اختلط التصفيق الحار بدموع الفرح في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» حينما تلقى مراقبو مهمة المسبار «كيريوزيتي» إشارات تؤكد أن المسبار تمكّن من الهبوط بنجاح على سطح الكوكب الأحمر في السادس من هذا الشهر، فبعد أكثر من عقدٍ من التحضيرات، ورحلةٍ في الفضاء دامت 8 أشهر، استطاع المسبار، وهو عبارة عن مركبة فضائية آلية تشبه سيارة مدمجة وتعمل كمختبر فضائي متنقل بالطاقة النووية، أن يحطّ رحاله على سطح المريخ ليبدأ مهمةً تستغرق عامين لاستكشاف المريخ في محاولة لتعقب آثار وجود لحياة ما على هذا الكوكب.
ويعد كوكب المريخ أحد الألغاز التي يسعى علماء الفضاء إلى حل عقده منذ سنوات طويلة، ولهذا السبب، تداعت 9 دول للمشاركة في تمويل هذه المهمة التي تعتبر الأرقى علمياً والأكثر تعقيداً في تاريخ الفضاء، حيث تم رصد مليارين ونصف المليار دولار لإنجاح المشروع.
ولمعلومات القارئ الكريم، فإن المريخ يدعى «بالكوكب الأحمر»، وذلك نسبة إلى كلمة «أمرخ» أيّ ذو البقعة الحمراء، وذلك لأن لون المريخ يميل إلى الحُمرة بفعل نسبة غبار أكسيد الحديد الثلاثي على سطحه، وفي جوّه، وهناك تفسير آخر يعيد كلمة المريخ إلى اسم إله الحرب الروماني ماريتيوس والذي سُمِّي شهر مارس «آذار» بهذا الاسم تيمناً به «بالمناسبة مارس هو اسم المريخ بالإنجليزية»، ويصل قطر المريخ إلى نصف قطر الأرض، وحيث إن مساحة سطح المريخ تساوي ربع مساحة الكرة الأرضية، وتعادل بالتقريب مساحة اليابسة على سطح الأرض بدون المحيطات، فقد ساد الاعتقاد فى الماضي بأن كوكب المريخ آهل بالسكان، ويبدو أن هذا الاعتقاد لايزال قائماً حتى الآن، وخلافاً لهبوط الإنسان على سطح القمر عام 1969، والذي أثار في ذلك الوقت ضجةً كبيرةً في كل أنحاء العالم، واعتُبر سبقاً علمياً كبيراً منقطع النظير، لم يحظ وصول المسبار «كيريوزيتي» إلى المريخ بمثل ذلك الترحيب وحفاوة الاستقبال، خصوصاً عند الشعوب العربية، ربما لأن كلمة «القمر» ارتبطت في الذاكرة العربية بالجمال والفتنة فيما ارتبط «المريخ» بالحُمرة التي ترمز عادةً إلى الخجل من عجزنا عن مجاراة التقدم العلمي الهائل!

? أستاذ التربية بجامعة البحرين