إن كان البعض يظن أن الوفد البحريني الرسمي أبلى بلاء حسناً ومقبولاً في الجلسة السابقة لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في البحرين في جنيف يونيو الماضي، فإنه لا يقيم المسألة بواقعية وموضوعية، بالتالي فإن القلق لابد وأن يعترينا بشأن الجلسة القادمة هذا الشهر لمناقشة تقرير المتابعة بشأن الموضوع نفسه، إذ إن تكرار ما حصل لن يكون أمراً إيجابياً أبداً.
ليس القلق من ضعف حجة البحرين، بل البحرين تمتلك الحجة الأقوى وفي صفها الحق وليس الباطل، لكن مع ذلك فإن الحق يتحول إلى باطل حينما يفشل أصحابه في الدفاع عنه.
نقول هذا الكلام مسبقاً، لا انتقاصاً من وزير حقوق الإنسان الدكتور صلاح علي، ولا بحق أي أحد من الوفد الرسمي الذي سيشارك في جلسة جنيف القادمة، بل هو تذكير حتى لا يتكرر ما حصل في الجلسة السابقة، إذ كان واضحاً جداً أن رئاسة الوفد الرسمي لم تحسب احتمال حدوث أمور غير متوقعة، رغم أن توقع وجود أمور يفتعلها الانقلابيون والمعارضون الموجودون هناك مسألة يفترض أن تكون بديهية ومنطقية.
الخطأ الإجرائي الذي حصل في الجلسة السابقة من قبل رئيستها الأورغويانية كان يفترض أن يشهد تدخلاً “في نفس الوقت” من قبل رئيس الوفد أي الوزير، والذي كان هو المتحدث الوحيد باسم البحرين في الجلسات، وهو الأمر الذي لا يفسر وجود عدد كبير من ممثلي الجهات المختلفة بالمملكة، إن لم تكن النية موجودة لمنحهم مجالاً للحديث كلاً في اختصاصه، أقول إن الخطأ الإجرائي كان يفترض أن يتصدى له الوزير على الفور، لا أن يرد بأنه يضمن “شخصياً” سلامة الأفراد الذين تلت الرئيسة أسماءهم، خصوصاً وأن من أوردت أسماءهم أغلبهم إن لم يكونوا كلهم ليسوا ملاحقين أمنياً، وليس مطلوباً القبض عليهم، بل أغلبهم يدخلون البحرين ويخرجون منها بكل أريحية.
معرفة الإجراءات مسألة هامة، وما حصل يجعلنا نجزم بأنه لم يكن هناك تواصل مسبق بين الوزير الحالي والوزيرة السابقة الدكتورة فاطمة البلوشي، التي حضرت جلسات مشابهة سابقة في جنيف آخرها خلال الأزمة، بحيث يتم بحث جميع الأمور وتوقع ما يمكن أن يحصل وما تنص عليه القوانين الإجرائية من واقع خبرة الوزيرة السابقة. لكن يبدو أنه نتيجة “العرف العربي” السائد في مجتمعاتنا بأن “اللاحقين” من مسؤولين لا يهمهم معرفة ما فعله “السابقون”، ولا الوقوف منهم على الأمور الهامة.
عموماً، هذه نقطة يجب أن تؤخذ في الحسبان، إضافة لتنظيم العمل بشكل علمي ومنطقي، بحيث يكون لكل سؤال جواب مقنع ومدعم بالشواهد، لا فقط الرد بكلام إنشائي خالٍ من الأرقام والدلائل، وبحيث يكون هناك أيضاً توضيح للجرائم التي ارتكبتها الأطراف المؤزمة بحق الفئات الأخرى خلال الأزمة، والتي هي تدخل أصلاً في إطار انتهاكات حقوق الإنسان، التي يفترض ألا تفرق بين الإنسان مهما كان لونه ودينه وموقفه السياسي.
المسألة ليست معنية في مقام أول بتمثل الوفد الرسمي بموقف المدافع الراد على التساؤلات فقط، وكأنه في خانة الاتهام، بل عليه أولاً إبراز الانتهاكات من الطرف الآخر، والعمل على إصدار بيان وموقف من قبل الدول الأعضاء والرئاسة، يحفظ حقوق البحرينيين الذين تضرروا من الإرهاب الذي مورس ومازال تحت مسمى “حرية التعبير والرأي”.
