كل عام وأنتم بخير. كل عام ووطني بخير. كل عام والجميع بخير. كل عام والأفراح والمسرات تطل بوجهها على البحرين والعالم العربي والإسلامي، راجين من الله العلي القدير أن يحفظنا ويحفظ أوطاننا.
هذا دعاء وربما هي أمنيات، لأن ليس ما نعيشه من لحظات تشي بهذا الوجه من الحب والخير والتراحم والسعادة، فالمنغصات أكثر من كل البهجات.
كم عيد يطل علينا في البحرين، ليس كبقية الأعياد التي عشناها من قبل، فالأحزان والآلام والترقب والقلق والهواجس والهموم، باتت عناوين واضحة لهذه المرحلة الزمنية.
عيد يتلوه عيد، ونحن مكاننا لم نتحرك ولم نحرك ساكناً نحو الأمام، خاصة فيما يتعلق بأمر وطننا الحبيب، وكأني به يناشدنا قائلاً «ارحموا نعومة مشاعري، واحفظوا تاريخي، وتاريخ الآف السنين التي أُشبعت حضارة وإنسانية»، هو يقول، «كفاكم عبثاً يا أبنائي، فانتبهوا لأنفسكم قبل أن يفوت الأوان، وقبل أن يحترق كل شيء».
بالأمس القريب، خاطبنا العقلاء من كل الأطراف، ومن كل الجهات، ومن كافة الطوائف، أمَّا اليوم وبعد أن بح صوتنا، قمنا بمخاطبة الدول والأقاليم والعالم، فقلنا لهم بالفم المليان، اتركوا وطننا يعيش، وحين لم يصل صوتنا لأي منهم، ولم يعرنا أحد أي اهتمام بقول أو فعل، ها نحن نلجأ إلى الله تعالى أن يُفرج عنَّا الهموم والكروب والمصائب، إنه سميع مجيب الدعاء.
قبل أن أنسى، منذ أكثر من عام ونصف العام، يصارع أهل هذا الوطن من الطائفتين الكريمتين بطريقة غير لائقة، ومازالوا يتراشقون التهم والأقاويل، ولم يأت أي حادث أو حدث أو مصيبة توحدهم، لكننا وفي الحقيقة اكتشفنا مؤخراً بأن هنالك أمراً ما، وحَّد هؤلاء القوم، فما هو هذا الأمر؟.
إنها الكنيسة، هذه كانت آخر ما كان يخطر على بال أيّ بحريني من أبناء الطائفتين الكريمتين، في أنها ستكون في يوم من الأيام، قبلة توحِّدهم وترص صفوفهم، ويتفقون أخيراً على كلمة سواء!!.
لا يهم، ما اتفقوا عليه، أكان حقاً أو باطلاً، «أهمْ شيْ أنهم بدوا يتفقون»، هذا التطور يعتبر إيجابياً نوعاً ما، وإن كان في عنوانه الأولي، لا يستحق كل ذلك، لأن هنالك في العقيدة والدين والإسلام والإنسانية والأرض والوطنية ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، لكننا لم نستطع أن «نلعبها صحْ».
إن الأوامر ببناء كنيسة في البحرين، أثارت جدلاً واسعاً بين أوساط التيارات الدينية «السنية والشيعية والسلفية وغيرهم»، وكذلك بين بعض طبقات المجتمع من المحافظين الجدد، حيث اتفقوا من حيث المبدأ على أنهم ضد الفكرة، وهذا ليس من اختصاصنا، بل كل اختصاصنا هنا أن يتوحد هذا المجتمع التائه.
لو عرفنا أن الكنيسة ستوحد أفكاركم وجهودكم وحبكم لإسلامكم ولأبناء جلدتكم، لطلبنا من أصحاب الأيادي البيضاء أن يبنوا في كل داعوس كنيسة، علَّها تؤلف قلوبكم وترققها. أهكذا تريدون أن تتوحدوا؟ هل أصبحت الكنائس والمصائب والبلاوي، هي التي نسأل من الله تعالى، أن يكثرها ويزيدها حتى تنتبهوا لأنفسكم ولوطنكم؟ أم أنه الضياع الذي تحقق ويتحقق على أيدي بعض سفهاء هذا الوطن؟
أضعتم الفرص، وضيَّعتم الوطن، وها أنتم تجتمعون ضد كنيسة تبنى قرب صحراء قاحلة.
لست معنياً بالكنيسة والكنائس، ولا تهمني الصلبان كثيراً، فهي ليست بأغلى وأهم من وطني وأبناء وطني، لكنه الحزن الذي يطل برأسه القبيح، كلما أوغلنا في عيد رأيناه يعاكس مشاعرنا وأفراحنا ووطنيتنا. إنه العيد الذي أحيانا يبرز في ثوب حزن، وأحيان كثيرة يتجلى بأبشع صوره في شكل تخلّف كريه، والحسابة تحسب.