عرّف (لينين) الدولة بأنها محتكر العنف، ويبدو أن دولاً قائمة لا يمكن أن تتنصل مما ادعاه (لينين) عندما لا يحكمها سوى الجنون والقتل بمنأى عن أي ضابط إنساني، ويرجع مبرر ذلك في كثير من الأحيان إلى ممارسة أفراد وجماعات ودول لما يسمونه حرية؛ إنها حرية الغاب.!!
عندما تخلو الحرية -لاسيما في المجال السياسي- من الضوابط الأخلاقية التي تجعلها مقيدةً بحريات الآخرين، باعتبارها قيداً وهمياً يحول دون ديمومة الحياة السياسية، ثق أن عصور الغاب قد عادت من جديد بأساليب ملتوية وأثواب تدّعي الحضارة، وفي وقتنا الراهن أصبح المعترك السياسي بحاجة ماسة لاستنشاق جرعات كبيرة من الإكسيولوجيا لما تمنحه من قيم وفلسفة وأخلاق نآى عنها الساسة مؤخراً إلاَّ فيما ندر.
الأزمة التي تتعرض لها السياسة مؤخراً أنها خلت من الأخلاق والقيم، فلم تعد تراعي حريات الآخرين، ولا تقف عند القبول بالآخر وتحترمه، فصُمّت كل الآذان إلاَّ عن سماع الأصوات الذاتية، بافتراض أنها الصواب المطلق في عالم غارق بالخطأ المطلق وفقاً لما أتت به النظريات القطعية، فصادر كل طرف من الأطراف الأخرى بما تحمله من أيديولوجيات أحزاب أو أفراد، ما أدى للإسراف في الخطأ والتمادي.
وربما من أجمل المقاربات بين الأخلاق والسياسة تلك التي أشار إليها (ميكافيللي) في موازنة سجلت النصح بالاعتدال والإنسانية؛ فميكافيللي المتنكر ظاهرياً للفضائل الأخلاقية لا يعارض التحلي بها عندما يتوقع منها فائدة ما تخدم الأهداف السياسية وتحقق المنفعة؛ ضماناً لتأمين قواعد الأمن في البلاد وحفظاً للرعايا.
وبهذا نجد أن التنكر المطلق للأخلاق يكاد يكون غير موجود في فكر أغلب المفكرين والفلاسفة لإدراكهم تبعات نبذ العامل الأخلاقي في ظل القطعيات الفكرية واللاهوتية والسياسية، والتي أفرزت عدداً من الحروب على مدى التاريخ من أبرزها تلك التي حدثت في القرون الوسطى تحت عنوان “حروب الحق والباطل” المتجلية في صراعات جدلية تفاعلية عنيفة وهدامة.
ورغم دواعي تلازم الأخلاق بالسياسة، بل حسب المقتضيات الطبيعية لكون القيم الأخلاقية أولى قواعد السياسة ولبنة فلسفتها، إلاَّ أنّ اعتقاداً سائداً بأن السياسة مكباً للنفايات البشرية والتقيحات النفسية والأخلاقية للساسة، وربما لا يمكن التنصل مما ألحق بسياسة العصر من صفات فقد شوهها ممارسوها الذين غيروا فلسفتها وأداروها من جديد بمنطق التجارة؛ ربح وخسارة، فوقفوا على المكاسب والمغانم كثيراً حتى باعوا أمهاتهم في سوق دولية تاجرت بممنوعات الأخلاق الإنسانية ومحظوراتها، لتقوم تجارتهم على رفات البشر وضحاياهم.
ولعل المشهد السياسي السوري يمنحنا وقفة تأمل إجبارية ترسم لنا الخطوط العريضة لسياسة الأسد الرعناء الخالية من شيم الأسود الأشاوس في المنظور الأخلاقي العام والخاص، هو ذات المنظور الذي انتصر لصدام حسين بصنيعه ومنحه درجات الأبطال لدى بعض العوام في مرحلة انعطاف سياسي لاهوتي.
وفضلاً عن الابتعاد أكثر، لنا عودة إلى ساحتنا المحلية للوقوف على خُلق المعارضة، فإذا بنا لا نجد لها ريحاً في البحرين، عندما يعتدي المعارض على حريات الآمنين فيمارس ما يدعيه حقاً بلا أخلاق؛ فقطع الطرق ليس حرية، وعرقلة حركة الناس ليست حرية، وعدم مراعاة شعور الآخرين أو منحهم حق الاتفاق والاختلاف ليس حرية، وسياسة إشعال الإطارات في الشوارع والأجسام الغريبة في كل صوب وناحية وسكب الزيت في الطرقات والإلقاء بالأسياخ الحديدية والقنابل اليدوية (المولوتوفات) وزجّ الأطفال في عمليات التخريب والإرهاب، كل هذا ليس إلاَّ انحطاطاً وفساداً في الخلق السياسي أفرزته أمراضاً فكرية وسوسيولوجية وسيكولوجية خبيثة في المعارض المعتدي فرداً كان أو حزباً، أو لنقل في ساسة العصر الذين تعرفوا على السياسة بالصدفة وربما تمخض عن هذا التعارف لقاءات حميمية مجنونة طائشة.
