نص - رنوة العمصي: كان عليه أن يحمل شيئاً آخر حين أخبروه أن عليه المغادرة فيم كان يفكّر عندما حمل خارطة؟ لو لم يكن لديه سوى يدين اثنتين للتشبث وقدمين للفرار أما كان أجدى لو حمل قليلاً من المال قليلاً من الماء... قليلاً من أي شيء يعينه على النجاة..! كبيرة جداً- الخارطة- علقها كستار على جدار ووضع رأسه عند ذيلها ونام. الجدار.. صار له جدران السقف.. صار له أسقف الأبناء.. صار لهم أبناء كل شيء تغير الخرائط هي الأخرى تغيرت وحدها خارطته ظلت وفيّة للحكاية وحدها كانت تومئ له برأسها عندما يحكي وتصدقه... يتفقدها كل مساء يحصي حجم خسارته بعد كل نشرة أخبار يتأكد من أن ألمه على ما يرام وأن حمى الفقد لازالت هنا ويسلم رأسه ككل مساء لكوابيس عن (بيسان) لما رأيته أول مرة اقترب بي من خارطته وقال لي: هذه بيسان، أنا من بيسان. قال لي: سأصحبك إلى هناك. ظننته يحلم أو يتمنى... في الطريق الصحراوي توقفت السيارة ومشينا على أقدامنا حتى وصلنا إلى تل.. أشار إلى السفح وقال: هذه بيسان، فبكيت.. أنا التي قبل يومين لم أكن أعرف بيسان..! بكيت كيف اجتمع كل هذا القرب والبعد في آن كيف أنها هنا قريبة وتقسو عليه بهكذا غياب كيف تكون هنا له أن يلمسها.. ويحاكيها ويكتفي منها بصورة.. في خارطة ملونة أي قوة جعلته يصل لخط من وهم ويتوقف كيف لم يركض ويجتز هذا الذي لم أره ستون عاماً قال لي... لا أعلم عندما قرر أن يغادر كل شيء إن كان قد ترك لخارطة بيسان أحداً يتفقدها كل مساء هي الأخرى بقيت بحكاية لا يصدقها أحد ربما استعارت علبة ألوان من طفل كان يرسم وأعادت تخطيط حكايتها.. حسب مزاج الكذبة أو أنها آثرت أن تمحو نفسها بنفسها... على الأرجح أنهم اختصروا عليها الطريق وطووها وتخلصوا منها مع حاجياته.. لا أعلم «بيسان مدينة فلسطينية محتلة».