تذكرون المطالب الأربعة الأولى التي تقدمت بها المعارضة الانقلابية خلال احتلال الدوار في المرة الأولى بحيث يكون تنفيذها بداية للجلوس إلى طاولة حوار مع الدولة؟!كان من ضمن المطالب “تحييد الإعلام”، والإشارة كانت لتلفزيون البحرين الرسمي إضافة للصحافة المحلية التي كانت توصف بأنها “عميلة للسلطة”.قبل أن أخوض في التفاصيل من المثير هنا أن توصف الصحافة التي وقفت لتدافع عن الوطن وعن رموزه وثوابته بأنها “عميلة للسلطة”، بينما اعتبرت الصحافة صاحبة “العمالة الحقيقية” لأجندات خارجية والتي حولت نفسها لـ “صوت” الانقلاب ونبضه، اعتبرت نفسها “صحافة وطنية” و«غير عميلة”.عموماً منذ تلك الفترة وحتى اليوم يوصف “الإعلام الوطني” من قبل قادة الانقلاب والتحريض على أنه “إعلام تأزيمي” وأنه “إعلام مأجور” وأنه “إعلام تحريضي”، في توصيفات تبعث على الضحك، إذ من يطلقها أثبت “عمالته” و«ولاءه للخارج” ردحاً من الزمن.تريدون معرفة لماذا يصفون “الإعلام الوطني” بأنه “إعلام تأزيم”، ولماذا سعوا في البداية لتحييد صوت الإعلام الرسمي؟!السبب بسيط جداً، لأن هذا “الإعلام المضاد” لهم كان “العظمة” التي غصوا بها ومازالوا، فالأقلام الوطنية والأصوات الوطنية هي التي تمثل الجانب المقابل المتصدي للكذب والتلفيق والتزوير الممارس.لو قبلت الدولة بأن تحيد إعلامها، ولو تم الضغط على الصحافة الوطنية لتسكت وتقلل من حدة دفاعها عن الوطن ومجابهتها لمؤامرة البحرين، ماذا كنتم تتوقعون أن يحصل؟!العملية الانقلابية كانت ستستمر، والتشويه الإعلامي في الخارج لشكل الدولة سيتواصل بشكل عنيف، خاصة وأن الصوت المقابل سيختفي أو يتم خنقه.بالتالي التوصيف الذي يمتلكونه اليوم هو وصم الإعلام المضاد لهم والذي فضح مخططاتهم وعرى حقيقتهم وصال وجال معهم في كل محفل وقناة يدحض ما يدعون، هو وصمه بأنه “إعلام تأزيمي”، خاصة وأنهم اليوم يحاولون دفع الناس لـ«نسيان” ما فعلوه، ويجاهدون ويقاتلون من أجل بيان أنفسهم الحريصون على “اللحمة الوطنية” رغم أنهم هم من مزقوها وقطعوها إرباً إربا، هم الطائفيون بامتياز، ويصفون الإعلام الوطني الذي يقول لا فرق بين سني وشيعي ويدافع عن الغالبية من الطائفة الشيعية الوطنية التي لا تتمكن من الكلام بسبب إرهاب الوفاق وجماعتها، يصفون هذا الإعلام بأنه طائفي.تخيلوا لو غاب الإعلام الوطني، وخفتت أصوات الإعلاميين المدافعين عن البحرين في الخارج، الكاشفين عن الحقائق، ماذا سيكون عليه الحال؟!لست هنا أتحدث عن الإعلام الرسمي الذي عليه ملاحظات عديدة خاصة في عملية إيصال الحقائق بقوة للخارج، والذي من المفترض ألا يخف حراكه أبداً ويسلم بأن الأمور هدأت وانتهت، بل أتحدث عن الصحافة وحملة الأقلام الوطنية، وكل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن البحرين، عبر نشر الحقائق، وفضح أكاذيب الانقلابيين، ودحر ادعاءاتهم بما يحاولون إخفاءه من حقائق في الجانب الآخر.