بهذه العبارة بدأ الخطاب الغربي هذه الأيام الحديث عن تحول الربيع العربي إلى شتاء أصولي للتطرف والراديكالية، وصار تهديداً للمصالح الغربية الاستراتيجية، مع إمكانية انتقاله من الشرق الأوسط إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
الغرب كان يتوقع تحول الربيع العربي إلى ديمقراطيات حقيقية مماثلة لديمقراطياته التي توصف عادة بـ (العريقة)، ولكنه فوجئ بصعود دراماتيكي للتيارات الإسلامية مع وجود اتجاهات متطرفة لدى هذه التيارات الإسلامية يمكن أن تعادي الغرب، أو تمس مصالحه الاستراتيجية في المنطقة.
ومما فاقم الوضع، أن الرأي العام الغربي كان يتوقع أن ينال مكاسب الحرب على الإرهاب بعد مرور ما يقارب عشرة أعوام على إطلاقها خلال حكم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن. ولكن الرأي العام الغربي نفسه يشاهد اليوم نتائج مختلفة، فلم تنته الأصولية بالمنظور الغربي، ولم ينته الإرهاب الإسلامي بالمنظور الغربي، ولم ينته التطرف الديني بالمنظور الغربي.
وجميع الأحداث التي نشاهدها اليوم في مختلف بلدان العالم الإسلامي ليست بسبب الفيلم الأمريكي المسيء للإسلام، وإنما نتيجة تراكمات ثقافية طويلة استمرت عقداً من الزمن تجاه الولايات المتحدة والغرب. وما يحدث من تطرف وإرهاب وعنف ضد المصالح الأمريكية والغربية باسم الاحتجاج على الفيلم المسيء ليست في الحقيقة تطرفاً وإرهاباً ضدها وإنما هي ظاهرة أخرى تدفعنا للتساؤل؛ هل فعلاً حققت الحرب على الإرهاب نتائجها بعد مرور عشر سنوات؟.
لا أعتقد تماماً أنها حققت أهدافها ونتائجها تماماً، فمازال التطرف قائماً، ومازالت الحركات المتشددة نشطة في مختلف أصقاع العالم. وحتى عندما حاول الغرب إعادة تغيير خريطة الشرق الأوسط لإيجاد حكومات ديمقراطية بدلاً من الحكومات الاستبدادية والأوتوقراطية بالمفهوم الغربي، لم يحقق هدفه، ومثال ذلك العراق الذي يعيش حالة فريدة بين الديمقراطية الغربية والثيوقراطية الإيرانية، وهي حالة ليس لها مثيل في الأنظمة السياسية بالعالم.
النتيجة كانت استمرار الحركات الإرهابية في الشرق الأوسط، وزيادتها بموجة تطرف بسبب الثورات الشعبية العربية، فأي ثورة يعقبها تطرف دائماً.
من الصعب جداً تقييم المرحلة الراهنة، والأصعب أيضاً تقييم الاتجاهات المستقبلية لما ستؤول إليه الأوضاع هنا في الشرق الأوسط. ولكن من الواضح أننا أمام موجة تطرف حادة للغاية، ولكنها ليست مجرد جماعات كما كانت في السابق مثل حزب الله والقاعدة وغيرها، بل هي اليوم حكومات تحكم ووصلت إلى الحكم بحسب المعايير الديمقراطية نتيجة الفوضى الخلاقة التي ابتكرها الغرب لنا.