مع بداية إحكام الحصار على الصادرات النفطية الإيرانية، أخذت أسعار السلع في إيران بالارتفاع، كما حدث شح في اللحوم والدجاج في شهر رمضان مما أدى إلى ارتفاع أسعارها.
لكن شيخ دين إيرانياً ظريفاً اسمه ناصر الشيرازي أطلق تصريحات أراد منها أن يخفف الضغط على الحكومة الإيرانية حين قال: “لا تجعلوا من قضية الشح في نسبة اللحوم والدجاج قضية ساخنة”..!
ثم قال أيضاً “أنا شخصيا أبتعد عن اللحوم والدجاج” لكن كلامه هذا سبب حنقاً شديداً من الجماهير، ولم يأت كما اشتهى الشيرازي، بل فجر قضية أخرى لدى الرأي العام تتعلق بالاختلاسات الكبيرة للبنوك الإيرانية.
إذا كان هناك من كلام حقيقي وواقعي يجب أن يقال هنا في مسألة الدعم الحكومي للحوم والطحين والدجاج، فإن هذا الأمر تشكر عليه الدولة، وهذا الأمر مهم جداً لاستقرار الأسعار، وجعل اللحوم (السليمة وليست المريضة) في متناول المواطن البسيط حتى وإن كانت أسترالية، أو بفارق أعلى باكستانية، أو غيرها من اللحوم، إلا أنها متوفرة ومتاحة بأسعار أقل من جيراننا، بل إن اللحوم الأسترالية في البحرين أقل سعراً مقارنة بالسعودية.
لكن يبقى اللحم العربي من غير دعم، لجودته، ولطلب الناس له، فهو بسعر يماثل أسعار اللحوم العربية في الدول المجاورة. كل الدعم الحكومي للغذاء أمر تشكر عليه الدولة، كما إن دعم الطحين مسألة مهمة للغاية، وإلا لما أصبح سعر الخبز ثابتاً عند 20 فلساً، وهذا غير متوفر عند جيراننا أيضاً، بل إن أسعار الخبز لديهم غالية الثمن، ويجب أن نقول الحقيقة ونشكر الدولة والحكومة عليه.
وزير الصناعة والتجارة الدكتور حسن فخرو قال ضمن حديثه أمس الأول إن مجموع دعم السلع الغذائية بالبحرين بلغ 66 مليون دينار، وهو رقم كبير لكن لابد منه في ظل هبوط الرواتب في البحرين عن نظرائنا في الخليج وربما بفارق كبير.
قيل لي إن الإخوة من مدينة دبي حين يزورون أهاليهم في البحرين يأخذون معهم حاجيات غذائية وأخرى بكميات، ذلك أن هذه السلع أرخص بكثير في البحرين.
وذات الأمر سمعته من أشقاء لنا في قطر، فهم يأخذون بعض السلع من البحرين أو من الأحساء بالسعودية، لكن السمك في قطر أرخص من البحرين.
الدعم الحكومي للمشتقات النفطية أيضاً مقدر وكبير، ونشكر الدولة عليه، لكن استوقفني رقم الدعم الحكومي للغذاء وهو 66 مليون دينار، فقلت لماذا لا ننفق ولو لمرة واحدة هذا المبلغ الكبير لإنشاء مزارع للدواجن، ومراعٍ للأغنام، وتكون الأغنام محلية، ولا نحتاج إلى استيرادها، ونستفيد أيضاً من صناعة صوفها وجلدها؟
بحكم المناخ، ربما لا نستطيع زراعة القمح (مع أن للسعودية تجربة رائدة في ذلك) وربما لا نستطيع زراعة الأرز، لكن على أقل تقدير لماذا لا نستوطن تربية الأغنام ونستوطن تربية الدواجن؟
لننفق ولو لمرة واحدة مبلغ 66 مليون دينار على مشاريع بحرينية، ومن بعدها ربما لن نحتاج إلى دفع كامل هذا المبلغ لاستيراد اللحوم الحمراء أو البيضاء.