العودة للهدوء النسبي اليوم، وتراجع الانقلابيين في مطالبهم وانقلابهم على أنفسهم وعلى شعاراتهم واستجداؤهم للحوار، كلها أمور لا يجب أن تفرض على الإعلام الرسمي أو الأهلي الهدوء والتسليم بأن الحرب الإعلامية انتهت، بل اليوم هي فرصة لبيان الحقائق بشكل أكبر وأوسع وعلى مستوى عالمي وليس محلي وإقليمي فقط.الفيديوهات التي يتفاخرون بها اليوم والتي تبين عمليات استهداف الشرطة بالمولوتوف، كلها أمور يجب أن تصل للعالم لتثبت كذب ادعاء السلمية. تقرير لجنة تقصي الحقائق يتضمن العديد من النقاط والفصول التي تدين الانقلابيين، وتكشف حقيقة ما حصل في البحرين، وكيف أنها ليست “ثورة”، بل حركة طائفية عنصرية بامتياز. بل إعادة سرد سيناريوهات ما حصل، وكيف ماطلوا في الحوار سابقاً، وادعاؤهم حالياً بأنهم من يريدون الحوار بدون شروط، أمور تبين للعالم حقيقة هؤلاء. موقفهم من الجرائم الإنسانية في سوريا، تبعيتهم لإيران وما كانوا يفعلونه سابقاً برفع صور قادة إيران وأعلام “حزب الله”، وهي أمور من الاستحالة أن يثبتوا بأنهم انسلخوا منها في معتقداتهم السياسية. كلها أمور تضرب مصداقيتهم في مقتل اليوم، لا عبر إبرازها بتشنج وعصبية بل بالمنطق والعقلانية، فالأدلة على السلمية الزائفة موجودة، والأدلة على التبعية للخارج موجودة، والأدلة على تقلبهم في المواقف موجودة، واستغلال البشر أدلته موجودة.كان سيكون خطأ كبيراً لو سكت الإعلام وحيدت الأقلام، كنا سنترك الحبل على الغارب لطرف لا يمتلك ذمة ولا ضميراً، طرف يمكنه أن يكذب في كل شيء، يتاجر بالجثث، ويأخذ من الأمور ما يخدمه، ويطمس الأمور التي تدينه، مثلما يفعلون مع تقرير بسيوني، أو تصريحات الأطراف الأجنبية.يعتبرون الإعلام الوطني “مؤزماً” و«محرضاً” و«عميلاً” و«مأجوراً”، وهي كلها صفات إعلامهم الأصفر، لكننا لا نلومهم أبداً فـ “الصراخ على قدر الألم”، ولولا حراك الإعلام الوطني لما وجدتم من يقارعكم ويدحض أكاذيبكم، لكانت البحرين صيداً سهلاً عبر تشويه صورتها في الخارج دون رد فعل مقابل.نعم، نحن “مؤزمون” لمخططاتكم الآثمة ضد هذا الوطن، نعم، نحن “محرضون” ضد أجنداتكم الطائفية والعنصرية، نعم، نحن “عملاء ومأجورون” لتراب هذا الوطن الذي لم ولن نبيعه برخص التراب لأي طرف خارجي مهما كان، نحن كل ذلك لأننا “الحجر” الذي تعثرتم به في طريقكم لسرقة البحرين.اتجاه معاكس:على فكرة، بعض الأطراف في الدولة باتت تنظر للإعلام “الوطني” اليوم على أنه “إعلام تأزيمي”، بعد أن كانت تراه إعلاماً وطنياً مدافعاً بضراوة عن الوطن. هذه النظرة ليست لأن الإعلام الوطني يناهضهم ويعاديهم ويسقطهم مثلما فعل الانقلابيون ومازالوا يفعلون، بل لأن الإعلام الوطني مازال يتمثل بمواقف واضحة وصريحة من قضايا مفصلية، ويرفض محاولات فرض النسيان، وتجاهل أصوات الناس المخلصين، خاصة حينما يتضح بأنه هناك نية لـ«التصالح” مع الخائن والانقلابي والمحرض على حساب المخلصين ومقابل “عدم تطبيق القانون”.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90