من صفات القيادة الجيدة والمتميزة أن يكون الوطن والمواطنون في قلب قيادته، فصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء سواء كان خارج الوطن أو في داخله همه المرافق له هو المواطن، يتألم لألمه ويفرح لفرحه، وعندما وصل سموه سالماً من رحلة عمل في خارج البلاد ترأس اجتماعاً تم تخصيصه لعدد من المواضيع المتعلقة بالدولة والمواطن.
فكانت من أولى المواضيع التي تم بحثها في هذا الاجتماع مع مجموعة من المسؤولين في الدولة المشروعات التي تهم حياة المواطنين، كالتعليم والصحة والإسكان ومختلف خدمات البنية التحتية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتضمين الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين (2013 ــ 2014) تقديرات مالية لتحقيق مجموعة من هذه المشروعات، ولا يتعلق الأمر بوضع المخصصات المالية لهذه المشروعات بل التوجه إلى تحقيق الإسراع في تنفيذها خلال فترة زمنية قصيرة لتمكين المواطنين من تحقيق الاستفادة منها في أسرع وقت.
لا شك أن تنفيذ المشاريع الوطنية من اقتصادية واجتماعية هو مطلب شعبي ووطني في آنٍ، وتسعى القيادة السياسية البحرينية إلى تحقيقه لكي يتمكن الإنسان البحريني والمقيم بمملكة البحرين أن يعيش في أكبر مساحة من العيش الكريم في وطنه، في وقت تعيش فيه البحرين وضعاً سياسياً يتحدى تحقيق مثل هذه المشاريع، إلا أن رهان الدولة وقيادتها وشعبها على الالتفاف الوطني للشعب البحريني حول قيادته من أجل السير معاً لتحقيق هذا الهدف التنموي الاجتماعي والاقتصادي. ورغم الآثار السيئة للأحداث التي حصلت وتحصل اليوم في البحرين، فإنها أفرزت المعدن النقي من الشائب، فرب ضارة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، فهذا هو قدرنا وعلينا أن نتقبله.
إن من أهداف الميزانية العامة للدولة هو توفير الحياة الكريمة لمواطني الدولة، حيث تكون جلَّ المخصصات المالية الشاملة لهذه الميزانية تكون لتحقيق الأهداف العامة الاجتماعية والاقتصادية لجميع المواطنين وبدون استثناء، سواء كانت هذه الميزانية مصدرها من أموال بعوائد محلية أو أتت عن طريق برامج مساعدات خارجية وخاصة (برنامج الدعم المالي الخليجي العربي). ومن هنا تأتي توجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء إلى توجيه هذه الأموال فوراً إلى تحقيق متطلبات المواطنين المعيشية الآنية وتحسينها مستقبلاً بهدف عدم حرمان أي مواطن من أي منافع خدمية حكومية وتعزيزها بمنافع حكومية أخرى ضمن الخطط المستقبلية الحكومية التي يشرف على وضعها وتنفيذها مجلس الوزراء. وهذا التوجه الحكيم والكريم يتفق كثيراً مع مشروع الإصلاح الذي بدأه ويقوده جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، ومع سياسة الرؤية الاقتصادية لعام 2030 التي تهدف إلى جعل مملكة البحرين واحة اقتصادية واجتماعية يانعة الثمار.
إن تحقيق السياسات المالية الاقتصادية لا تتطلب فقط قوانين وتوجيهات ومشاريع ورقية، بقدر ما تتطلب:
أولاً: رؤية واقعية لمدى ضرورة هذه المشروعات وتوافقها مع حاجة الوطن والمواطنين.
ثانياً: العناية بوضع تقديرات مالية في الميزانية العامة للدولة لهذه المشاريع، مع أخذ العناية بشيء من الاحتياطات المالية التي تنشأ أثناء عملية التنفيذ.
ثالثاً: يحتاج تنفيذ مشاريع الميزانية العامة إلى أداة فعالة حتى ترتقي هذه المشاريع بالمستوى الحياتي والمعيشي للمواطنين.
رابعاً: أن تكون هناك متابعة دقيقة ومراقبة نزيهة للمخصصات المالية المخصصة لكافة المشاريع، بما يُحقق التناغم بين النفقات والإيرادات، وبما يُحقق احتياجات المواطنين ويحقق مستوى معيشي ملائم وكريم لعموم المواطنين.
خامساً: أن تدار ميزانية الدولة العامة بأسلوب إداري وتقني متطور بعيداً عن أساليب البيروقراطية والإدارات العتيقة، فالتجديد هو دائماً أسلوب الحياة الجديدة والمتطور.