جاءت كلمة الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني أمير دولة قطر في مؤتمر الجمعية العمومية للأمم المتحدة. لتضع نقاطاً مهمة على حروف القضية السورية، فقد دعا أمير قطر الدول العربية لتحمل مسؤوليتها التاريخية والقومية وتتدخل بكافة السبل المتاحة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً لحل الأزمة السورية، النقاط المهمة الأخرى، كانت سابقة بقليل لكلمة أمير قطر، وجاءت من الضفة الأخرى، من إيران، حين أعلن السيد علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية بأن ثمة اتصالات بين جماعة الإخوان المسلمين بسوريا وبين وزارة الخارجية الإيرانية بهدف تشجيع الجماعة على الانخراط في جهود إحلال السلام ودعم الإصلاحات اللازمة في سوريا وقد أكد إخوان سوريا خبر تقديم إيران مساومات لهم في سبيل إنهاء آمن للأزمة السورية، وكل هذه التصريحات تعني ببساطة....أن لا غالب اليوم على الأرض في سوريا!!
كان هناك شعور مقلق يتعاظم في نفوس المراقبين بأن الأوضاع في سوريا بدأت تنزلق من ثورة تطالب بالعدالة والحرية والإصلاح السياسي والاقتصادي، إلى صراعات فئوية تتخللها الشعارات الطائفية والخلافات الحزبية والمصالح الخارجية، ولم يكن الأمر يحتاج أدلة كثيرة أو العثور على وثائق سرية تثبت حقيقة عدم تماسك الثورة السورية وافتقادها للتنسيق ووحدة الموقف، فمنذ الانطلاقة الأولى للثورة خرج بعض المشايخ على بعض القنوات الفضائيات ونصبوا أنفسهم قادة سياسيين وميدانيين للثورة، واختطوا للثورة فلسفة ورؤى لم يخرج السوريون من أجلها، واعتلت النبرة الطائفية في خطاباتهم إلى أن تدخلت بعض الشخصيات السورية للحد منها ولكنها لم تستطع ضبط الأمر كله من كافة الأطراف التي تهتف خلف قناعاتها الذاتية باسم الثورة السورية .
من جهة أخرى فإن الجيش السوري الحر الذي يقاتل باسم الثورة يواجه مشكلات عديدة تزيد الأزمة تعقيداً ولا تخلق وضعاً مطمئناً، فهو كيان يتكون من عدة وحدات غير موحدة، ولا تخضع لقيادة واحدة، إلا ما أُعلن عنه مؤخراً من تأسيس مجلس موحد لوحدات الجيش الحر ولكن لم يعلن عن آليات تشكيل هذه المجالس ولم يعلن عن اكتمالها أو حتى العمل عليها، والقائد العام للجيش الحر العقيد رياض الأسعد يقود العمليات العسكرية من مقره داخل تركيا على الحدود المتاخمة لسوريا، مما أغرى بعض التكوينات العسكرية بإعلانها تشكيل وحدات عسكرية أخرى وتوليها القيادة الميدانية في الداخل السوري، وهذا ما اعترف به العقيد رياض الأسعد في رسالة مسجلة على اليوتيوب، بمناسبة مرور عام على انطلاق الثورة السورية، حيث رفض فيها تشكل تلك القيادات وتلك الوحدات ويعلن عدم مسؤولية الجيش الحر عن أي عمل عسكري تقوم به، ووقوع هذه الوحدات العسكرية ضمن أهداف جيشه الحر إن قامت بعمليات عسكرية تسبب أضراراً للمدنيين تحت أي ذريعة !!
وعلى صعيد التحركات السياسية فإن المجلس الوطني السوري الذي تشكل ليكون الجناح السياسي للثورة يعاني من عجزه عن توحيد أطياف المعارضة المختلفة التي تأسس من أجل أن يكون صوتها الموحد، وكثرت الاستقالات والانشقاقات والخلافات التي تعتري اجتماعاته إلى أن خفت وهجه وقل تعويل السوريين والمجتمع الدولي عليه .
