حتى مساء يوم أمس مازالت المحرق تتنفس رائحة ذلك الإنجاز العَطِر المتمثل في تحقيق الفريق الأول لكرة القدم لقب البطولة الخليجية للأندية بعد عناء طويل ومشوار شاق جاوز العقدين «20 سنة»، حيث سُمي نادي المحرق «شيخ الأندية الخليجية» لكثرة مشاركته في تلك البطولة والتي حقق فيها طموحه ومراده مؤخراً في النسخة 27 من عقر دبي قبل أيام.
الإنجاز المحرقاوي ارتبط بعدة أمور ولكن الجميل أن يكون تحقق بأيدٍ بحرينية ووطنية تمثلت في المدرب الوطني عيسى السعدون الذي سجل ونقش هذا الإنجاز للمحرق بحروف من ذهب إلى جانب البقية، وأقصد اللاعبين والإداريين، ففعلاً ما عجز عنه المدربون الأجانب والمحترفون الذين يتقاضون الآلاف بل الملايين من الدولارات حققه ابن البلد الذي لا يتقاضى سوى مئات الدنانير.
عيسى السعدون كان مثالاً حياً للمدرب الوطني المخلص ويشبهه في ذلك كثير من المدربين، تولى مسؤولية الفريق وهو يعي بأن هنالك الكثير من الأمور السلبية التي طالت هذا الفريق في الموسم الحالي. فالفريق لم يكن يقدم المستوى المأمول منه على المستوى المحلي ولا يملك الخيارات المتميزة من اللاعبين المحترفين، وبعض اللاعبين المحليين لم يقدموا أوج عطائهم ولم يظهَروا بتألقهم المعهود، كما كان يدرك السعدون بأن خلفه «جمهوراً» لا يرحم إذا ما ظهر فريقه بالصورة المطلوبة، ومع كل تلك المصاعب تحمل السعدون هذه المهمة وأكد بتصريحات خجولة بأنه يطلب تحرك الإدارة لجلب مدرب متفرّغ.
أتوقف هنا عند كلمة التفرّغ التي كررها السعدون في أكثر من مناسبة، وهنا أود أن أوجه كلامي للمسؤولين عن الرياضة في البحرين الذين باركوا للمحرق هذا الإنجاز وقالوا للسعدون «ما قصرت»، فإننا اليوم نطالب هؤلاء المسؤولين بالتكرّم والالتفات لحال هذا المدرب الذي طلب مدرباً متفرّغاً ليؤكد بأن العمل التدريبي بات بحاجة للوقت والجهد من أجل أن يصل إلى الكمال والمثالية، ونقول للمسؤولين لماذا لم نجد من يتفاعل مع هذا الإنجاز بغير التبريكات والتهاني ويصدر قراراً جريئاً يتمثل في تفريغ هذا المدرب وترشيح اسمه لنيل وسام من الأوسمة التي يحظى بها أبناء الوطن المتألقون في شتى المجالات؟، ولماذا لا يحصل على ترقية في وظيفته على أقل تقدير؟، فإنجازه لم يكن سهلاً على جميع مواطني البحرين، بل أسكن السعادة في قلب الصغير قبل الكبير.
نعم نحتاج لخطوة جريئة من قبل المسؤولين تجاه هذا المدرب الذي حقق ما عجز عنه من سبقوه، وصدقوني فإن الأمثلة في الدول المجاورة كثيرة ويمكن لنا أن نحتذي بها، وهنا سأذكر اسم المدرب الإماراتي مهدي علي والذي سعى له الأشقاء في الإمارات للتخصص في مجال التدريب على خلفية إنجاز حققه للكرة الإماراتية ويحاولون أن يصنعوا منه مدرباً عالمياً.
أود أن أختم بأننا في حاجة اليوم لكي نصرف أموالاً على تطوير الكفاءات الوطنية في شتى المجالات ومنها الرياضية لأن العملية التطويرية انعكاساتها مستقبلية وليست آنية !!