من الأمور اللافتة أن «المعارضة» ترى أنه لا بأس لو تضرر أي مواطن أو مقيم من العمليات التي تنفذ في الشوارع والأحياء، ولا بأس لو تضرروا من المقاطعة التي تحدث بين الحين والآخر لبعض المحلات أو البضائع أو المجمعات التجارية، ذلك أن «المقاطعة تضر أحياناً ببعض الأشخاص المحسوبين على الاحتجاجات، وهنا يجب أن نتعلم أن كل شخص يجب أن يضحي، ولكل شيء سلبيات وإيجابيات»، كما جاء في إحدى التعليمات المرسلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في صيغة تغريدة .
شيء من التدقيق في هذا «التوجيه» يتبين منه أن «قادة العمل الميداني» أو ربما حان الوقت ليطلق عليه اسم «الجناح العسكري للمعارضة» ينظرون فقط إلى مصلحة شريحة واحدة من المواطنين هي التي ينتمي إليها ما صاروا يطلقون عليهم اسم «المحتجين»، فالآخرون لا قيمة لهم، والدليل أنهم يخصون بكلامهم «الأشخاص المحسوبين على الاحتجاجات» دون غيرهم ، فالآخرون إن أصيبوا أو تعرضوا للمخاطر أو جرحوا أو حتى قتلوا أو حدث لهم ما يمكن أن يحدث أمر غير مهم، بل ليس مهماً حتى أولئك «المحسوبون على الاحتجاجات» حيث المطلوب منهم أن يدركوا أن عليهم أن يضحوا لأن «كل شخص يجب أن يضحي»!
أن يصاب المواطنون أو يموتوا نتيجة تلك الأعمال التي يتم تنفيذها كحجز الشوارع، وإشعال النار في إطارات السيارات، والمخلفات، وتفجير سلندرات الغاز، وإلقاء قنابل المولوتوف، أو تسيير المظاهرات في العاصمة، أمر يعتبره أولئك أنه يحدث غصباً عنهم، ودونما قصد، وبالتالي ينبغي على المتضررين وذويهم «إبراء ذمة» الفاعلين لأنهم إنما يرمون إلى الصالح العام، وإنما الأعمال بالنيات. والأمر نفسه مطلوب من التاجر الذي يتضرر من المقاطعة أو من المسيرات التي يضطر بسبب ما يحدث فيها من مشكلات ومواجهات مع رجال الأمن إلى إغلاق محله وتعطيل رزقه ورزق عياله، حيث من الطبيعي أن يتضرر ولكن ينبغي عليه أن «يتعلم أن كل شخص يجب أن يضحي»!
يصعب على العقلاء وصف هذا التفكير بأنه سخيف، لكنهم ربما لا يجدون لفظة أكثر تهذيباً من هذه اللفظة يصفونه بها، فهذا التفكير بالفعل سخيف، لأنه يميز أولاً بين المواطنين والمقيمين، فيعتبر المقيم ومن هو في حكمه كالسائح مثل سقط متاع، وهو يميز ثانياً بين المواطنين أنفسهم عبر تصنيفهم إلى فريقين، فريق ليس مع «الاحتجاجات» وهذا دمه حلال ولا بأس أن يصاب أو يقتل «خاصة إن كان من الموالين للسلطة أو أُعتبر من رجالها أو المدافعين عنها»، وفريق مع «الاحتجاجات» دمه حرام ولكن مع ذلك ينبغي عليه أن يدرك أنه يمكن أن يتضرر بطريقة أو بأخرى وأن يتعلم أن عليه أن يضحي ويتحمل.. «والأجر على الله»!
هذا التفكير يفضح أولئك الذين للأسف الشديد يقودون الشباب اليوم بعدما خطفوا القيادة من الجمعيات السياسية التي لم يعد لها حول ولا قوة إذا ما استثنينا الوفاق، وصارت تابعة لما يعرف بـ «ائتلاف فبراير» بل صارت «تدفدف عليه وتبرر أفعاله وأحياناً تنسبها إلى نفسها كي لا تخرج من المولد بلا حمص». فهذا التفكير يعني باختصار أنه لا قيمة لإنسان سواء كان مقيماً أو سائحاً أو مواطناً عادياً أو مناصراً أو متعاطفاً أو مشجعاً أو داعماً أو حتى مواطناً «محتجاً» إزاء الغاية التي يسعون إليها، فالغاية هي إسقاط النظام وعلى الجميع أن «يتعلم» أن عليه أن يتحمل وأن يضحي.. أي أنه في النهاية لا قيمة له.
