تجارنا الأعزاء وكل القائمين على كل المؤسسات المدنية الأخرى؛ اليوم اصبح لزامًا عليكم أن تأخذوا زمام المبادرة وتنقذوا العمل المدني من الذين استحوذوا عليه لتسخيره لخدمة ساعة الصفر التي خططوا لها ورسموها إلى أن حانت فأدى كل منهم دوره المرسوم. اليوم حانت ساعة إعادة الأمور لنصابها وتسخير المؤسسات المدنية لخدمة الأغراض المدنية. فقد شهدنا كيف أن كل المؤسسات المدنية سخرت إمكانياتها لهدف يتنافى ونظامها الأساسي، وهو هدف “إسقاط النظام”، حين دقت الساعة وحانت ساعة الصفر لعب كل القائمين على تلك المؤسسات دورهم المرسوم لهم، وذلك بعد أن خضعت وتعاونت تلك المؤسسات مع من أراد بيع أهله وشعبه من الأحزاب السياسية والقفز على الشراكة المجتمعية وتقرير المصير بانفراد أثناء أزمة العام الماضي، ومن لم يسخّر خدماته من تلك المؤسسات لخدمة “إسقاط النظام” انتظر وقوع الجمل حتى يثخنه جراحاً بصمته وباختبائه خلف الأبواب بانتظار لحظة الحسم ليرى أين ستسير الرياح بالمركب، واليوم تنهال الدموع كذباً وافتراءً ويتنكرون لأفعال مسجلة لهم بالصوت والصورة على فضائيات العالم. كان على المؤسسات المدنية والأفراد وغيرهم من مكونات المجتمع جميعاً احترام الدستور الذي يعملون تحت مظلته، والدستور هو النظام الذي كان يراد إسقاطه، وبدلاً من التعامل برقي ومهنية، سقط معظمهم سقطة أخلاقية مخزية، فخلعوا القبعة المهنية والنوعية ولبسوا القبعة السياسية وسخّروا كل إمكانيات مؤسساتهم وكأنها قطاع خاص لهم ولأحزابهم (أضحكتني الدعوة المرفوعة من اتحاد العمال على نقابة ألبا بأن انفصالها وتأسيس نقابة جديدة يؤثر على الاقتصاد!! أين كان الاهتمام بالاقتصاد حين حاولتم شل البلد؟ لولا أن أهل البحرين فزعوا لأمهم وسيّروا المركب بدونكم وأنقذوا ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد الذي أردتم قتله حتى يسهل عليكم افتراس الفريسة، أهل البحرين المخلصون هم الذين تطوعوا لخدمتها بصورة مشرّفة مؤثّرة ستبقى في ذاكرتنا ما حيينا في ألبا في بابكو وفي التعليم وفي الصحة وغيرها). ساهمت المؤسسات المدنية بجريمة لا تغتفر لتغيير النظام بالقوة، وهي جريمة تعاقب عليها كل القوانين الجنائية، ولمن يعتقد أن الدول الديمقراطية اليوم تسمح (بالثورات) في بلادها فهو خاطئ ويضحك على نفسه، الدول حصّنت دساتيرها اليوم ووضعت عقوبات مشددة ومغلّظة على أي محاولات لتغييرها بالقوة أو بالعنف، ونظرة على معظم دساتير العالم الديمقراطي سنعرف خطورة العبث بالدساتير باستخدام القوة أو العنف (انظر الدستور السويسري والنمساوي والسويدي والإيطالي والدنماركي والياباني)، كلها وضعت عقوبات تصل للمؤبد لمن يحاول تغيير الدستور بالقوة. ووجود هذا الكم من المؤسسات المدنية كالموجود في البحرين (مؤسسة لكل ألف مواطن) يدل على مدى رقي نظم ودستور هذه الدولة، فكان لازماً على القائمين على تلك المؤسسات احترام ذلك الدستور الذي افسح لهم كل تلك المساحة من العمل المدني ولم يقيدهم، واحترام النظام السياسي الذي افسح مجالاً للعمل والنشاط الإنساني المتخصص لخدمة الشرائح التي يمثلها، كان لزاماً على المؤسسات المدنية أن تترك العمل السياسي للأحزاب السياسية ما دامت دساتيرها تسمح بالنشاط السياسي بكل صوره وأشكاله وأنماطه، لتتفرغ هي لخدمة أهدافها الأخرى. لكن ذلك كان سيتم لو أن الهدف من القائمين على تلك المؤسسات هو المعلن، وهو الذي نص عليه نظامهم الأساسي، فما كانت تلك المؤسسات سوى مطية لأهداف أخرى. من بعد الرابع عشر من فبراير 2011 انتهى زمن العين النائمة والفئة المغلوب على أمرها والأغلبية الصامتة، اليوم حان وقت إعادة الأمور إلى نصابها ووضع هذه المؤسسات المدنية في موضعها الصحيح وهو خدمة الأهداف المعلنة والحقيقة لنظامها الأساسي، وترك العمل السياسي للأحزاب المرخصة، وعلى من يريد العمل في الشأن العام أن يحدد اختصاصه، والمجال مفتوح لأي نشاط يود المواطن أن يختاره، فلا تقييد على العمل العام. اليوم لزاماً على من يريد أن يترشح لقيادة تلك المؤسسات أن يثبت قدرته على خدمة من وضعوا ثقتهم فيه ويعمل على تطوير القطاع الذي أسست هذه المؤسسات لخدمته، وأن يكون له صوت وقوة حضور وشخصية تقف بوجه من يريد أن يعيدنا للوراء واختطاف تلك المؤسسات لخدمة أحزابه السياسية. اليوم نحتاج أن يتقدم لقيادة تلك المؤسسات من هو قادر على المبادرة والحراك، بلا حاجة لانتظار أو دفعة أو تحفيز أو ضوء أخضر، اليوم وقت الدفاع عن المصلحة العامة وتسخير المؤسسات المدنية للأغراض المدنية، ومن يترشح عليه أن يكون بقدر وحجم هذه المسؤولية ويملك من الشجاعة وقوة الشخصية والجرأة للتصدي لمواجهة نعيق الغربان ولعبهم على الأحبال محلياً ودولياً استعداداً للجولة الثانية بعد أن خسروا الأولى.