من منبر الاتحاد الأوروبي خلقت فكرة البطولة الأوروبية، وليست فقط بطولة الأمم الأوروبية “يورو” وإنما دوري الأبطال والدوري الأوروبي “الاتحاد الأوروبي بالمسمى القديم”. شعار “الاحترام” الذي يضعه الاتحاد الأوروبي على قمصان لاعبي المنتخبات والأندية والحكام، لا يقتصر على اللعب النظيف على الميدان فحسب، بل إنه مبدأ يسير عليه هذا الاتحاد، مبدأ رحيم و صارم، رحيم عندما يكافئ الفرق ويدفعها نحو الأمام بدعمه اللامحدود وتغطيته لكافة الأنشطة التي يقيمها، وصارم عندما يعاقب؛ كما عاقب الاتحاد الروسي والكرواتي والألماني على سلوك الجماهير. ثقافة “محاسبة الذات” من أكثر ما تتميز به هذه المؤسسة، ولعل هذه الثقافة قديمة جداً في القارة العجوز، وهذا هو السبب الحقيقي لتأليف موزارت أماديوس لأوبراه الشهيرة “دون جيوفاني” في نهاية القرن الثامن عشر، فعند وفاة والده في ظل إهماله له وهو العرّاب الذي علمه أصول الموسيقى، حاسب نفسه وذم نفسه بهذا العمل، بالطريقة التي وجدها يستحقها، شتان ما بين الإداري الذي يظن أنه في مؤسسة فاضلة لا تخطئ وبين الإداري الذي يدخل المؤسسة بهدف تطهير الشوائب منها! الفكرة هي كالبكتيريا، تخترق كل شيء لتصل إلى إشارة مرورية وهي التنفيذ، فإذا نفذت بتفان فإننا احترمنا الفكرة واحترمنا الهبة والهدية، ولنتخيل أن بطولة أمم أوروبا، البطولة التي تحصد ملايين المليارات من الأموال، والتي تتحكم في المليارات من المشاهدين جاءت من مجرد فكرة، فكرة صحفي فرنسي، فمليارات الدولارات وريموت الكنترول الذي سيطر على عقول الملايين لم يأت من فرض ديني أو من أمر سياسي، وإنما بفكر نتاجه فكرة، مادة غير ملموسة قد تكون رخيصة لا تشترى بالدنانير وإنما بالتأمل في السلبية واستخراج إبرة الإيجابية من تلك التجربة، فكل شيء جاء من فكرة؛ حتى فكرة الخلق والوجود والتكوين. المهمة الإدارية بسيطة وجميلة ومجهدة بنفس الوقت، تحتاج لأخلاقياتك ونبلك وصرامتك، هي لا تكمن في فن الكذب ولا في مهارة النفاق وفي أصول المجاملات، بل كن إنساناً، إنسان ليس كغيره بل كالإنسان فقط!