في طفولتنا المزدحمة بالرغبة في أن نكون أكبر وأقوى، نستطيع أن نحصل على ما نريد. حدث لي ذلك في الصف الثاني ابتدائي عام 1956م، وقد كنا حينها نتزاحم أمام مقصف المدرسة، مدرسة القضيبية للبنين، من أجل الحصول على سندويش السمبوسة، وأحيانا زجاجة مرطبات تساوي كلها نص (نصف) روبية (خمسين فلساً من عملة اليوم).
من الطبيعي أننا كتلاميذ في الصف الثاني أكثر إمكانية للحصول على ما نريد من تلاميذ الصف الأول بسبب قوتنا العضلية، ولأن جسمي كان صغيراً وله علاقة بالصف الأول أكثر من الصف الثاني، كنت لا أقوى على الدخول في مزاحمة الأجساد الأكبر، وأفشل عادة في الحصول على السمبوسة التي تنتهي من الجدر (القدر) الخاص بها، أو أن الجرس يعلن العودة إلى الصف قبل أن أحصل على سندويشي. من هنا كنت أطلب مساعدة أحد التلاميذ الأكبر سنا مني، وهو علي حسن البلوشي، الذي يقوم بعملية البيع في الفرصة، وهو واحد من لاعبي فريق الناشئين في فريج الفاضل في منتصف الخمسينات، ورغم أنه يسكن في منطقة حورة الحدادة فإن معظم وقته كان في دكان يوسفووه، وهو المرحوم (يوسف جاسم محمود)، حيث كان الدكان هو المقر الرسمي لهذا الفريق الفتي الذي يبحث له عن مكان تحت الشمس.
بعد أن كبرت؛ صرت أزاحم الآخرين في شراء الخبز من الخباز، ولأن جسمي صار أقوى ويدي أطول من قبل كنت أحصل على مرادي قبل الآخرين.
وهكذا كنا، بدلاً من الوقوف في صف متسلسل لشراء تذاكر السينما في كل من سينما أوال أو بن هيرس (هجرس) والزياني وسينما البحرين، التي كان يملكها الشيخ علي، وكنا نسميها أيضاً سينما الشيخ علي، أقفز على أكتاف الآخرين وأحصل على التذكرة لي ولأصدقائي.
كنت أتصور ولفترة طويلة أن الزحمة شيء طبيعي في الحياة، أو هي ابنة المجتمعات المتطورة، لكن بعد أن نظرت إليها من زاوية أخرى وجدت أنها قضية مصطنعة، ومن الممكن التخلص منها بصورة نهائية إذا اتبعنا طريقة مرور السيارات (اسمح للمرور).
أنت تستطيع أن تتخلص من جميع أنواع الزحمة إذا تركت المجال للآخرين لأن يمروا قبلك، ولن يتأخر العالم لو تأخرت خمسة دقائق عن عملك أو موعدك، رغم أنك تستطيع أن تذهب إلى موعدك المحدد أو الوصول إلى مكان عملك إذا قدمت ساعتك مدة عشر دقائق.
لا وجود للزحمة لمن يستطيع أن يرى في الزحمة مجالاً للتأمل أو ترديد الكلمات الإيجابية أو الاستماع إلى البومات محاضرات وندوات مسجلة أو كتب صوتية.
الآن أعرف أكثر أن الزحمة ليست في الشارع أو في حركة المرور أو أمام شباك التذاكر في دور السينما أو في سوق الخضار واللحم أو في المتاجر الكبيرة التي رتبت طبيعة عملية الدفع بصورة جيدة، كما هو حاصل في جميع الأماكن التي تتعامل مع عدد كبير من الناس؛ الزحمة الآن هي في الرأس، حيث تتزاحم الأفكار المهمة والأفكار الأقل أهمية، تتزاحم الأولويات مع المسائل الثانوية مما يربك الإنسان ويجعله في غالب الأحيان لا يعرف كيفية التصرف، من هنا أرى ضرورة أن نتعلم من كلمة (اسمح للمرور) ونعممها على جميع تصرفاتنا وحياتا اليومية، فنسمح للجميع بالمرور قبلنا، ونسمح للأفكار والأعمال المهمة بالمرور قبل الأفكار والأعمال الأقل أهمية.
