العنوان مدخل نشيدة “ثورية” يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي مرتبطة بفيديوهات تظهر مجموعات من الشباب وهي ترمي رجال الأمن بعشرات بل بمئات من زجاجات المولوتوف في هجمة واحدة وهم ملثمون. و«فوتوا» كلمة شامية تعني ادخلوا، حيث يقول أهل الشام (فوت جوّه) أي تفضل ادخل ولكنها في النشيدة تقال باللهجة العراقية وتعني اهجموا، حيث جملة (فوتوا عليهم) تعني اهجموا عليهم، وهي في كل الأحوال فعل أمر.. بل فعل تحريض. أما كلمة عليهم فالمقصود هنا رجال الأمن وربما كل من يقف في الصف الآخر تطبيقاً لنظرية الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش الشهيرة “من ليس معنا فهو ضدنا” وبالتالي يستحق الهجوم عليه! أما المدعوون لممارسة الهجوم بزجاجات المولوتوف الحارقة فهم شباب البحرين. هذا يعني أن شباب البحرين إن (فاتوا عليهم) صاروا هم الفاعل وصار من وقع عليهم فعل الفوت مفعولاً به وهم هنا رجال الأمن، والجملة في كل الأحوال تحريضية وتؤكد أن مقولة (سلمية.. سلمية) مجرد ادعاء تفنده تلك العمليات التي يتم تصويرها وبثها على شكل أفلام فيديو مصحوبة بتلك النشيدة التي من الواضح أنها تطرب البعض وإن ادعى في الداخل والخارج أنه ضد مثل هذه الممارسات.. بل لعلها تسكره فلا يستنكرها ولا يستنكر فعل الهجوم على رجال الأمن بتلك الزجاجات.. وهذا يعني أنه يعتبرها وسيلة سلمية حتى وهو يدرك أنها قاتلة!.. وهي كذلك حتى وإن نهى عنها نبيل رجب الذي رغم كل شيء يتعرض للنقد لأنه قال ذات مرة إنه لا يحبذ هذه الوسيلة كونها قد تتسبب في أذى الآخرين! الجانب اللافت في نشيدة “فوتوا عليهم” أنها تغنى باللهجة العراقية، وهذا أمر مريب ينبغي الانتباه له والتساؤل عما إذا كان بين العاملين في الميدان هنا في البحرين عراقيون، أم أن إنتاج تلك الأناشيد يتم في الخارج وأنه نتيجة تعاطف ليس إلا. بالتأكيد هذه ليست النشيدة الثورية الوحيدة التي تؤدى باللهجة العراقية، فهناك أناشيد أخرى تؤدى بهذه اللهجة مثل نشيدة “أبطال الميادين”، ما يصبح معه السؤال عن مدى مشاركة العراقيين في التحركات الميدانية مشروعاً. إن نشيدة (فوتوا عليهم) والفعل المصاحب لها في محل عنف، بل هي العنف “ابعينه واعلمه” وهي الدليل القاطع على أن العنف هو ما تمارسه تلك الفئة وإن رفعت شعار السلمية، ذلك أنه لا يمكن للعنف أبداً أن يكون سلمياً. قبل دخول الشهر الكريم اقترح النائب أحمد الساعاتي عقد هدنة في رمضان تتوقف فيها كافة أشكال العمل الميداني والفعل ورد الفعل ليهنأ الناس برمضان، وهو يرمي بالطبع إلى أن يستفاد من تلك الهدنة ومن أجواء شهر رمضان بتوظيفها في مصالحة يستحقها هذا الوطن. الغريب أن هذه الدعوة المكملة لتحرك إيجابي من قبل كتلة البحرين النيابية ووجهت بالرفض والسخرية من قبل البعض الذي يعتقد للأسف أنه “يحكم” الشارع. أما السبب الحقيقي فهو أنه هذا البعض يدرك تماماً أن توقف العنف والتوقف عن التحرك الميداني يعني النهاية ويعني الهزيمة لتحرك غير مدروس من الأساس ومرفوض محلياً وعالمياً. ولهذا فلن يحدث أي تغيير ملحوظ في مستوى العنف في شهر رمضان الذي حرصوا على أن يبدأ بمسيرات بغية إحداث فوضى. إن الرد المنطقي والعملي على حاملي شعار “فوتوا عليهم” هو أن “يفوت” الناس جميعاً عليهم بالطرق السلمية (الخالصة) عبر فضح تحركاتهم وأقوالهم ومواقفهم وخصوصاً في الخارج.. الخارج الذي للأسف لا يصله إلا صوت طرف واحد ووجهة نظر فريق واحد يجيد فن الكسب عبر إثارة العواطف وعبر المبالغة في رواية الأحداث.