قلنا قبل أيام بأن الأمير خليفة بن سلمان رئيس وزرائنا -حفظه الله- يعرف تماماً أهمية “الإعلام الوطني” وبأنه كان ومازال وسيظل الدعامة القوية لهذا الإعلام حتى يقوى ويقوم بدوره المطلوب. بالأمس استقبل سموه كعادته مجلس إدارة جمعية الصحفيين الجديد، في تأكيد متجدد لدعمه لدور الصحافة الحرة والنزيهة، الصحافة التي تنطلق من منطلقات وطنية لا فئوية أو طائفية، الصحافة التي حينما تلم الملمات بوطنها الأم تهب مدافعة عنه وعن ثوابته لا تتنصل منه ولا تنقلب عليه لا تبيعه بأبخس الأثمان ولا تساوم عليه ولا تتحول لخنجر يضرب الوطن في ظهره. ليست البحرين من تلك الدول التي تضع القيود على الصحافة، خاصة في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي فتح باب الحريات على مصراعيه وضمن حرية الكلمة المسؤولة، بل البحرين وقادتها هم من يدعون الصحافة لتكون بالفعل “سلطة رابعة”، وهناك فرق بالتأكيد بين أن تكون “سلطة رابعة” وبين أن تكون أداة طيعة تنفذ أجندات خارجية. الإعلام الوطني قام بدور كبير لا ينكر خلال الأزمة، دور يقدره قادة البلد على الدوام، خاصة حينما وقف متصدياً للأكاذيب والفبركات التي هدفت لتشويه صورة البحرين في الخارج. هذا الإعلام أحدث فارقاً واضحاً، والدليل استهداف عناصره من قبل الفئات الانقلابية، بما يتناقض أصلاً مع تصرفات من يدعي النضال السلمي ومن يدعي أن حراكه ديمقراطي راقٍ وأن أهدافه سامية. إعلامنا الوطني لا خوف عليه، ونتحدث عن مؤسسات صحفية بعينها كانت ومازالت وستظل تمارس دورها في الدفاع عن البحرين والرد على المغالطات وبيان الحقائق، بيد أن هذا الإعلام يحتاج لتهيئة الأجواء المناسبة له ليقوى ويكون صوته أكثر تأثيراً وتكون قوته مضاعفة. طوال سنوات مضت كان السجال الصحفي مع السلطة التشريعية يتركز على إقرار قانون للصحافة والنشر، ورغم التجاذبات العديدة في داخل السلطة التشريعية إضافة إلى وعود عديدة صدرت ممن تعاقبوا على مسؤولية الإعلام الرسمي بشأن تسهيل عملية صدور القانون، إلا أن الجسم الصحفي في البحرين مازال مفتقداً لقانون عصري متطور ومنفتح يسهل على السلطة الرابعة القيام بدورها المسؤول. نقول “المسؤول” هنا ونضع تحت الكلمة أكثر من خط، إذ للأسف مازال بعض من يضع العراقيل أمام صدور القانون يظن بأن منح الصحافة الحرية الواسعة قد يكون خطأ استراتيجياً، بعضهم يرى مواقع قدميه، وبعض آخر يرى بأن قوة الصحافة يمكن أن تسبب لهم أرقاً مزمناً، في حين أننا نشدد دائماً على دور الصحافة “المسؤولة”، بحيث تتمثل المسؤولية عبر الالتزام بأدبيات وأخلاقيات الصحافة لا اتخاذها وسيلة لإيذاء الآخرين فقط لأن هناك رغبة في الإيذاء ونية لسوء الاستخدام وانعدام المسؤولية. من حق الصحافة أن تنتقد، وأن تمارس النقد بأقسى صوره إن كان يصب في خانة الإصلاح ومحاربة الفساد والتصدي للأخطاء، إذ أكبر جريمة ترتكبها الصحافة اليوم إن صمتت عن الأخطاء الواضحة بذريعة أنها ستوجه النقد بالتالي للدولة، وهو ما يظنه البعض بأنه تناقض مع التمثل بدور الصحافة الوطنية! هذا فهم خاطئ تماماً، إذ حين تسكت الصحافة عن الأخطاء فإنها تمارس “جريمة” عبر التستر عن الزلات والتجاوزات، بل هي تمارس “غشاً” لا يتلاقى مع أدبياتها، يفترض بأنها هي “المرآة العاكسة” وأنها “صوت ونبض الشارع”، بالتالي “المجاملات” في الأخطاء وبناء حراكها وعملها وفق “حسبات” معينة أمر خاطئ تماماً. أتصور بأن البعض يلتبس عليهم الأمر بالفعل، بالتالي عليهم أن يدركوا بأن قادة البلد أنفسهم يحثون الصحافة على لعب دورها، بل يطالبون بالنقد البناء الذي يخدم جميع السلطات لتحسن من أدائها، وأكبر دلالة على ذلك قبول رموزنا بالنقد حتى لو طالهم بشكله الحرفي الصحيح، ألم يقل سمو رئيس الوزراء تلك الكلمة المشهورة التي بتنا نعتبرها مادة ثابتة في دستور عملنا الصحفي “انتقدوا خليفة بن سلمان لكن لا تسيئوا للوطن”؟! كل أمر خاطئ هو عرض للنقد، كل عمل في الاتجاه المعاكس يحتاج لأن تلقي عليه الصحافة الضوء وأن تساعد على تقويمه، ونحمد الله أن لدينا قيادة تتفاعل مع الصحافة الصادقة الوطنية فيما تنشره من قضايا، تتفاعل من فورها مع مسائل الناس حينما تنشر أولاً بأول، بل تتواصل مع الصحافيين والكتاب لمعرفة المزيد من الأمور والتفاصيل لتقوم بدورها. في بعض الدول ينظر للصحفي أو الكاتب بنظرة مختلفة، ينظر له كند وخصم بل عدو إن مارس دوره في كشف الأخطاء ومحاربة الفساد والتجاوزات، لكننا في البحرين نعامل على أساس شراكة مجتمعية، وبناء على آلية عمل وثيقة تربطنا مع جميع الأطراف المسؤولة رسمية أو أهلية، فالهدف هو بناء هذه البلد وإصلاحها لا تخريبها وحرقها وشق صف أهلها وتفتيت لحمتها أو تشويه صورتها في الخارج. فارق كبير بين الصحافة الوطنية وبين الصحافة التي تدعي الوطنية بينما هي تخون الوطنيين وترفض الاختلاف وترتهن لأجنداتها الخاصة التي تقوم على ضرب الوطن ومحاربته وتتمنى لحظة سقوطه. ^ اتجاه معاكس.. يقول “الأسد” خليفة بن سلمان: “الإرهاب لم يكن أبداً رفيقاً للديمقراطية أو الحرية”. هذا كلام يقوله كل العقلاء في كل أرجاء العالم، إلا تلك الجهات الخارجية التي تريد التدخل في شؤوننا وفرض إملاءاتها بحيث تطالب البحرين وهي الدولة ذات السيادة المطلقة والدولة التي تمتلك قوانين بأن تجترح “سابقة تاريخية” بفتح حوار بين “دعاة الديمقراطية والحرية الحقيقية وبين دعاة الإرهاب”! ليتك يا كراجيسكي طالبت رئيسك بمحاورة بن لادن بدلاً من قتله، وليتكم حاورتم المطالبين بحقوقهم في “وول ستريت” بدلاً من معاملتهم كـ«إرهابيين”!