يبدو أن ولع الجمهور العريض بنجوم السينما، واهتمامهم بتتبّع حياتهم الخاصة بهذا القدر أو ذاك، لا يزال يشكل موضوعاً خصباً يستثير شهيّة علماء النفس الذين يحاولون سبر أغوار هذه الظاهرة، واستقصاء أسبابها وتداعياتها؛ ففي العالم العربي، لايزال رحيل الفنانة سعاد حسني، والتي تربّعت على الشاشة أربعين عاماً ونيف، لغزاً لدى محبِّيها والمغرمين بأعمالها الفنية الجميلة، وفي بلدان ما وراء البحار، لم يعرف أحد حتى وقتنا هذا سر رحيل النجمة الكبيرة مارلين مونرو، وعملاق البوب، الفنان مايكل جاكسون، فهل مات هؤلاء حتف أنفهم أم انتحروا؟ إن إحدى الظواهر المصاحبة لرحيل النجم السينمائي، خلافاً للأدباء اللامعين أو العلماء المرموقين، تتمثل، في رأيي، في عنفوان العلاقة المتميِّزة التي تربطه بالناس بالبسطاء الذين أحبّوا أفلامه، وتماهوا مع موضوعاتها وقصصها لدرجة أنهم كانوا يتصوّرون، بل يثقون، في لحظةٍ ما، أنها تجسِّد مسيرة حياتهم الشخصية دون مواربةٍ أو مبالغةٍ، لذلك ليس من المستغرب أن نسمع عن فتياتٍ أو شبّانٍ ألقوا بأنفسهم من الأدوار العليا حالما ورد إلى مسامعهم نبأ موت فنانهم المحبوب، فكأنّهم في تلك اللحظة تيقّنوا أن حياتهم هم لم يعد لها أية قيمة تذكر طالما أنها كانت ذخراً لمن جسدّها على الشاشة بحرفيةٍ عاليةٍ، وبما أنه لم يعّد حياً، فإن استمرارها لم يعد مجدياً، وبالمناسبة فإن هذا الواقع يكاد ينطبق جزئياً على القادة التاريخيين الذين تركوا بصمات عميقةً في حياة شعوبهم، كالرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والمهاتما غاندي وغيرهم من عمالقة الأمم. والعامل الثاني الذي يجعل حياة الفنان تستحوذ على تفكير المولّعين بمنتجاته الفنيّة حتى بعد مماته فيتجسد، في نظري، في الصورة النمطية التي تركها النجم السينمائي في قلوب وعقول المشاهدين والمتابعين لتراثه وأدائه، فالفنانة سعاد حسني مثلاً جسّدت من خلال أعمالها واستعراضاتها صورة الفتاة الشرقية البريئة والبسيطة، وهذه الصورة أبهرت الأفئدة والألباب لأنها حملت بين طيّاتها ملامح الطفولة الشقيّة، وبهذا المعنى جسدّت السندريلا جوهر الحياة البشرية، بكل لحظات الفرح والأسى التي تتخللها، لذا دشن رحيلها نقطة البداية لنهاية تلك الحياة الفريدة!