بعد الاعتراف المدوي بوجود «مستشارين» من الحرس الثوري الإيراني في سوريا لمساعدة النظام السوري ودعمه، وهو ما يعتبر فضيحة بامتياز بسبب إصرار إيران على إنكار هذه التهمة فترة طويلة، برزت إلى السطح فضيحتان أخريان؛ الأولى تتعلق بالترجمة المزيفة في قمة عدم الانحياز التي عقدت في طهران، والثانية تتعلق بمد النظام السوري بالأسلحة عبر العراق وباستخدام طائرات مدنية.
أما فيما يخص قمة عدم الانحياز فقد تبين -حسب تصريح وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة لقناة العربية- أن عملية تزوير كلمة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي التي ألقاها في المؤتمر لم تطل الترجمة داخل القاعة، لأنه بالفعل لو حدث ذلك لانسحب الوفدان المصري والبحريني، لذا اعتبر الشيخ خالد ما حدث أشبه بعملية خديعة للوفود المشاركة، حيث الترجمة المزيفة كانت للمتابعين خارج القاعة وليس للمتواجدين داخلها (للتذكير فقط.. قام المترجم باستبدال كلمة سوريا التي وردت في خطاب مرسي بكلمة البحرين الأمر الذي غير كثيراً من المعاني ودخل في مساحة الزيف و.. الجمبزة).
أما الفضيحة الأخرى المتعلقة بنقل الأسلحة إلى سوريا باستخدام طائرات مدنية وعبر توظيف الأراضي العراقية؛ فلم تعترف بها إيران بعد، لكنها باتت مكشوفة ويتوفر فيها الكثير من الدلائل التي شرحها المحللون السياسيون والمتابعون للشأن العربي والدولي في العديد من اللقاءات التلفزيونية والإذاعية، وزادوا على ذلك أن الإيرانيين هم من يضع الآن الخطط الميدانية في محاولة يائسة لإنقاذ النظام السوري الحليف لهم باعتبار أن هزيمة سوريا هزيمة لإيران وأعوانها في المنطقة.
هذه هي إيران التي يشد بها البعض ممن لدينا هنا الظهر، لا يهمها أن تكذب رغم رفعها المبادئ الإسلامية، ولا يهمها أن ترى مئات السوريين يقتلون ظلماً وعدواناً على أيدي إخوانهم وبأسلحة إيرانية وخطط وتكتيكات الملالي.
كانت إيران تنفي باستمرار تدخلها في سوريا ودعمها للنظام السوري حتى جاء الوقت الذي اعترفت فيه، وقالت إن عناصر من الحرس الثوري الإيراني يدعمون الجيش النظامي هناك بصفة «مستشارين»، وإن لم تذكر عددهم والدور الحقيقي الذي يقومون به وسط كل ذلك الدم الذي يسال والجرائم اليومية التي يمارسها الأسد في حق شعب يعتبر أعزلا، ثم تلا ذلك نفيها لتزييف كلمة الرئيس المصري؛ حتى جاءت اللحظة التي لم تجد فيها بداً من الاعتراف، فأنزلت باللائمة على المترجم الذي لم يوفق في الترجمة وبررت خطأه، واصفة إياه بأنه غير مقصود، حتى تبين أن الترجمة كانت للذين هم خارج القاعة وليس داخلها تحسباً لانسحاب الوفدين المصري والبحريني اللذين بطبيعة الحال لن يقبلا بهكذا تزييف لأنه من نوع «عيني عينك»، ثم تلا كل ذلك الأخبار التي لم يعد أحد يشك في صحتها والمتعلقة بنقل أسلحة وقطع غيار إلى سوريا عبر الأراضي العراقية التي تتحكم فيها اليوم وباستخدام طائرات مدنية.
ما يؤكده المحللون هو أن القوات السورية تعاني اليوم من افتقارها لقطع الغيار، والتي من دونها لا تستطيع آلياتها الاستمرار في تقتيل الشعب السوري، ويؤكدون أن الدور المنوط بإيران في هذه المرحلة هو سد ذلك النقص المهدد لوجود النظام السوري، وبالتالي فإنها لن تترك وسيلة إلا وستستخدمها للقيام بتلك المهمة، وبما أن الأراضي العراقية اليوم مستباحة من النظام الإيراني الذي يتحكم حتى في سياسة العراق عبر عملائه المعلنين هناك؛ لذا فإنه يستخدمها لتوصيل ما يشاء من أسلحة وقطع غيار إلى النظام الأسدي في محاولة لإنقاذه، وإن تعرض المدنيون الذين تستغل طائراتهم من دون أن يعلموا للخطر.
ترى ما هي الفضيحة التالية لهذا النظام الذي لا يزال يردد أنه يحترم استقلال البحرين ولا يتدخل في شؤونها؟.. مجرد سؤال.