ألقت مجموعة من الأحداث القوية بظلالها على وضع السوق البحرينية بصورة عامة، مما أدى ذلك إلى تأثر التاجر البحريني تأثراً سلبياً بشكل كبير. غالبية التجار في البحرين، الكبار منهم والصغار، يشتكون اليوم سوء الحال، فالسوق تعيش كساداً ملحوظاً، والبيع والشراء في السوق وصلا معاً إلى مرحلة تشبه الشلل. تجار بحرينيون يضعون أيديهم على خدودهم في محالهم التجارية، من شدة الملل وضعف حركة السوق، فهم في أمَسِّ الحاجة لمنقذ يخرجهم من الأزمة التي يواجهونها بمفردهم أو أن ليس لديهم سوى انتظار اليسر بعد العسر. الربيع العربي، والأزمة المالية العالمية، وتأثر السوق الدولية بأسعار النفط عبر مخاطر إمداداته، وأحداث الوطن الأخيرة المؤسفة، وإرادة الكثير من الدول الكبرى بإضعاف الأسوق والاقتصادات العربية وضعف السياحة بسبب الوقائع السياسية، كلها عوامل أضرت بحركة السوق البحرينية. في مقابل كل ذلك يجب أن نتحدث عن عامل مهم للغاية ساهم في الكساد البشع الذي تشهده السوق، يستحق أن نفرد له حديثاً خاصاً، هو في مسألة ضعف رواتب البحرينيين. إن رواتب البحرينيين في شكلها العام وفي القطاعين كذلك لا ترقى والتطورات الهائلة الذي تحصل في السوق، فالأسعار الرهيبة في كل شيء أصبحت تخنق المواطنين وحتى المقيمين، ولهذا لا يستطيع الكثير من الناس في البحرين (رغم توافر كل ما يحتاجه الإنسان هنا ولله الحمد) في أن يحصلوا على مرادهم، لأنهم في نهاية المطاف سيصطدمون بارتفاع أسعار السلع بجميع أنواعها، وهذا ما لا يتسق وبطريقة متوازية مع رواتبهم المتدنية، ومن هذا المنطلق أيضاً يضطر المواطن ومعه المقيم في أن يصرفا المال في الاتجاه الضيق جداً، وفي حدود الأولويات الأساسية فقط. ينصحك بعض المختصين الاقتصاديين اليوم، وفي ظل الأوضاع الراهنة للسوق، حين تريد أن تُنشأ مشروعاً تجارياً ما عليك سوى أن تفكر في المشاريع الاستهلاكية كالمطاعم والبرادات وقليل من الخدمات الاستهلاكية البسيطة، أما المشاريع الأخرى فغالبيتها مشاريع فاشلة. في الحقيقة هذه ليست سوقاً تعني بمسائل (البيع والشراء)، وإنما هي ربع سوق، أو أنها كبقية الأسواق الكسيحة العرجاء، فالحركة التجارية يفترض بها أن تنهض كلها لا أجزاء منها، وهذا هو الحاصل اليوم في البحرين. هناك عوامل أجنبية ليست في إرادتنا ولسنا نحن الوحيدون المتضررون منها، لكننا هنا نتحدث عن العوامل التي نستطيع إصلاحها أو تطويرها في وطننا الغالي، كتحسين أجور الموظفين، ورفع سقفها إلى المستوى الذي يناطح فيه الإنسان قساوة الأسعار وجحيمها، إذ لا يصح أن يكون راتب موظف حكومي أو موظف في القطاع الخاص أقل قيمة من قيمة موبايل أو تلفزيون، ثم نأتي بعد ذلك لنحلل ونفلسف ونتساءل؛ لماذا يشتري المواطن جهازه النقال بالأقساط؟!!. على الحكومة اليوم أن تدعم رواتب الموظفين بالصورة التي تنسجم ووضع السوق، وأن لا يكون تحسين الأجور ظاهرة كل خمسين عاماً، بل يجب أن تكون مرتبطة بأوضاع الاقتصاد المحلي والعالمي، وأن يكون تطورها وفق دراسة علمية دقيقة. نحن لا ننفي محاولة الدولة مساعدة من تضرر من التجار فيما بعد الأحداث، سواء كان ذلك عن طريق تمكين أو عن طريق تجميد رسوم العمالة الأجنبية، وتسهيل عملية القروض، وطريقة دفع كثير من الفواتير المتعلقة بالكهرباء وغيرها عن طريق أقساط مريحة، إضافة لتعويض كل من تضرر من الأحداث عبر إنشاء صندوق المتضررين، هذا الأمر لا غبار عليه، وتُشكر عليه الدولة حين تفهَّمت وضع التاجر في البحرين فساهمت في مساعدته، لكن من المهم أيضاً لتنشيط حرة السوق والتجارة أن تنظر بجدية في تحسين أجور الموظفين، والتي ستساهم بشكل كبير في تداول حركة البيع والشراء في سوقنا المحلية، فأجور ضعيفة تساوي سوق أضعف، وإذا عرف السبب بطل العجب.