والخطر الغائب الحاضر في كل هذه الفوضى الغامضة هو القضية الكردية التي هي في الأساس المحرك الرئيس لتدخل الأتراك في القضية السورية، وهو سبب الاتصالات المباشرة بين القيادات التركية والقيادات الكردستانية تجاوزاً للبروتوكولات الدبلوماسية التي تستوجب التواصل مع إقليم كردستان العراق عن طريق القيادة المركزية في بغداد !! وهذا أصبح مصدر قلق لنوري المالكي رئيس وزراء العراق الذي تشير مصادر سياسية بأن مسعود البارازاني يعول على سقوط نظام بشار الأسد لضعضعة نفوذ المالكي في العراق، ومن ثم إعلان استقلال إقليم كردستان، الأمر الذي سيفتح باب انشقاق الأقاليم المستقلة على مصراعية في الجغرافيا العربية، والذي بدأ بقوة وبنجاح وبرعاية دولية في تقسيم السودان !!
المشهد السوري ينزلق إلى الفوضى والغموض، فإيران أعلنت عن طريق أكثر من مصدر رسمي تواجد الحرس الثوري على أرض القتال في سوريا وحزب الله اللبناني يدعم النظام دعماً رسمياً ولوجستياً وعسكرياً أيضاً، والجيش الحر يتلقى دعماً مالياً معلناً من أطراف متعددة على الرغم من الوضع المقلق لوحداته التي يصعب ضمان انتماءاتها السياسية والحزبية مما يجعل الدعم الخارجي لوحدات معينة منها خطوات محرجة قد تصب في زيادة الفوضى في سوريا . والصين وسوريا تقفان بكل قوة لتفويت أي فرصة لمعسكر النيتو من بسط نفوذه في منطقة الشام كما فعلها في منطقة المغرب العربي، ولا ننسى أن المستفيد الأول من تدمير الجيش العربي السوري هو إسرائيل حتى وإن كان هذا الجيش قد ادخر رصاصاته لصدور السوريين وحرف فوهة مدافعه عن الجولان إلى المحافظات السورية، فسيبقى الجيش السوري هو الجيش العربي رقم (2) الذي تحتفل إسرائيل بتفككه بعد الجيش العراقي الذي توجه هو الآخر نحو الكويت!! .
يبقى أن نشير إلى التغطيات الإعلامية التي أبدعت في تغطية الثورات العربية وتمكنت من الوصول إلى كافة الأطراف المحركة لها، ورافقت الثوار الليبيين ميدانياً على عرباتهم العسكرية وباتت في معسكراتهم وشاركتهم الطعام والفراش، ولكنها في سوريا لا تحضر إلا بعد خراب المناطق السكنية لتقدم تقارير إخبارية لا يستدعي من المشاهد أي خبرة إعلامية ليكتشف أنها تغطيات غير مهنية تستخدم لغة منحازة بأسلوب مكشوف لا يضيف أي خبر جديد، بل يدعو إلى مزيد من الريبية !!
تأتي دعوة أمير قطر وتصريحات لارجياني اعترافاً بأن طرفاً ما لم يتمكن من السيطرة على الأمور وتوجيهها لصالحه، وأن الوضع في سوريا قد يخرج عن السيطرة أو في أقل التقديرات قد يطول أمده ويطول زمن نزيف الدم الأليم في سوريا، وأيا كانت دلالات دعوة أمير قطر وغاياتها التي اختلف المحللون في قراءتها، وأيا كان الدور القطري والإيراني الحاضرين في القضية السورية، وأيا كان المستقبل المتوقع لجماعة الإخوان المسلمين التي بدأ اسمها يتصدر الكثير من التحركات، فإن الجميع قد أعلن اعترافه بأن الحل التوافقي بين الأطراف اللاعبة والمتدخلة في سوريا هو السبيل للخروج من مأزق الدم النازف الذي يوشك أن يجهض ثورة السوريين بتفرقه بين الأيادي الداخلية والخارجية ويحولها إلى حرب شوهاء بين الفرقاء السوريين .
وأياً كان التوصيف الصحيح والحقيقي لما يجري في سوريا، وأياً كانت الأجندات الداخلية والخارجية المتدخلة وأهدافها وحساباتها، فإن سوريا تقع وسطاً بين العراق ولبنان وكلتا الدولتين نموذج ذميم للمحاصصة الطائفية التي تغذت منها الأزمة السورية والمهددة بالانجراف بعدها للمنزلق الطائفي، وقد خسر العرب كثيراً، والخليجيون خصوصاً، بسقوط العراق في هذا النفق وذاقوا مرارة الأثر المؤلم على بلدانهم نتيجة خروج العراق عن الاحتواء العربي، لذلك وفي هذه المرحلة التي لم يفت أوانها بعد، على العرب فعلاً، لا قولاً التدخل لإيجاد مخرج للأزمة السورية بما يلبي طموحات السوريين في الإصلاح والتغيير وبما يحفظ وحدة التراب السوري والحفاظ على تماسك النسيج الوطني السوري، وإلا فلن تكون الدول العربية، والخليجية خاصة، بمنأى عن انفجار (بركان) سوريا وعن وصول حممه الحارقة إليهم نتيجة وصول أي طرف داخلي أو خارجي، ذي مصالح خاصة وأجندات إقليمية، وصعوده على كثبان الفوضى التي قد ينتهي إليها الاقتتال السوري.
