تلقيتُ تجاوباً طيباً من ديوان رئيس الوزراء حول ما تطرقت إليه الأسبوع الماضي عن الفقراء المتعففين بمجمع 209 بالمحرق، حيث طلبوا مني قائمة بأسماء وعناوين الأسر، وأفادوني أن أمرهم سيحال للجهات المختصة لدراسة احتياجاتهم وتقديم الإعانة اللازمة.
في الأسبوع الماضي أعلنت الحكومة تخصيص 110 ملايين دينار مساعدات نقدية تقدم للمواطن في مواجهة الغلاء وللأسر المحتاجة. ونأمل أن تكشف الحكومة قريباً عن آلية ومعايير صرف هذا المبلغ بحسب ما وصفته وزيرة التنمية “تخصيص فريق من الخبراء لإجراء دراسة مسحية للوصول إلى جميع الشرائح”.
ونود هنا أن نشير إلى أهمية استفادة الوزارة من أخطائها وقصورها البيّن في صرف علاوة الغلاء خلال الفترة الماضية، سواء من حيث المعايير أو آلية الصرف. وسبق أن كشفت الصحافة والبرلمان تلك الأخطاء وطالبوا الوزارة بتصحيحها بما يكفل حق وكرامة المواطن المحتاج. ولعل الإنصاف يقتضي المطالبة بإعفاء الأسر المتعففة من رسوم الكهرباء والماء فذلك أبسط أوجه المساعدة، وبالإمكان دراسة إعفاء البعض منها وتخفيض الرسوم على البعض الآخر حسب مستوى الحاجة. فالأمر في النهاية لابد وأن يخضع لمعايير واضحة تحقق الهدف المنشود.
الأمر الأكثر أهمية هو مساعدة هذه الأسر على تلقي العلاج والدواء المناسب. فهناك حالات يرثى لها لا تستطيع الوصول إلى المراكز الصحية لتلقي العلاج، والبعض يتحمل آلام المرض إلى أن توافيه المنية لعدم قدرته على شراء الأدوية المناسبة لعلاجه، ولا أبالغ حين أقول إن البعض منهم يعيش على الطعام المرفوع له من جاره فإن نساه أو تغيب جاره عنه نام بجوعه.
المساعدات لا تعني فقط وصول مبلغ نقدي لأسرة معوزة تعاني الحاجة والمرض، وإنما الأخذ بيدها ودعمها اقتصادياً لإعانة نفسها وتحسين مستوى معيشتها من سكن وعلاج، فبعض تلك الأسر تسكن بيوت متآكلة آيلة للسقوط غير صالحة للسكن الآدمي.
لابد أن تتوافق التصريحات الرسمية مع الواقع، ولابد أن يلمسها المواطن في واقعه المعاش. فالعبرة بما ينفذ وليس بما يقال.
ملف الأسر المتعففة لم يول الاهتمام والعلاج المناسب الذي يليق بالبحرين دولة وحكومة. ما ينفذ على أرض الواقع مازال دون المستوى وبحاجة إلى معالجة جذرية يرافقه قرار سياسي يفعّل بطريقة فعالة وجادة وسريعة.
فساد في البلديات وملف الآيلة للسقوط
لم نستغرب تصريح النائب سلمان الشيخ حول وجود فساد ومخالفات في ملف البيوت الآيلة للسقوط، فتلك حقيقة باتت واضحة للجميع من خلال ما كشفته الحقائق بين حين وآخر، حتى أصبح الأمر كالأضحوكة فشر البلية ما يضحك.
ما قاله النائب حول وجود فساد مالي وإداري في البلديات، مشيراً إلى فضيحة صرف مبلغ مالي قيمته أكثر من 18 ألف دينار لأحد الموظفين خلال فترة إجازته وأن تلك التجاوزات مرصودة بالوثائق والمستندات ومرت على ديوان الرقابة المالية والإدارية وتستّر عليها أحد مسؤولي الوزارة.
ما يحدث من استخفاف بالمال العام وتعدد صور وأشكال الفساد في مواقع عدة بالأجهزة التنفيذية منها المخفي والمستور ومنها ما يفضح ويجري التستر عليه لاحقاً أمر أصبح لا يطاق.
مصيبتنا الكبرى أننا نقول ولا نفعل، فقد طرحت الصحافة قضايا عدة في غاية الأهمية والخطورة، لكن للأسف دورها لا يتعدى نشر القضية كخبر ثم يختفي كل شيء حتى يُنسى. وهذا أمر تعاتب عليه الصحافة أكثر من الجهات المسؤولة عن تلك القضايا الحيوية والمتسبب في حدوثها. والأمر نفسه ينطبق على عمل البرلمان وما يطرحه البرلمانيون من قضايا مصيرية، حيث لا يتعدى دورهم الطرح والنقاش الشكلي لا الفعلي. وبعدها ينتهي كل شيء ويختفي بانتهاء الجلسة أو الدور الانعقادي.
فإذا تخلت أهم الأجهزة الرقابية -الصحافة والبرلمان- عن دورها الفعلي فماذا ننتظر؟ والأمثلة كثيرة لا حصر لها، فطرح القضايا والإشارة إلى مواقع القصور والفساد والظلم لا يكفي ولا فائدة ترجو منه إذا لم يأخذ في عين الاعتبار النتائج بما فيها العلاج والحساب والعقاب.
كم نظلم أنفسنا؟ ثم نبكي الظلم! متى نستفيق ونضع الأمور في نصابها ونتقي الله في أنفسنا ووطننا.