إن فعلت ذلك، أيها القارئ الجميل، ثق أنك لن تشعر أبداً بالزحمة في مكان من العالم، إن شعرت بها انظر إلى الناحية الإيجابية من الزحمة؛ اسمع موسيقى هادئة أو استمع إلى محاضرة أو ندوة أو استغفر الله، فإنك بذلك تحول الزحمة إلى مكان رائع، ولا تتعجب من نفسك إن بدأت في التفتيش عن أماكن الزحمة في كل مكان.
من الطبيعي أننا كتلاميذ في الصف الثاني أكثر إمكانية للحصول على ما نريد من تلاميذ الصف الأول بسبب قوتنا العضلية، ولأن جسمي كان صغيراً وله علاقة بالصف الأول أكثر من الصف الثاني، كنت لا أقوى على الدخول في مزاحمة الأجساد الأكبر، وأفشل عادة في الحصول على السمبوسة التي تنتهي من الجدر (القدر) الخاص بها، أو أن الجرس يعلن العودة إلى الصف قبل أن أحصل على سندويشي. من هنا كنت أطلب مساعدة أحد التلاميذ الأكبر سنا مني، وهو علي حسن البلوشي، الذي يقوم بعملية البيع في الفرصة، وهو واحد من لاعبي فريق الناشئين في فريج الفاضل في منتصف الخمسينات، ورغم أنه يسكن في منطقة حورة الحدادة فإن معظم وقته كان في دكان يوسفووه، وهو المرحوم (يوسف جاسم محمود)، حيث كان الدكان هو المقر الرسمي لهذا الفريق الفتي الذي يبحث له عن مكان تحت الشمس.
بعد أن كبرت؛ صرت أزاحم الآخرين في شراء الخبز من الخباز، ولأن جسمي صار أقوى ويدي أطول من قبل كنت أحصل على مرادي قبل الآخرين.
وهكذا كنا، بدلاً من الوقوف في صف متسلسل لشراء تذاكر السينما في كل من سينما أوال أو بن هيرس (هجرس) والزياني وسينما البحرين، التي كان يملكها الشيخ علي، وكنا نسميها أيضاً سينما الشيخ علي، أقفز على أكتاف الآخرين وأحصل على التذكرة لي ولأصدقائي.
كنت أتصور ولفترة طويلة أن الزحمة شيء طبيعي في الحياة، أو هي ابنة المجتمعات المتطورة، لكن بعد أن نظرت إليها من زاوية أخرى وجدت أنها قضية مصطنعة، ومن الممكن التخلص منها بصورة نهائية إذا اتبعنا طريقة مرور السيارات (اسمح للمرور).
أنت تستطيع أن تتخلص من جميع أنواع الزحمة إذا تركت المجال للآخرين لأن يمروا قبلك، ولن يتأخر العالم لو تأخرت خمسة دقائق عن عملك أو موعدك، رغم أنك تستطيع أن تذهب إلى موعدك المحدد أو الوصول إلى مكان عملك إذا قدمت ساعتك مدة عشر دقائق.
لا وجود للزحمة لمن يستطيع أن يرى في الزحمة مجالاً للتأمل أو ترديد الكلمات الإيجابية أو الاستماع إلى البومات محاضرات وندوات مسجلة أو كتب صوتية.
الآن أعرف أكثر أن الزحمة ليست في الشارع أو في حركة المرور أو أمام شباك التذاكر في دور السينما أو في سوق الخضار واللحم أو في المتاجر الكبيرة التي رتبت طبيعة عملية الدفع بصورة جيدة، كما هو حاصل في جميع الأماكن التي تتعامل مع عدد كبير من الناس؛ الزحمة الآن هي في الرأس، حيث تتزاحم الأفكار المهمة والأفكار الأقل أهمية، تتزاحم الأولويات مع المسائل الثانوية مما يربك الإنسان ويجعله في غالب الأحيان لا يعرف كيفية التصرف، من هنا أرى ضرورة أن نتعلم من كلمة (اسمح للمرور) ونعممها على جميع تصرفاتنا وحياتا اليومية، فنسمح للجميع بالمرور قبلنا، ونسمح للأفكار والأعمال المهمة بالمرور قبل الأفكار والأعمال الأقل أهمية.
إن فعلت ذلك، أيها القارئ الجميل، ثق أنك لن تشعر أبداً بالزحمة في مكان من العالم، إن شعرت بها انظر إلى الناحية الإيجابية من الزحمة؛ اسمع موسيقى هادئة أو استمع إلى محاضرة أو ندوة أو استغفر الله، فإنك بذلك تحول الزحمة إلى مكان رائع، ولا تتعجب من نفسك إن بدأت في التفتيش عن أماكن الزحمة في كل مكان.