سؤال نوجهه لوزارة الخارجية أو من يعنيه الأمر، إذ إلى متى سيستمر بعض سفراء الدول الأجنبية باستفزاز غالبية مكونات المجتمع البحريني عبر التدخلات السافرة والواضحة في شؤون دولة يفترض أن لها مطلق السيادة على شؤونها الداخلية؟! كل ما نسمعه ونقرأه بشكل يومي، أن هذا السفير يعقد لقاءات مشبوهة مع جماعات تأزيمية تتآمر على البلاد وتستهدف أمنها واستقرارها، وأن ذاك السفير يخاطب البحرينيين بأسلوب “فلسفي فوقي” يحدد لهم خياراتهم وكيف يديرون بلدهم، إلى غيرها من أمور وصلت لدرجة مجيء مسؤولين غربيين لبلادنا ليعقدوا مؤتمرات صحفية منفردة يتطرقون فيها للشأن الداخلي البحريني، وكأننا مازلنا تحت وصاية الانتداب الأجنبي. أين الأجهزة المعنية مما يحدث هنا؟! أم أنكم “تشوفون شيء الناس ما تشوفه”؟! ألا يكفي البحرين أن فيها أناساً محسوبين عليها كمواطنين لكنهم يعملون ضدها كل ساعة وكل يوم، حتى يأتينا من الخارج من يساهم في إشعال فتيل الفتنة والتأزيم، بل ويصدر أوامر للدولة يحدد لها ما تفعله وما لا تفعله؟! كل ما نسمعه من مؤسسات المجتمع المدني أنها تستنكر وأنها ستتحرك وأنها ستتظاهر وفق حقها المكفول دستورياً أمام السفارات التي انحرف مسؤولوها عن أداء مهامهم الدبلوماسية وتحولوا للتدخل في شؤون بلدنا، يضاف إلى ذلك تصريحات من أفراد السلطة التشريعية وجلسات طارئة وبيانات، لكن حينما تبحث عن الإجراءات الرسمية تجدها لا تتعدى الاستدعاء والاجتماع مع هؤلاء السفراء وإكرام وفادتهم دون أن نعرف بالضبط ما يدور من حديث وبعدها ينتهي كل شيء ويعود هذا السفير أو ذاك لممارسة هوايته بالتدخل في شؤوننا بل ويزيد فيها. على الدولة أن تكون واضحة في هذه المسألة، عليها أن تحدد بالضبط ما هو دور السفراء المعتمدين لدينا، هل هم في مهام خاصة بإدارة شؤون سفاراتهم، أم هم مبتعثون ليتدخلوا في الشؤون الداخلية الخاصة بالبحرين؟! متى ما عرفنا بالضبط دورهم، ومتى ما بينا للناس بوضوح ما هو دور هؤلاء وما يجب ألا يتدخلوا فيه، حينها يجب أن نعرف ما هي الإجراءات التي يجب أن تتخذ مع من يمارس دوراً لا يتفق مع مهام اعتماده كسفير لدولته لدينا. السفراء حينما يتم اعتمادهم يلقون قسماً دبلوماسياً معنياً بالاعتماد أمام ملك البلاد، وفيه من الأدبيات ما يحدد دور السفير، وفيه من التعهدات ما يحدد أطر عمله بحيث لا يتجاوزها، ولا أعتقد بأنه خلال لقاء اعتماد السفراء برأس الدولة يقول ممثلو دولهم بأن لهم الحق في التدخل بشؤوننا الداخلية، وعليه ما يحصل اليوم من “عدم احترام” لسيادة البحرين من بعض السفراء مسألة يجب الوقوف عندها. إن كنتم تقبلون بما يحصل اليوم فربما يكون من الأفضل أن تلغوا مجلس النواب وتوقفوا صرف المبالغ الطائلة عليه وعلى تقاعد ورواتب أعضائه، وشكلوا مجلساً تشريعيا آخر يتكون من السفراء الذين باتت هوايتهم التدخل في البحرين ورسم سياستها بناء على آرائهم وأهوائهم والجماعات التي يدعمونها. أما إن كنتم لا تقبلون بما يقومون بهم، وهو ما نستشفه من وحي بعض البيانات الشديدة الدبلوماسية والتهذيب في لهجتها، فهنا المساءلة الشديدة يجب أن تكون في حق الجهة المعنية، باعتبار أن ما يحصل من تجاوز لهؤلاء السفراء هو نتيجة “خلل” في التعامل و«تهاون” في وضع النقاط على الحروف بشأن دورهم المفروض ألا يتجاوزوه والذي استدعى الاستياء. نأتي للشعب الذي من حقه أن يعبر عن رأيه بحرية، أليس كذلك يا سفراء؟! بالتالي حينما ترى أطيافاً من المجتمع ممارسات مريبة لسفير ما، وحينما تقرأ له تصريحات استفزازية واضحة، أو تصريحات انتقائية مجحفة، أو ترصد له تحركات يدعم من خلالها الإرهاب الذي نعاني منه، فإنه من حقنا المطالبة بطرد هذا السفير أو تغييره، إذا هو تجاوز دوره الذي تنص عليه الاتفاقيات الدبلوماسية، بل وتحول إلى “حاضن” للإرهاب وداعم للانقلابيين. أبحث عن دول أخرى قريبة وشقيقة تعاني من السفراء بداخلها مثلما تعاني البحرين فلا أجد، هذه الظاهرة تحصل في البحرين فقط، ولم تحصل إلا نتيجة أسباب من حق الناس أن تعرفها وأن تطالب بوضع حل جذري لها. إن كنتم عاجزين عن فرض سيادة الدولة المطلقة على أراضيها، فاسألوا “سفراء التخطيط الانقلابي” المعتمدين في البحرين، فلربما كانت لديهم أفكار في هذا الصدد مثلما لديهم أفكار متجددة ودائمة لمن هدفهم إسقاط النظام. ^ اتجاه معاكس.. لمن يهمه الأمر فقط، عل الذكرى تنفع المؤمنين: دائماً ستكون هناك قلوب لن تكرهك مهما ظلمتها، وقلوب لن تحبك مهما أكرمتها!