كان هناك شعور مقلق يتعاظم في نفوس المراقبين بأن الأوضاع في سوريا بدأت تنزلق من ثورة تطالب بالعدالة والحرية والإصلاح السياسي والاقتصادي، إلى صراعات فئوية تتخللها الشعارات الطائفية والخلافات الحزبية والمصالح الخارجية، ولم يكن الأمر يحتاج أدلة كثيرة أو العثور على وثائق سرية تثبت حقيقة عدم تماسك الثورة السورية وافتقادها للتنسيق ووحدة الموقف، فمنذ الانطلاقة الأولى للثورة خرج بعض المشايخ على بعض القنوات الفضائيات ونصبوا أنفسهم قادة سياسيين وميدانيين للثورة، واختطوا للثورة فلسفة ورؤى لم يخرج السوريون من أجلها، واعتلت النبرة الطائفية في خطاباتهم إلى أن تدخلت بعض الشخصيات السورية للحد منها ولكنها لم تستطع ضبط الأمر كله من كافة الأطراف التي تهتف خلف قناعاتها الذاتية باسم الثورة السورية .
من جهة أخرى فإن الجيش السوري الحر الذي يقاتل باسم الثورة يواجه مشكلات عديدة تزيد الأزمة تعقيداً ولا تخلق وضعاً مطمئناً، فهو كيان يتكون من عدة وحدات غير موحدة، ولا تخضع لقيادة واحدة، إلا ما أُعلن عنه مؤخراً من تأسيس مجلس موحد لوحدات الجيش الحر ولكن لم يعلن عن آليات تشكيل هذه المجالس ولم يعلن عن اكتمالها أو حتى العمل عليها، والقائد العام للجيش الحر العقيد رياض الأسعد يقود العمليات العسكرية من مقره داخل تركيا على الحدود المتاخمة لسوريا، مما أغرى بعض التكوينات العسكرية بإعلانها تشكيل وحدات عسكرية أخرى وتوليها القيادة الميدانية في الداخل السوري، وهذا ما اعترف به العقيد رياض الأسعد في رسالة مسجلة على اليوتيوب، بمناسبة مرور عام على انطلاق الثورة السورية، حيث رفض فيها تشكل تلك القيادات وتلك الوحدات ويعلن عدم مسؤولية الجيش الحر عن أي عمل عسكري تقوم به، ووقوع هذه الوحدات العسكرية ضمن أهداف جيشه الحر إن قامت بعمليات عسكرية تسبب أضراراً للمدنيين تحت أي ذريعة !!
وعلى صعيد التحركات السياسية فإن المجلس الوطني السوري الذي تشكل ليكون الجناح السياسي للثورة يعاني من عجزه عن توحيد أطياف المعارضة المختلفة التي تأسس من أجل أن يكون صوتها الموحد، وكثرت الاستقالات والانشقاقات والخلافات التي تعتري اجتماعاته إلى أن خفت وهجه وقل تعويل السوريين والمجتمع الدولي عليه .
والخطر الغائب الحاضر في كل هذه الفوضى الغامضة هو القضية الكردية التي هي في الأساس المحرك الرئيس لتدخل الأتراك في القضية السورية، وهو سبب الاتصالات المباشرة بين القيادات التركية والقيادات الكردستانية تجاوزاً للبروتوكولات الدبلوماسية التي تستوجب التواصل مع إقليم كردستان العراق عن طريق القيادة المركزية في بغداد !! وهذا أصبح مصدر قلق لنوري المالكي رئيس وزراء العراق الذي تشير مصادر سياسية بأن مسعود البارازاني يعول على سقوط نظام بشار الأسد لضعضعة نفوذ المالكي في العراق، ومن ثم إعلان استقلال إقليم كردستان، الأمر الذي سيفتح باب انشقاق الأقاليم المستقلة على مصراعية في الجغرافيا العربية، والذي بدأ بقوة وبنجاح وبرعاية دولية في تقسيم السودان !!