هنا مهم جداً أن تصحو مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل الأطياف المخلصة التي تضررت في الأزمة، ومازالت ترزح تحت طائلة الإرهاب والتهديد المجتمعي من سباتها، وأن تدخل على الخط، إذ إن الجلسة السابقة شهدت حضوراً لمعارضين ومروجي أكاذيب وفبركات لجلسات الوفود الرسمية، بالتحديد في ظل غياب وجود وفود أهلية في هذه الجلسات، وهي التي عليها الدور الأكبر في إيصال الصوت الآخر “المغيب” وإبراز الحقيقة عبر الأدلة والفيديوهات والصور.
حتى تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق لم يتم الاستفادة منه بصورة صحيحة، إذ في الوقت الذي يستشهد فيه الانقلابيون بفقرات في التقرير ويتهمون الدولة بها، نجد الجانب الرسمي وحتى الأطراف الأهلية لا تستند إلى كثير من الفصول والأمور الموثقة في التقرير، والتي تؤكد حصول انتهاكات بحق الفئات التي رفضت مخطط الانقلاب، وتؤكد وجود انتهاكات بحق العمالة الآسيوية، التي تعرضت للضرب والتي اختطفت، واحتجزت في السلمانية، إضافةً إلى قتل الشرطة واستهداف الأبرياء. هناك فصل كامل بشأن احتلال السلمانية في التقرير، فأين إبرازه وبيان الحقيقة حينما يتم الحديث عن الكادر الطبي؟!
حتى ما يحصل اليوم من هجمات يومية بالمولوتوف، هي أمور تنتهك حقوق البشر وتستهدف الشرطة، هذه فيديوهات يفترض بأن تعرض في جنيف، وأن يوجه للرئاسة المنحازة بوضوح في الجلسة السابقة سؤال بشأن دورها في الحفاظ على حقوق المواطنين البحرينيين الذين يعيشون يومياً في أجواء الإرهاب.
فيديو التحريض بقتل الشرطة لمرجع الوفاق عيسى قاسم “اسحقوهم” يفترض أن تعرضوه هناك، ولتعلق الرئاسة عليه، إذ هل من حقوق الإنسان القبول بقتل الشرطة والتحريض باستهدافهم بالمولوتوف دون أي رد فعل؟!
حتى الجانب العمالي لا يجب أن يغفل عنه، وعليه لابد من وجود وفد يمثل الاتحاد الحر للعمال، ليبين الأخطاء والتجاوزات الجسيمة التي قام بها اتحاد العمال “غير الشرعي”، والذي حرض على تعطيل الأعمال، وتسبب في الإضرار بالعاملين. هذا جانب مهم يجب عدم تغافله.
هذا غيض من فيض من أمور يفترض أن توضع في حساب رئاسة الوفد الرسمي الذاهب إلى جنيف، فما حصل في الجلسة السابقة لم يكن أمراً مقبولاً، خاصة وأن الوفود الأخرى هي التي بدأت الدفاع عن البحرين، حينما تجاوزت الرئيسة الأعراف الإجرائية، بدلاً من أن يكون للوفد موقف لحظي قوي حينها.
ليس مطلوباً من الوفد أن يذهب للجلسة ليقول إننا فعلنا وإننا نعدكم بأننا سنواصل العمل، ويتحدث وكأنه في موقع “الاتهام”. عليه أن يتحدث بقوة، نعم حصلت تجاوزات “فردية” بشأن حقوق الإنسان، وسيتم محاسبة المتسببين فيها، مع بيان الحالات التي تم اتخاذ الإجراءات بحقها، لكن في جانب آخر يجب أن يكون هناك بيان يوضح انتهاكات الطرف الآخر، ويبين أن ما فعلوه هو “الفعل” الذي استجلب “ردة الفعل” التي بعضها رصدت فيه تجاوزات من أفراد، إضافة إلى وجوب إصدار بيان وتوصيات تدين أعمال العنف والتحريض الذي تمارسه المعارضة وأتباعها من قبل رئاسة الجلسة وأعضائها.
حينما تصلون لمرحلة يكون فيها اجتماع جنيف محفلاً يتعامل مع البحرين بحيادية وموضوعية، ويخلص إلى توصيات لا تظلم البحرين بل تنطلق من أرضية الحقيقة وواقع ما يحصل، حينها سيحكم على مشاركة الوفد بالنجاح أو الفشل.
