أتصوّر أن الاستمرار الدؤوب في دفع عجلة الإصلاح قدماً إلى الأمام سوف يعود بنفعٍ كبيرٍ ومستديمٍ على مجتمعنا البحريني التواق إلى العيش في أجواءٍ من الإخاء والتراحم والترابط الأسري الشامل؛ وحتى يتحقّق ذلك لا بّد من احترام حقوق الإنسان، والتصدِّي للانتهاكات التي تحّل على المواطنين، أياً كان مذهبهم أو انتماؤهم الفكري، وهو ما التزمت به الدولة من خلال موافقتها على التوصيات التي طرحها مجلس حقوق الإنسان، والمنعقد مؤخراً في مدينة جنيف.
كما إن مواصلة نهج الإصلاح الديمقراطي تستدعي أيضاً القيام بمراجعة القوانين التي تحِّد من الحريات أو تقلِّل سقفها، فحرية الرأي والتعبير مكفولة دستورياً، ومن هذا المنطلق يجب أن يتم تفعيل التشريعات التي ترسم بوضوحٍ حدود هذه الحرية، وتضع حداً للتجاوزات القانونية، وتكون ملزمةً لكافة أفراد المجتمع. ومن الأهمية بمكان ألاّ يتم التضييق على المساحات المتاحة لحرية الكلمة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المتوفِّرة بغزارة على شبكة الإنترنت، فهذه الوسائط يكمن أن تكون رافداً أساسياً للحوار الوطني المأمول في المستقبل المنظور بين الحكومة والأطراف الفاعلة على الساحة السياسية، والتي يفترض أن تشترك جميعها في صياغة إطار لحّل سياسي متكامل يخرج البلاد من أتون الأزمة الراهنة، ويعمِّق الثقة بين الفرقاء السياسيين.
غير أن الوجه الآخر للإصلاح هو الأمن، فأي مجتمع ينشد الاستقرار لا بّد أن يوفِّر السلامة والأمان لأفراده، ومن شأن الالتزام بالقوانين الرسمية التي تحدِّد كيفية تنظيم التجمّعات الجماهيرية، والمنتديات، أن يخلق وعياً لدى الأفراد بأهميّة الحفاظ على الطابع الحضاري للمجتمع البحريني الذي ترسّخ عبر مئات السنين، فالبحرينيون معروفون بالطيبة والتسامح وقبول الرأي الآخر، ولا مجال إذن لتحويل التجمعات البشرية إلى أداةٍ للصدام وتصفية الحسابات، فهذا سيلحق ضرراً فادحاً بالمجتمع على المدى البعيد.
إن الإصلاح والأمن وجهان لعملة واحدة، فمن الصعوبة بمكانٍ أن يتم اتخاذ الإجراءات التي تعزِّز مقوِّمات الديمقراطية من جهةٍ، وغضّ الطرف عن أعمال العنف والعنف المضاد، من جهةٍ أخرى، وكما إن الإصلاح يجب أن يكون شاملاًّ لمختلف أوجه الحياة، فإن الأمن أيضاً لا يتجزأ، فالمجتمع ينشد الهدوء والاستقرار!