فور أن يتم القبض على شاب صغير أو طفل (حسب بعض المفاهيم والتعريفات) يسارع البعض إلى نشر تغريدات تطالب بإطلاق سراحه والتركيز على أن المحتجز ليس إلا طفلاً مكانه الطبيعي حضن والديه. وفور أن يتم حجز فتاة لسبب يتعلق بمشاركتها في مظاهرة غير مرخصة أو لقيامها بفعل يستوجب تطبيق القانون عليها يسارع أولئك إلى نشر تغريدات تركز على أن الحكومة تعتقل فتاة، ويتم شحن العامة من الناس للخروج والمطالبة بإطلاق سراحها والقول إنه لا يجوز حجز فتاة حيث المرأة عورة وأن هذا اعتداء على الجنس اللطيف.. حتى وإن دخل في مساحة مخصصة في الأساس للجنس غير اللطيف. وفور أن يتم حجز طالب نتيجة قيامه بعمل عدائي في مدرسته أو في الشارع يسارع أولئك إلى القول إن الحكومة تعتقل الطلبة وتحرمهم من الامتحانات، وهكذا مع جميع المتورطين في أعمال لا تتناسب ومجتمع البحرين يسهل أن يطلق عليها صفة التخريبية، فهذا رجل دين ولا يجوز حجز رجال الدين وذاك مدرس وحجز المدرس إهانة للعلم وذاك طبيب ولا يجوز حجز الطبيب لأنه تعطيل للمرضى وأنه ليس من التحضر حجز الطبيب أو التحقيق معه.. والحال نفسه مع المهندس والصحافي والكاتب والأديب والمثقف والحقوقي وغيرهم. لكن أولئك لا يهمهم السؤال عن سبب تورط أولئك في أفعال تستوجب حجزهم ولا يهمهم الإجابة عن أسئلة تستفهم عن سبب ترك ذلك الطفل حضن أمه والتورط في عمل يستوجب محاسبته وتطبيق القانون عليه أو تستفهم عن سبب تورط تلك الفتاة أو الطالب أو رجل الدين وغيرهم في مثل تلك الأفعال. المكان الطبيعي للطفل هو بيته وحضن والديه، ومكان الطالب الطبيعي هو مدرسته وبيته، ومكان الفتاة الطبيعي هو بيتها ومدرستها، ومكان رجل الدين الطبيعي مسجده وصومعته، ليس مكانهم الشارع وليس عملهم مخالفة القانون ثم التباكي والاحتجاج إن عوقبوا. الفتاة التي لا تريد أن تحتجز أو يحصل لها سوء أو يتكلم عليها أحد تلزم بيتها وتستر على نفسها وتترك «ساحة الوغى» لأهل الوغى، والطفل الذي لا يريد له أهله أن يدخل أماكن لا تليق به أو ينال عقاباً لتورطه في أفعال لا تتناسب مع سنه عليهم أن يمنعونه من التعرض لتأثير الكبار ويمنعون استغلال أولئك له فهو أجدى من التباكي بعد أن يتورط وأحسن من القول إن مكانه الطبيعي هو حضن والديه حيث المفروض أن لا يسمح له بمغادرة ذلك الحضن من الأساس. والحال نفسه ينطبق على ذلك الذي يعاني من السكلر، فليس من المنطق مناشدة العالم والقول إنه مريض ويحتاج إلى العلاج وأن مكانه الطبيعي هو سرير المستشفى أو البيت لأن المنطق يقول إنه طالما ارتكب ما يستوجب تطبيق القانون عليه فإن عليه أن يتحمل. باختصار، المكان الطبيعي للطفل هو حضن والديه ولكن ليس بعد تورطه في أعمال لا تتناسب وسنه، والمكان الطبيعي لمريض السكلر وأي مريض آخر هو المستشفى أو البيت وليس الشارع والتباكي عليه عندما يواجه بالقانون، والمكان الطبيعي للفتاة وللطالب وغيرهم معروف. القول إن فلاناً طفل وعلاناً مريض بالسكلر وفلانة طالبة وعلانة صغيرة لا قيمة له بعد تورطهم في أفعال هي ليست لهم. فدولة القانون التي يطالبون بها أحد مظاهرها تطبيق القانون على من يخالف القانون، فهل يجوز المطالبة بالقانون والاحتجاج على تطبيقه في نفس الوقت؟ من يخطئ يعاقب، طفلاً كان أم فتاة أم امرأة، غنياً أم فقيراً، معلماً أم حقوقياً، رجل دين أم رجل دنيا، القانون قانون، والذين يطالبون بدولته أحق بأن يقبلوا بتطبيقه.