تدعو جمعية الوفاق إلى مسيرة في “شبّت الشمس”، حيث لاتزال الشمس في كبد السماء وإن مالت قليلاً، فيستجيب لها نفر قليل، فالشمس خصوصاً في هذه الأيام حارقة والصوم بشكل عام متعب لطول النهار ولقضاء الليل في السهر، والسؤال هو من يتحمل مسؤولية من يسقط من أولئك الذين يركبون رؤوسهم ويشاركون في تلك المسيرات سواء لأسباب تتعلق بحرارة الجو أو غير ذلك من أسباب؟ هل هو الشخص نفسه الذي اتخذ قراراً بالمشاركة في المسيرة وهو في كامل قواه العقلية؟ أم أن المسؤولية يتحملها ذاك الذي صار غصباً عنه سبباً في وفاته من رجال الأمن؟ أم الجمعية التي حرضته على الخروج ومن ثم الموت؟ أم الشمس التي لم تتعاطف مع “القضية” ومالت نحو السلطة و«الموالاة”؟ حسب المنطق فإن الذي يتحمل مسؤولية سقوط أي مشارك في أي مسيرة تدعو إليها جهة ما هي الجهة نفسها، وهي هنا جمعية الوفاق لو كانت وحدها الداعية إلى تلك المسيرات والجمعيات الخمس المتحالفة لو كانت الدعوة (شراكة)، أي إن المتوفى يصير في (ذمتها) باعتبار أن الدعوة إلى التظاهر في ذلك الوقت هو نوع من الانتحار، وباعتبار أن أحداً من قياديي الجمعية / الجمعيات لم يشارك في تلك المسيرة وهو ما يفتح باب موضوع آخر مفتاحه التساؤل عما إذا كان “القادة” يعتبرون الآخرين مجرد بيادق فيرمونهم في المعتركات ويبقون هم في الظل يراقبون ويستمتعون بحياتهم؟ (بالمناسبة فإن أحداً لم يشاهد القادة الكبار في المسيرات الخمسة والعشرين التي أصرت الوفاق على تنفيذها في غرة رمضان.. وبعضها كان في “شبّت الشمس”). لا أحد يقول إنه ليس من حق الناس التعبير عن مطالبهم عبر الخروج في مسيرات، لكن استخدام هذا الحق ينبغي أن يكون واقعياً وألا يتسبب في تضرر المشاركين أو غيرهم، وكما إنه ليس مناسباً التظاهر في أماكن معينة لتأثيرها السالب كالمستشفيات مثلاً، كذلك فإنه ليس مناسباً أبداً التظاهر في أوقات معينة لا يصعب تبين الضرر الذي يمكن أن تتسبب فيه على المتظاهرين أو غيرهم كالظهر. الدستور يضمن هذا الحق والقانون يؤكده وينظمه، لكن المبالغة في الاستفادة من ذلك الحق وعدم مراعاة حتى المشاركين فيها يتسبب في أضرار ينبغي أن تكون متوقعة، وإذا كان التظاهر في كل وقت من أوقات نهار الحر وحتى ليله صعباً ويتسبب في مشكلات كثيرة للمشاركين في ذلك (الحق) فإن التظاهر في (شبّت الشمس) قد يتسبب في حصول حالات وفاة أو على الأقل تعرض البعض لضربات الشمس القاسية، ما يؤكد أن اختيار مثل تلك الأوقات فيه ظلم كبير. الغريب في الأمر أن التعليقات التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الفضائيات يتبين منها أن البعض يفخر أن المجموعة الفلانية أو العلانية تظاهرت أو تتظاهر في عز الظهيرة، هذا يعني أن هذا البعض سيفرح لو سقط أحد المشاركين في تلك المظاهرات وسيستغل هذا الحدث استغلالاً بشعاً وسيتم توظيفه ضد الدولة التي (لولاها لما خرج الناس في مسيرات ومظاهرات في “شبّت الشمس”)! هذا يعني أن الوصول إلى هذه النتيجة قد يكون مخططاً له ومطلوباً، فبها يمكن توجيه سلسلة من الاتهامات للحكومة والصراخ عبر الفضائيات، خصوصاً السوسة الإيرانية، ومحاولة كسب تعاطف العالم بدل توجيه اللوم لنفسها وإعادة التفكير في هكذا أفعال وهكذا أوقات. ما تقوم به “المعارضة” المتمثلة اليوم شكلاً في جمعية الوفاق يدخل في باب الجريمة، كونه يتسبب في وقوع ضحايا بسبب اختيار الوقت الخطأ، حيث التظاهر في “شبّت الشمس” لا معنى له ولا فائدة.. على الأقل في منظورنا!