المشهد السوري ينزلق إلى الفوضى والغموض، فإيران أعلنت عن طريق أكثر من مصدر رسمي تواجد الحرس الثوري على أرض القتال في سوريا وحزب الله اللبناني يدعم النظام دعماً رسمياً ولوجستياً وعسكرياً أيضاً، والجيش الحر يتلقى دعماً مالياً معلناً من أطراف متعددة على الرغم من الوضع المقلق لوحداته التي يصعب ضمان انتماءاتها السياسية والحزبية مما يجعل الدعم الخارجي لوحدات معينة منها خطوات محرجة قد تصب في زيادة الفوضى في سوريا . والصين وسوريا تقفان بكل قوة لتفويت أي فرصة لمعسكر النيتو من بسط نفوذه في منطقة الشام كما فعلها في منطقة المغرب العربي، ولا ننسى أن المستفيد الأول من تدمير الجيش العربي السوري هو إسرائيل حتى وإن كان هذا الجيش قد ادخر رصاصاته لصدور السوريين وحرف فوهة مدافعه عن الجولان إلى المحافظات السورية، فسيبقى الجيش السوري هو الجيش العربي رقم (2) الذي تحتفل إسرائيل بتفككه بعد الجيش العراقي الذي توجه هو الآخر نحو الكويت!! .
يبقى أن نشير إلى التغطيات الإعلامية التي أبدعت في تغطية الثورات العربية وتمكنت من الوصول إلى كافة الأطراف المحركة لها، ورافقت الثوار الليبيين ميدانياً على عرباتهم العسكرية وباتت في معسكراتهم وشاركتهم الطعام والفراش، ولكنها في سوريا لا تحضر إلا بعد خراب المناطق السكنية لتقدم تقارير إخبارية لا يستدعي من المشاهد أي خبرة إعلامية ليكتشف أنها تغطيات غير مهنية تستخدم لغة منحازة بأسلوب مكشوف لا يضيف أي خبر جديد، بل يدعو إلى مزيد من الريبية !!
تأتي دعوة أمير قطر وتصريحات لارجياني اعترافاً بأن طرفاً ما لم يتمكن من السيطرة على الأمور وتوجيهها لصالحه، وأن الوضع في سوريا قد يخرج عن السيطرة أو في أقل التقديرات قد يطول أمده ويطول زمن نزيف الدم الأليم في سوريا، وأيا كانت دلالات دعوة أمير قطر وغاياتها التي اختلف المحللون في قراءتها، وأيا كان الدور القطري والإيراني الحاضرين في القضية السورية، وأيا كان المستقبل المتوقع لجماعة الإخوان المسلمين التي بدأ اسمها يتصدر الكثير من التحركات، فإن الجميع قد أعلن اعترافه بأن الحل التوافقي بين الأطراف اللاعبة والمتدخلة في سوريا هو السبيل للخروج من مأزق الدم النازف الذي يوشك أن يجهض ثورة السوريين بتفرقه بين الأيادي الداخلية والخارجية ويحولها إلى حرب شوهاء بين الفرقاء السوريين .
وأياً كان التوصيف الصحيح والحقيقي لما يجري في سوريا، وأياً كانت الأجندات الداخلية والخارجية المتدخلة وأهدافها وحساباتها، فإن سوريا تقع وسطاً بين العراق ولبنان وكلتا الدولتين نموذج ذميم للمحاصصة الطائفية التي تغذت منها الأزمة السورية والمهددة بالانجراف بعدها للمنزلق الطائفي، وقد خسر العرب كثيراً، والخليجيون خصوصاً، بسقوط العراق في هذا النفق وذاقوا مرارة الأثر المؤلم على بلدانهم نتيجة خروج العراق عن الاحتواء العربي، لذلك وفي هذه المرحلة التي لم يفت أوانها بعد، على العرب فعلاً، لا قولاً التدخل لإيجاد مخرج للأزمة السورية بما يلبي طموحات السوريين في الإصلاح والتغيير وبما يحفظ وحدة التراب السوري والحفاظ على تماسك النسيج الوطني السوري، وإلا فلن تكون الدول العربية، والخليجية خاصة، بمنأى عن انفجار (بركان) سوريا وعن وصول حممه الحارقة إليهم نتيجة وصول أي طرف داخلي أو خارجي، ذي مصالح خاصة وأجندات إقليمية، وصعوده على كثبان الفوضى التي قد ينتهي إليها الاقتتال السوري.