نأمل أن يكون كل ما قلناه هو في بالكم مسبقاً، بل نأمل أن تكون استعداداتكم أكبر مما قلناه باجتهاد شخصي، مع أملنا بالتوفيق لكل من يدافع عن بلده وقضيته العادلة، في أي محفل بقوة، وبالحق وبالدلائل الداحضة.
ليس القلق من ضعف حجة البحرين، بل البحرين تمتلك الحجة الأقوى وفي صفها الحق وليس الباطل، لكن مع ذلك فإن الحق يتحول إلى باطل حينما يفشل أصحابه في الدفاع عنه.
نقول هذا الكلام مسبقاً، لا انتقاصاً من وزير حقوق الإنسان الدكتور صلاح علي، ولا بحق أي أحد من الوفد الرسمي الذي سيشارك في جلسة جنيف القادمة، بل هو تذكير حتى لا يتكرر ما حصل في الجلسة السابقة، إذ كان واضحاً جداً أن رئاسة الوفد الرسمي لم تحسب احتمال حدوث أمور غير متوقعة، رغم أن توقع وجود أمور يفتعلها الانقلابيون والمعارضون الموجودون هناك مسألة يفترض أن تكون بديهية ومنطقية.
الخطأ الإجرائي الذي حصل في الجلسة السابقة من قبل رئيستها الأورغويانية كان يفترض أن يشهد تدخلاً “في نفس الوقت” من قبل رئيس الوفد أي الوزير، والذي كان هو المتحدث الوحيد باسم البحرين في الجلسات، وهو الأمر الذي لا يفسر وجود عدد كبير من ممثلي الجهات المختلفة بالمملكة، إن لم تكن النية موجودة لمنحهم مجالاً للحديث كلاً في اختصاصه، أقول إن الخطأ الإجرائي كان يفترض أن يتصدى له الوزير على الفور، لا أن يرد بأنه يضمن “شخصياً” سلامة الأفراد الذين تلت الرئيسة أسماءهم، خصوصاً وأن من أوردت أسماءهم أغلبهم إن لم يكونوا كلهم ليسوا ملاحقين أمنياً، وليس مطلوباً القبض عليهم، بل أغلبهم يدخلون البحرين ويخرجون منها بكل أريحية.
معرفة الإجراءات مسألة هامة، وما حصل يجعلنا نجزم بأنه لم يكن هناك تواصل مسبق بين الوزير الحالي والوزيرة السابقة الدكتورة فاطمة البلوشي، التي حضرت جلسات مشابهة سابقة في جنيف آخرها خلال الأزمة، بحيث يتم بحث جميع الأمور وتوقع ما يمكن أن يحصل وما تنص عليه القوانين الإجرائية من واقع خبرة الوزيرة السابقة. لكن يبدو أنه نتيجة “العرف العربي” السائد في مجتمعاتنا بأن “اللاحقين” من مسؤولين لا يهمهم معرفة ما فعله “السابقون”، ولا الوقوف منهم على الأمور الهامة.
عموماً، هذه نقطة يجب أن تؤخذ في الحسبان، إضافة لتنظيم العمل بشكل علمي ومنطقي، بحيث يكون لكل سؤال جواب مقنع ومدعم بالشواهد، لا فقط الرد بكلام إنشائي خالٍ من الأرقام والدلائل، وبحيث يكون هناك أيضاً توضيح للجرائم التي ارتكبتها الأطراف المؤزمة بحق الفئات الأخرى خلال الأزمة، والتي هي تدخل أصلاً في إطار انتهاكات حقوق الإنسان، التي يفترض ألا تفرق بين الإنسان مهما كان لونه ودينه وموقفه السياسي.
المسألة ليست معنية في مقام أول بتمثل الوفد الرسمي بموقف المدافع الراد على التساؤلات فقط، وكأنه في خانة الاتهام، بل عليه أولاً إبراز الانتهاكات من الطرف الآخر، والعمل على إصدار بيان وموقف من قبل الدول الأعضاء والرئاسة، يحفظ حقوق البحرينيين الذين تضرروا من الإرهاب الذي مورس ومازال تحت مسمى “حرية التعبير والرأي”.
هنا مهم جداً أن تصحو مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل الأطياف المخلصة التي تضررت في الأزمة، ومازالت ترزح تحت طائلة الإرهاب والتهديد المجتمعي من سباتها، وأن تدخل على الخط، إذ إن الجلسة السابقة شهدت حضوراً لمعارضين ومروجي أكاذيب وفبركات لجلسات الوفود الرسمية، بالتحديد في ظل غياب وجود وفود أهلية في هذه الجلسات، وهي التي عليها الدور الأكبر في إيصال الصوت الآخر “المغيب” وإبراز الحقيقة عبر الأدلة والفيديوهات والصور.