وهذا سيلقي بظلاله على أسعار البيض، فـ(شدة البيض) وصلت إلى دينارين، أي أغلى من سعر كيلو اللحم، وسعر البيض يزداد يوماً بعد آخر ولا يوجد حل أو من يضع حداً لذلك. أعرف أن هناك مشاريع لتأمين الغذاء في تايلند، وربما في أفريقيا، لكن مازلنا نجهل طبيعة هذه المشاريع، وهل الأرز مثلاً المزروع في تايلند يماثل الأرز الذي يتناوله البحرينيون والذي يستورد من الهند وباكستان؟
إذا كانت الأغنام الباكستانية خياراً جيداً للمستهلك المحلي، فلماذا لا نجلب الأغنام ونجد لها مساحات لتربيتها وتسويقها، حتى أن دول الخليج ستستوردها من عندنا. وسط كل هذه الأمور فإن الهدف هو أن نجعل السلع متوفرة بسعر مناسب، وأن تكون متوفرة بالبحرين ولا نستوردها من الخارج.
ليس بعيداً عن الدعم الغذائي، فقد استوقفتني مفارقة غريبة، فاللحوم يوجد لها دعم، والدجاج له دعم حكومي، لكن ماذا عن الأسماك..؟
ألا يوجد دعم للأسماك وهي من بحرنا الذي اختفى عن الأنظار؟
كيلو اللحم أرخص بكثير جداً عن سعر كيلو الهامور، والهامور محلي، واللحم مستورد، لكن لماذا لم نفكر في دعم أسعار الأسماك حتى تكون متوفرة للناس بسعر معقول، البحر من حولنا، وأسعار الأسماك نار، مفارقة غريبة جداً..!
ليس بعيداً عن كل ذلك، فقد سمعت كثيراً عن مشاريع لدعم المتقاعدين، وسمعنا عن البطاقة، وسمعنا عن أمور كثيرة، لكن ما الذي تحقق حتى الآن؟
فلماذا لا توجد جمعيات أو سوبرماركت أو نحوه للمتقاعدين فقط، بحيث يذهب المتقاعد كل شهر ويأخذ حصته التموينية من الشهر بسعر مخفض لمرة واحدة كل شهر؟
ويشمل ذلك أسعار الدواء الذي لا يتوفر في الصيدليات في المراكز الصحية، هذا جزء من التخفيف عن كاهل المتقاعد. هذا مجرد اقتراح، بالإمكان توفير حلول أخرى، ولكنها في ذات الجانب، أو تطوير ما نطرحه من أفكار علها تكون سبباً في حل يخفف عن المتقاعدين.
جيراننا يتطورون في هذا الجانب، ويقيمون مشاريع زراعية ومشاريع حيوانية لدعم الأمن الغذائي، ونحن يجب أن نفكر في أن نجعل الأمن الغذائي بحرينياً قدر المستطاع، فحين يكون عند غيرك في دولة بعيدة، فإن تضع نفسك على رياح الأقدار تقذفك هنا وهناك.
حتى الزراعة هناك الكثير من الحلول من أجل أن نجعل الزراعة محلية، سواء بالمحميات، أو بالزراعة من غير تربة، لكن نحن بحاجة إلى قرار وميزانيات تذهب في مكانها الصحيح.
قضية علاج الفتاة ابتسام
قضية الفتاة ابتسام التي نشرتها (الوطن) أمس في الصفحة الأولى تحتاج إلى تفاعل من الجهات الرسمية، فمشكلة الفتاة الإنسانية ليست مستعصية على الحل، ولها علاج في الخارج، نتمنى من الدولة ممثلة في وزارة الصحة أن تبادر إلى علاج الفتاة بالخارج.
كما نتمنى من أصحاب أيادي الخير من رجال الأعمال أن يبادروا ويتفاعلوا مع هذه القضايا والأجر عند الواحد الأحد.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90