هذا تصنيف للأسف بات واضحاً حتى من دون تلك التغريدة الموجهة والداعية إلى التحمل واحتساب أي أضرار يتعرضون لها.. فالغاية أهم حتى من حياة «المحتجين»!
شيء من التدقيق في هذا «التوجيه» يتبين منه أن «قادة العمل الميداني» أو ربما حان الوقت ليطلق عليه اسم «الجناح العسكري للمعارضة» ينظرون فقط إلى مصلحة شريحة واحدة من المواطنين هي التي ينتمي إليها ما صاروا يطلقون عليهم اسم «المحتجين»، فالآخرون لا قيمة لهم، والدليل أنهم يخصون بكلامهم «الأشخاص المحسوبين على الاحتجاجات» دون غيرهم ، فالآخرون إن أصيبوا أو تعرضوا للمخاطر أو جرحوا أو حتى قتلوا أو حدث لهم ما يمكن أن يحدث أمر غير مهم، بل ليس مهماً حتى أولئك «المحسوبون على الاحتجاجات» حيث المطلوب منهم أن يدركوا أن عليهم أن يضحوا لأن «كل شخص يجب أن يضحي»!
أن يصاب المواطنون أو يموتوا نتيجة تلك الأعمال التي يتم تنفيذها كحجز الشوارع، وإشعال النار في إطارات السيارات، والمخلفات، وتفجير سلندرات الغاز، وإلقاء قنابل المولوتوف، أو تسيير المظاهرات في العاصمة، أمر يعتبره أولئك أنه يحدث غصباً عنهم، ودونما قصد، وبالتالي ينبغي على المتضررين وذويهم «إبراء ذمة» الفاعلين لأنهم إنما يرمون إلى الصالح العام، وإنما الأعمال بالنيات. والأمر نفسه مطلوب من التاجر الذي يتضرر من المقاطعة أو من المسيرات التي يضطر بسبب ما يحدث فيها من مشكلات ومواجهات مع رجال الأمن إلى إغلاق محله وتعطيل رزقه ورزق عياله، حيث من الطبيعي أن يتضرر ولكن ينبغي عليه أن «يتعلم أن كل شخص يجب أن يضحي»!
يصعب على العقلاء وصف هذا التفكير بأنه سخيف، لكنهم ربما لا يجدون لفظة أكثر تهذيباً من هذه اللفظة يصفونه بها، فهذا التفكير بالفعل سخيف، لأنه يميز أولاً بين المواطنين والمقيمين، فيعتبر المقيم ومن هو في حكمه كالسائح مثل سقط متاع، وهو يميز ثانياً بين المواطنين أنفسهم عبر تصنيفهم إلى فريقين، فريق ليس مع «الاحتجاجات» وهذا دمه حلال ولا بأس أن يصاب أو يقتل «خاصة إن كان من الموالين للسلطة أو أُعتبر من رجالها أو المدافعين عنها»، وفريق مع «الاحتجاجات» دمه حرام ولكن مع ذلك ينبغي عليه أن يدرك أنه يمكن أن يتضرر بطريقة أو بأخرى وأن يتعلم أن عليه أن يضحي ويتحمل.. «والأجر على الله»!
هذا التفكير يفضح أولئك الذين للأسف الشديد يقودون الشباب اليوم بعدما خطفوا القيادة من الجمعيات السياسية التي لم يعد لها حول ولا قوة إذا ما استثنينا الوفاق، وصارت تابعة لما يعرف بـ «ائتلاف فبراير» بل صارت «تدفدف عليه وتبرر أفعاله وأحياناً تنسبها إلى نفسها كي لا تخرج من المولد بلا حمص». فهذا التفكير يعني باختصار أنه لا قيمة لإنسان سواء كان مقيماً أو سائحاً أو مواطناً عادياً أو مناصراً أو متعاطفاً أو مشجعاً أو داعماً أو حتى مواطناً «محتجاً» إزاء الغاية التي يسعون إليها، فالغاية هي إسقاط النظام وعلى الجميع أن «يتعلم» أن عليه أن يتحمل وأن يضحي.. أي أنه في النهاية لا قيمة له.
هذا تصنيف للأسف بات واضحاً حتى من دون تلك التغريدة الموجهة والداعية إلى التحمل واحتساب أي أضرار يتعرضون لها.. فالغاية أهم حتى من حياة «المحتجين»!