حتى تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق لم يتم الاستفادة منه بصورة صحيحة، إذ في الوقت الذي يستشهد فيه الانقلابيون بفقرات في التقرير ويتهمون الدولة بها، نجد الجانب الرسمي وحتى الأطراف الأهلية لا تستند إلى كثير من الفصول والأمور الموثقة في التقرير، والتي تؤكد حصول انتهاكات بحق الفئات التي رفضت مخطط الانقلاب، وتؤكد وجود انتهاكات بحق العمالة الآسيوية، التي تعرضت للضرب والتي اختطفت، واحتجزت في السلمانية، إضافةً إلى قتل الشرطة واستهداف الأبرياء. هناك فصل كامل بشأن احتلال السلمانية في التقرير، فأين إبرازه وبيان الحقيقة حينما يتم الحديث عن الكادر الطبي؟!
حتى ما يحصل اليوم من هجمات يومية بالمولوتوف، هي أمور تنتهك حقوق البشر وتستهدف الشرطة، هذه فيديوهات يفترض بأن تعرض في جنيف، وأن يوجه للرئاسة المنحازة بوضوح في الجلسة السابقة سؤال بشأن دورها في الحفاظ على حقوق المواطنين البحرينيين الذين يعيشون يومياً في أجواء الإرهاب.
فيديو التحريض بقتل الشرطة لمرجع الوفاق عيسى قاسم “اسحقوهم” يفترض أن تعرضوه هناك، ولتعلق الرئاسة عليه، إذ هل من حقوق الإنسان القبول بقتل الشرطة والتحريض باستهدافهم بالمولوتوف دون أي رد فعل؟!
حتى الجانب العمالي لا يجب أن يغفل عنه، وعليه لابد من وجود وفد يمثل الاتحاد الحر للعمال، ليبين الأخطاء والتجاوزات الجسيمة التي قام بها اتحاد العمال “غير الشرعي”، والذي حرض على تعطيل الأعمال، وتسبب في الإضرار بالعاملين. هذا جانب مهم يجب عدم تغافله.
هذا غيض من فيض من أمور يفترض أن توضع في حساب رئاسة الوفد الرسمي الذاهب إلى جنيف، فما حصل في الجلسة السابقة لم يكن أمراً مقبولاً، خاصة وأن الوفود الأخرى هي التي بدأت الدفاع عن البحرين، حينما تجاوزت الرئيسة الأعراف الإجرائية، بدلاً من أن يكون للوفد موقف لحظي قوي حينها.
ليس مطلوباً من الوفد أن يذهب للجلسة ليقول إننا فعلنا وإننا نعدكم بأننا سنواصل العمل، ويتحدث وكأنه في موقع “الاتهام”. عليه أن يتحدث بقوة، نعم حصلت تجاوزات “فردية” بشأن حقوق الإنسان، وسيتم محاسبة المتسببين فيها، مع بيان الحالات التي تم اتخاذ الإجراءات بحقها، لكن في جانب آخر يجب أن يكون هناك بيان يوضح انتهاكات الطرف الآخر، ويبين أن ما فعلوه هو “الفعل” الذي استجلب “ردة الفعل” التي بعضها رصدت فيه تجاوزات من أفراد، إضافة إلى وجوب إصدار بيان وتوصيات تدين أعمال العنف والتحريض الذي تمارسه المعارضة وأتباعها من قبل رئاسة الجلسة وأعضائها.
حينما تصلون لمرحلة يكون فيها اجتماع جنيف محفلاً يتعامل مع البحرين بحيادية وموضوعية، ويخلص إلى توصيات لا تظلم البحرين بل تنطلق من أرضية الحقيقة وواقع ما يحصل، حينها سيحكم على مشاركة الوفد بالنجاح أو الفشل.
نأمل أن يكون كل ما قلناه هو في بالكم مسبقاً، بل نأمل أن تكون استعداداتكم أكبر مما قلناه باجتهاد شخصي، مع أملنا بالتوفيق لكل من يدافع عن بلده وقضيته العادلة، في أي محفل بقوة، وبالحق وبالدلائل الداحضة.