الأسبوع الماضي اتخذت الطريق الريفي الواصل بين داركليب وكرزكان التي كانت مقصدي لتقديم واجب العزاء لأحد الأصدقاء، لم أصدق ما رأيت؛ فالحال التي آل إليها الطريق مأساة بمعنى الكلمة، وأكاد أن أقول إنه لا توجد فيه بقعة لم تتأثر بالإطارات التي يتم إشعال النيران فيها، بينما شوهت الكتابات جدران المنازل وحظيت بعض زوايا الطريق بما تيسر من جذوع النخل والطابوق الذي يسد به للحيلولة دون وصول رجال الأمن إلى حيث يمارس الشباب تجاوزاتهم اليومية.
من يمر في ذلك الطريق يدرك على الفور ما يحدث في تلك المنطقة وعلى الخصوص ليلاً، ويمكنه أن يتخيل عمليات الكر والفر التي تتم وما يعانيه رجال الأمن والمواطنون الساكنون في المكان معاً من رعونة ذلك العمل الذي من الواضح أن فاعليه لا يستطيعون النظر إلى أبعد من موطئ أقدامهم، ولعلهم لا يدركون ما يقومون به، أو على الأقل لا يدركون ما يراد منهم عبر هذا الفعل المشين.
ترى كيف لأصحاب البيوت الواقعة في تلك المناطق -وغيرها من المناطق في القرى الأخرى- التصرف في حالة اضطرارهم لأخذ طفل مريض أو عجوز أو شابة على وشك الولادة إلى المستشفى؟ كيف لهم أن يخرجوا وأن يجتازوا تلك الموانع التي تسد بها الطرقات؟ كيف لهم أن يدخلوا وسط التراشق بين الشباب الذي يحمل زجاجات المولوتوف الحارقة ويشعل النيران في إطارات السيارات وخزانات المياه البلاستيكية وغيرها ورجال الأمن الذين يردون بمسيلات الدموع بغية تفريقهم؟ وحتى لو لم تكن لدى سكان تلك البيوت حالة طارئة؛ كيف لهم أن يعيشوا في منطقة لا تعرف الهدوء وتحولت مع سبق الإصرار والترصد إلى ساحة معارك لا يهدأ فيها الدخان، ويفعل ما ينتج عنه من روائح وأضرار فيهم الفعل الكثير؟
للأسف فإن المتضرر الأكبر مما يحدث هم سكان تلك البيوت الذين ليسوا بالضرورة موافقين على ما يقوم به أولئك الشباب وإن آثروا السكوت، فالسكوت هنا لا يعني الرضا وليس علامة له، لكنه غالباً ناتج عن الخوف ومنطلقاً من مقولة «الباب اللي يجي لك منه الريح»، فهم يتوقعون أن تتم معاداتهم لو أنهم رفعوا الصوت وانتقدوا ما يقوم به ذلك الشباب الطائش، فكما إنه ليس بمقدور أهل هذه البيوت منع أولئك من الكتابة على جدرانهم كذلك فإنه ليس بمقدورهم الوقوف في وجوههم أو حتى المغامرة بتقديم النصيحة لهم، فلا يكون لهم سوى آثار التراشق اليومي بين الطرفين «المتحاربين».
مأساة بمعنى الكلمة ذلك الطريق الذي كان دائماً جميلاً ويسلكه الكثيرون للاستمتاع به وبأجوائه الريفية البحرينية الرائعة، ومؤلم ما آل إليه حاله وحال البيوت الواقعة فيه وحال أهلها الذين لا يوافق أغلبهم الشباب ولا يشاركونهم تلك الأفعال التي تسيء إليهم قبل أن تسيء إلى السلطة.
ما يقوم به أولئك المؤتمرون بأمر ما يسمى ائتلاف فبراير والمنفذين لرغبات بعض الجمعيات السياسية التي لم يعد يهمها حال الناس قدر ما يهمها تحقيق «نصر» وهمي تصوره للناس على أنه هو النصر المبين، ما يقوم به ذلك الشباب هو في كل صوره جريمة بحق ساكني القرى الذين لم يعودوا يأمنون على حياتهم ولا يعرفون الاستقرار وراحة البال ويتوقعون السوء في كل لحظة.
