد الآن عدا الطليان نسبياً، وما المنتظر سوى مزيد من الإثارة والغموض.
أعمال المدربين رائعة جداً في هذا اليورو ولعل الكلمات لن تكفي بوصفهم، لهذا ذكرت أبرز عملين، ولا أنكر ما قام به برانديللي بل حتى تراباتوني الذي قدم كرة متفردة جديدة على النهج الأيرلندي حتى رغم الخسائر المتتالية ولكن المنتخب بقيادته كاد أن يتأهل لكأس العالم لولا يد هنري التي أهلت فرنسا لجنوب أفريقيا وقست على أبناء المدرب الإيطالي.
لن أقول سوى كلمات ناجي “ومن الشوق رسول بيننا”.. حيث إن ما ينتظرنا هو مزيد من الإثارة وأنا كلي يقيناً بذلك بسبب ما أخذته من المؤشر التصاعدي التي سارت فيه البطولة.