عندما تخلو الحرية -لاسيما في المجال السياسي- من الضوابط الأخلاقية التي تجعلها مقيدةً بحريات الآخرين، باعتبارها قيداً وهمياً يحول دون ديمومة الحياة السياسية، ثق أن عصور الغاب قد عادت من جديد بأساليب ملتوية وأثواب تدّعي الحضارة، وفي وقتنا الراهن أصبح المعترك السياسي بحاجة ماسة لاستنشاق جرعات كبيرة من الإكسيولوجيا لما تمنحه من قيم وفلسفة وأخلاق نآى عنها الساسة مؤخراً إلاَّ فيما ندر.
الأزمة التي تتعرض لها السياسة مؤخراً أنها خلت من الأخلاق والقيم، فلم تعد تراعي حريات الآخرين، ولا تقف عند القبول بالآخر وتحترمه، فصُمّت كل الآذان إلاَّ عن سماع الأصوات الذاتية، بافتراض أنها الصواب المطلق في عالم غارق بالخطأ المطلق وفقاً لما أتت به النظريات القطعية، فصادر كل طرف من الأطراف الأخرى بما تحمله من أيديولوجيات أحزاب أو أفراد، ما أدى للإسراف في الخطأ والتمادي.
وربما من أجمل المقاربات بين الأخلاق والسياسة تلك التي أشار إليها (ميكافيللي) في موازنة سجلت النصح بالاعتدال والإنسانية؛ فميكافيللي المتنكر ظاهرياً للفضائل الأخلاقية لا يعارض التحلي بها عندما يتوقع منها فائدة ما تخدم الأهداف السياسية وتحقق المنفعة؛ ضماناً لتأمين قواعد الأمن في البلاد وحفظاً للرعايا.
وبهذا نجد أن التنكر المطلق للأخلاق يكاد يكون غير موجود في فكر أغلب المفكرين والفلاسفة لإدراكهم تبعات نبذ العامل الأخلاقي في ظل القطعيات الفكرية واللاهوتية والسياسية، والتي أفرزت عدداً من الحروب على مدى التاريخ من أبرزها تلك التي حدثت في القرون الوسطى تحت عنوان “حروب الحق والباطل” المتجلية في صراعات جدلية تفاعلية عنيفة وهدامة.
ورغم دواعي تلازم الأخلاق بالسياسة، بل حسب المقتضيات الطبيعية لكون القيم الأخلاقية أولى قواعد السياسة ولبنة فلسفتها، إلاَّ أنّ اعتقاداً سائداً بأن السياسة مكباً للنفايات البشرية والتقيحات النفسية والأخلاقية للساسة، وربما لا يمكن التنصل مما ألحق بسياسة العصر من صفات فقد شوهها ممارسوها الذين غيروا فلسفتها وأداروها من جديد بمنطق التجارة؛ ربح وخسارة، فوقفوا على المكاسب والمغانم كثيراً حتى باعوا أمهاتهم في سوق دولية تاجرت بممنوعات الأخلاق الإنسانية ومحظوراتها، لتقوم تجارتهم على رفات البشر وضحاياهم.
ولعل المشهد السياسي السوري يمنحنا وقفة تأمل إجبارية ترسم لنا الخطوط العريضة لسياسة الأسد الرعناء الخالية من شيم الأسود الأشاوس في المنظور الأخلاقي العام والخاص، هو ذات المنظور الذي انتصر لصدام حسين بصنيعه ومنحه درجات الأبطال لدى بعض العوام في مرحلة انعطاف سياسي لاهوتي.
وفضلاً عن الابتعاد أكثر، لنا عودة إلى ساحتنا المحلية للوقوف على خُلق المعارضة، فإذا بنا لا نجد لها ريحاً في البحرين، عندما يعتدي المعارض على حريات الآمنين فيمارس ما يدعيه حقاً بلا أخلاق؛ فقطع الطرق ليس حرية، وعرقلة حركة الناس ليست حرية، وعدم مراعاة شعور الآخرين أو منحهم حق الاتفاق والاختلاف ليس حرية، وسياسة إشعال الإطارات في الشوارع والأجسام الغريبة في كل صوب وناحية وسكب الزيت في الطرقات والإلقاء بالأسياخ الحديدية والقنابل اليدوية (المولوتوفات) وزجّ الأطفال في عمليات التخريب والإرهاب، كل هذا ليس إلاَّ انحطاطاً وفساداً في الخلق السياسي أفرزته أمراضاً فكرية وسوسيولوجية وسيكولوجية خبيثة في المعارض المعتدي فرداً كان أو حزباً، أو لنقل في ساسة العصر الذين تعرفوا على السياسة بالصدفة وربما تمخض عن هذا التعارف لقاءات حميمية مجنونة طائشة.