ما حدث ويحدث لأهل القرى من البسطاء نتيجة لتوسيع البعض مساحة أحلامه يعد جريمة في حقهم وفي حق الوطن. ما يحدث لهؤلاء يتحمل وزره محرضو الشباب على تلك الأفعال، وليست الجمعيات السياسية منهم براء، خصوصاً جمعية الوفاق التي من الواضح أنها تبارك تلك الأفعال ولم يعد يهمها ما يجري على الناس من أمور.
من يمر في ذلك الطريق يدرك على الفور ما يحدث في تلك المنطقة وعلى الخصوص ليلاً، ويمكنه أن يتخيل عمليات الكر والفر التي تتم وما يعانيه رجال الأمن والمواطنون الساكنون في المكان معاً من رعونة ذلك العمل الذي من الواضح أن فاعليه لا يستطيعون النظر إلى أبعد من موطئ أقدامهم، ولعلهم لا يدركون ما يقومون به، أو على الأقل لا يدركون ما يراد منهم عبر هذا الفعل المشين.
ترى كيف لأصحاب البيوت الواقعة في تلك المناطق -وغيرها من المناطق في القرى الأخرى- التصرف في حالة اضطرارهم لأخذ طفل مريض أو عجوز أو شابة على وشك الولادة إلى المستشفى؟ كيف لهم أن يخرجوا وأن يجتازوا تلك الموانع التي تسد بها الطرقات؟ كيف لهم أن يدخلوا وسط التراشق بين الشباب الذي يحمل زجاجات المولوتوف الحارقة ويشعل النيران في إطارات السيارات وخزانات المياه البلاستيكية وغيرها ورجال الأمن الذين يردون بمسيلات الدموع بغية تفريقهم؟ وحتى لو لم تكن لدى سكان تلك البيوت حالة طارئة؛ كيف لهم أن يعيشوا في منطقة لا تعرف الهدوء وتحولت مع سبق الإصرار والترصد إلى ساحة معارك لا يهدأ فيها الدخان، ويفعل ما ينتج عنه من روائح وأضرار فيهم الفعل الكثير؟
للأسف فإن المتضرر الأكبر مما يحدث هم سكان تلك البيوت الذين ليسوا بالضرورة موافقين على ما يقوم به أولئك الشباب وإن آثروا السكوت، فالسكوت هنا لا يعني الرضا وليس علامة له، لكنه غالباً ناتج عن الخوف ومنطلقاً من مقولة «الباب اللي يجي لك منه الريح»، فهم يتوقعون أن تتم معاداتهم لو أنهم رفعوا الصوت وانتقدوا ما يقوم به ذلك الشباب الطائش، فكما إنه ليس بمقدور أهل هذه البيوت منع أولئك من الكتابة على جدرانهم كذلك فإنه ليس بمقدورهم الوقوف في وجوههم أو حتى المغامرة بتقديم النصيحة لهم، فلا يكون لهم سوى آثار التراشق اليومي بين الطرفين «المتحاربين».
مأساة بمعنى الكلمة ذلك الطريق الذي كان دائماً جميلاً ويسلكه الكثيرون للاستمتاع به وبأجوائه الريفية البحرينية الرائعة، ومؤلم ما آل إليه حاله وحال البيوت الواقعة فيه وحال أهلها الذين لا يوافق أغلبهم الشباب ولا يشاركونهم تلك الأفعال التي تسيء إليهم قبل أن تسيء إلى السلطة.
ما يقوم به أولئك المؤتمرون بأمر ما يسمى ائتلاف فبراير والمنفذين لرغبات بعض الجمعيات السياسية التي لم يعد يهمها حال الناس قدر ما يهمها تحقيق «نصر» وهمي تصوره للناس على أنه هو النصر المبين، ما يقوم به ذلك الشباب هو في كل صوره جريمة بحق ساكني القرى الذين لم يعودوا يأمنون على حياتهم ولا يعرفون الاستقرار وراحة البال ويتوقعون السوء في كل لحظة.
ما حدث ويحدث لأهل القرى من البسطاء نتيجة لتوسيع البعض مساحة أحلامه يعد جريمة في حقهم وفي حق الوطن. ما يحدث لهؤلاء يتحمل وزره محرضو الشباب على تلك الأفعال، وليست الجمعيات السياسية منهم براء، خصوصاً جمعية الوفاق التي من الواضح أنها تبارك تلك الأفعال ولم يعد يهمها ما يجري على الناس من أمور.