إن كانت فرنسا وأمريكا قلقتين على “فرد” فإن “الشعب البحريني” كله بالمقابل قلق على سلامة وأمن أفراده وجماعاته وممتلكاتهم، تلك التي تعرضت للخطر حين تركت السلطات ذلك الشخص ينتهك القانون ويعرض حياتهم للخطر أكثر من مرة.
الشعب البحريني ينتظر ليرى هل ستؤمن الدولة له الأمن والأمان وذلك عن طريق ومن خلال سيادة القانون واستقلال القضاء؟ أم أن هذا الملاذ الأخير سيخطف منه ويترك بلا حماية قانونية لتكون خياراته أن يؤمن سلامته بنفسه وهذا ما لا يمكن أن تقوم به الحكومة الفرنسية أو الإدارة الأمريكية وما لا يسمح به القانون الفرنسي أو الأمريكي.
«الدولة” البحرينية التي تمتد حضارتها عمقاً لآلاف السنين، والتي بناها الشعب البحريني لبنة لبنة، ووضع حجر أساس دولته المدنية أجدادنا وآباؤنا مهددة اليوم بالانهيار من الداخل إن تخلت الدولة عن مسؤوليتها في حماية أمن وسلامة أفرادها لترضي قلقكم في حين تتركهم بلا حماية قانونية وتترك لهم تلك المسؤولية ليتولوها دون ضوابط.
أفراد المجتمع البحريني ينظرون بقلق شديد إلى مسألة أمنهم وسلامة أرواحهم وممتلكاتهم، ويرون كيف أن السلطات مترددة في حمايتهم من الهجمات الإرهابية، من أجل “خاطر” قلقكم على الإرهابيين والمجرمين والقتلة والمحرضين.
اختار أفراد المجتمع البحريني الهجرة من أحيائهم السكنية التي عاشوا وتربوا فيها ليؤمنوا سلامتهم وسلامة أبنائهم بعد أن هدد الإرهاب سلامتهم، ذلك الإرهاب الذي يوفر له رجال دين ورجال حقوق الرعاية والحماية.
هناك أصحاب محلات تجارية أغلقوها وتركوها أو باعوا ممتلكاتهم في مناطق الإرهاب، بعد أن تركت السلطات الأمنية تلك المناطق بلا حماية حرصاً على قلقكم وإرضاء لكم.
المجتمع البحريني يرى كل أنواع الأسلحة الفتاكة من متفجرات مولوتوف، وعبوات ناسفة، ومن أسلحة مصنعة محلياً تستخدم في الشارع ومصورة بالفيديو، بعضها تكتشفه الشرطة قبل استخدامه، والبعض الآخر يصيب رجال الأمن ويقتلهم أو يصيبهم بعاهات، وهذه الحوادث تحصل في الشوارع العامة وفي المناطق السكنية وليست في صحراء قاحلة.
أطفالنا يرون تلك الحوادث إما وجهاً لوجه، أو مصورة في لحظة حدوثها وانتشارها عبر وسائل الاتصال المتوافرة في يد الجميع، مما يسبب لهم الرعب والخوف.
مدنيون أصيبوا بإصابات بليغة عرضتهم للموت حين علقوا بين الإرهابيين ورجال الأمن.
أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة مهددون بالإفلاس، وقطع أرزاقهم، وهم إما شباب في مقتبل حياتهم يريدون تأسيسها، أو كبار يحملون مسؤولية إعالة أسر بأكلمها، وكل هؤلاء يحملون في رقابهم ديوناً تتراكم ولا يملكون من أمرهم شيئاً بل يضعون يدهم على خدهم في انتظار أن تقوم الدولة بدورها في حماية مناطقهم حتى يتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
تلك الأفعال تعتبر في القانون الفرنسي والأمريكي جرائم خطيرة، وذلك إرهاب وفق التعريف الدولي، ولا يعفي القانون الفرنسي أو الأمريكي مرتكبها أو المحرض عليها في دولهم من معاقبته حتى وإن حمل ذلك المحرض لقب حقوقي أو لقب سياسي أو صفة رجل دين، فلا شيء يعلو على سلطة القانون ولا يسمح القضاء الفرنسي أو الأمريكي أن تبدي دولة أجنبية قلقها على المتهمين، والمدانين بارتكاب جرائم التحريض على الإرهاب، خاصة أن تمتع هؤلاء المتهمين بضمانات متفق عليها دولياً هي من حق كل المتهمين في كل الجرائم، بل إن العديد من المتهمين بتهديد أمن وسلامة فرنسا أو أمريكا حرموا من الضمانات، وأسكتت فرنسا وأمريكا العالم لأن أمنها هو الذي تعرض للخطر، ولأن الأمريكيين هم من تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية حمايتهم، وليست المنظمات أو الدول الأجنبية.
المجتمع البحريني ضاق ذرعاً بتردد الدولة في حمايته، وتلك مرحلة خطرة جداً بل من أخطر ما تواجهه الدول حين يشعر المجتمع بأن الدولة بسلطاتها الشرعية عاجزة عن حمايته، وتترك له خيارات حماية نفسه وممتلكاته، وهي هنا خيارات محدودة جداً!!
فليس الكل قادراً على بيع بيته والانتقال للسكن في مناطق أخرى آمنة، وليس الكل قادراً على الصبر أكثر مما صبر كي يتمتع بحقه في ممارسة حياته بشكل طبيعي، وليس الكل سيقف مكتوف اليدين وهو يرى عائلته تتعرض للخطر في الشارع العام، ولن يكتفي الناس حينها بزيارة المسؤولين الذين يطلبون منهم أن يتحملوا ويصبروا؟ وإلى متى؟
بالأمس انفجرت عبوة ناسفة في وجه عائلة بحرينية أصيب أفرادها بإصابات بالغة، وقبله فقد شاب بحريني حياته حين انفجرت به عبوة ناسفة أودت بحياته، وقبل ليلة تعرض شاب لضرب مبرح، وقبله تعرضت حياة العديد من المدنيين للخطر حين المرور تحت وابل المولوتوف والحجارة، كل تلك الجرائم تتفاقم وتتصاعد لأن الدولة مترددة في التعامل مع مرتكبيها ورعاتها وقيادتها ومحرضيها ممن يحمل توصيف رجال دين أو رجال حقوق، والسبب قلقكم عليهم وعدم قلقكم على أمن الناس وأمن الدولة البحرينية.
ويخطئ النظام السياسي إن أعتقد أن ترك هذه الجرائم وترك ذلك الإرهاب يعيث في البحرين فساداً بلا قانون وتدخل في القضاء إرضاء لكم سيعيش في أمن وأمان، فقد يتخلص من قلق الخارجية الأمريكية وقد يتخلص من قلق الخارجية الفرنسية، إنما حينها سيكون على المجتمع البحريني أن يحمي نفسه بنفسه ويأخذ حقه بيده لا بيد القانون، وهنا على النظام السياسي أن يقلق بالفعل!!